فرنسا تحذر من توسع الإخوان.. تهديدات متجددة وتحركات خفية

فرنسا تحذر من توسع الإخوان.. تهديدات متجددة وتحركات خفية

فرنسا تحذر من توسع الإخوان.. تهديدات متجددة وتحركات خفية
جماعة الإخوان

في خطوة تعكس قلقًا متزايدًا من تنامي نفوذ الإخوان الإرهابية، حذر رئيس الاستخبارات الإقليمية الفرنسية، برتران شامولود، من أن الجماعة تسعى بشكل متسارع لتعزيز وجودها في فرنسا وأوروبا عبر استراتيجيات متخفية تهدف لفرض تأثيرها الأيديولوجي والمجتمعي.

يأتي هذا التحذير في وقت تتصاعد فيه التحركات الدولية لمواجهة التنظيم، خاصة مع اتساع شبكاته في القطاعات المجتمعية الحساسة. فما الجديد في هذه التهديدات؟ وكيف تستعد فرنسا لمواجهتها؟ 

مشروع أيديولوجي منظم


أكد شامولود، أن جماعة الإخوان تمتلك مشروعًا أكثر تنظيمًا من التيارات السلفية، حيث تعمل على تحقيق أهدافها طويلة الأمد من خلال بناء قواعد اجتماعية راسخة بدلاً من استخدام القوة الصارمة.

وأشار أن خطورة الجماعة تكمن في قدرتها على التغلغل داخل المجتمعات من خلال قطاعات مثل: الرياضة، والصحة، والتعليم.

وأضاف: أن الجماعة تعتمد على أساليب خطابية تروج لفكرة "الضحية"؛ مما يعزز شعورًا بالاضطهاد لدى بعض المسلمين المعتدلين، خاصة عند اتخاذ إجراءات قانونية ضد مساجد أو شخصيات مرتبطة بها.

تحركات داخلية وخارجية


على المستوى الداخلي، أطلقت فرنسا عددًا من الخطط الاستراتيجية لمواجهة هذا النفوذ. وفي ربيع 2024، أعلن وزير الداخلية السابق جيرالد دارمانان عن مبادرة شاملة تتضمن مراقبة الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالجماعة، وتعزيز الوعي بالمخاطر التي قد تنطوي على التعاون غير الواعي معها.

وكان "قانون الانفصالية" الذي طرحه الرئيس إيمانويل ماكرون، أداة رئيسية في هذه المواجهة، حيث يتيح مراقبة التمويلات الأجنبية التي تتدفق إلى الجماعات الإسلامية، ويضمن تعزيز الرقابة على الأنشطة التي قد تؤثر على القيم الجمهورية.

امتداد التأثير إلى أوروبا
لم تقتصر تحركات الإخوان على فرنسا وحدها، بل شهدت دول أوروبية أخرى نشاطًا ملحوظًا للجماعة، في ألمانيا وبريطانيا، تشير تقارير إلى تنامي تأثير الجماعة عبر شبكات من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات التعليمية، تُستخدم هذه الشبكات لنشر الأيديولوجيات الخاصة بالجماعة وتجنيد الأعضاء. 

وفي بلجيكا وهولندا، استغل التنظيم قضايا تتعلق بالمهاجرين واللاجئين لتعزيز شعبيته، معتمدًا على خطاب يعكس التهميش الاجتماعي والتمييز؛ مما يسهم في توسيع قاعدة دعمه داخل المجتمعات الإسلامية.



التحديات أمام فرنسا


تواجه فرنسا معضلة معقدة في التعامل مع نفوذ الإخوان، فمن جهة، تسعى الحكومة لحماية قيم الجمهورية ومنع الجماعة من تعزيز وجودها، ومن جهة أخرى، تحاول تجنب استعداء الجاليات المسلمة أو تعزيز مشاعر الاضطهاد.

في هذا السياق، تعمل الحكومة الفرنسية على تحقيق توازن دقيق بين تطبيق القوانين الصارمة مثل قانون الانفصالية، وبين تنفيذ برامج توعية تهدف إلى تعزيز الاندماج المجتمعي ومواجهة الأيديولوجيات المتطرفة.

الجديد في تحذيرات الاستخبارات الفرنسية هو التركيز على النهج الاستراتيجي المتكامل الذي تتبعه الجماعة لاختراق القطاعات المجتمعية الأكثر تأثيرًا.

كما يبرز التصعيد في الإجراءات الأمنية والرقابية، مع إدراك أعمق لتكتيكات الجماعة التي تعتمد على ترويج خطاب الضحية واستخدام المؤسسات الديمقراطية كأدوات لتعزيز وجودها.

تبقى المواجهة مع الإخوان الارهابية في فرنسا وأوروبا معركة طويلة الأمد، تتطلب جهدًا مشتركًا بين الحكومات والمجتمعات لمواجهة هذا التحدي المتجدد والحفاظ على استقرار الدول وقيمها الجمهورية.

ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية طارق البشبيشي: بأن التهديد الذي تشكله جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا وأوروبا يتسم بالتخفي والتكيف مع البيئات الديمقراطية؛ مما يجعل مواجهتها أكثر تعقيدًا من التيارات المتطرفة الأخرى.

وأوضح البشبيشي - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن الإخوان يعتمدون استراتيجيات متقدمة تستهدف المجتمع بشكل شامل، مشيرًا أن اختراقهم للقطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والرياضة يهدف إلى خلق "حالة نفوذ مجتمعي" طويلة الأمد تخدم مشروعهم الأيديولوجي.

وأضاف: أن الجماعة تركز على بناء شبكات معقدة قادرة على العمل في الخفاء لتحقيق أهدافها، بما في ذلك استغلال قضايا التمييز والتهميش لتجنيد الشباب ودعم أجندتهم.