من شرقها إلى غربها.. ليبيا تنتصر للإعمار على الفوضى ومخططات الإخوان

من شرقها إلى غربها.. ليبيا تنتصر للإعمار على الفوضى ومخططات الإخوان

من شرقها إلى غربها.. ليبيا تنتصر للإعمار على الفوضى ومخططات الإخوان
ليبيا

شهدت ليبيا في عام 2024 تحولًا جذريًا يُجسد رغبة شعبية قوية في تجاوز سنوات من الصراعات والانقسامات.


هذا العام، الذي يُوصف بعام التغيير والتحولات الكبرى، مثّل نقطة فارقة في مسيرة ليبيا نحو الأمن والاستقرار، تنوعت التطورات بين تحقيق إنجازات ملموسة في مجالات الإعمار والتنمية، وبناء مؤسسات الدولة، وبين حسم ملفات شائكة مثل المصالحة الوطنية ومواجهة نفوذ الميليشيات والجماعات المتطرفة، لكن رغم هذه الإنجازات، ما تزال ليبيا تواجه تحديات كبيرة على صعيد إعادة هيكلة النظام السياسي، وإبعاد شبح التدخلات الخارجية.


*الإعمار والتنمية.. بداية الأمل*


مع بداية عام 2024، شهدت ليبيا انطلاقة مشروعات إعمار واسعة، خاصة في مناطق الشرق والجنوب التي عانت الإهمال طويلًا. شملت هذه المشاريع إعادة تأهيل الطرق المتهالكة، وإنشاء شبكات صرف صحي حديثة، وتطوير المرافق العامة التي كانت تفتقر إلى البنية الأساسية اللازمة لتلبية احتياجات السكان المتزايدة.


كما أُعيد تأهيل المرافق الصحية والتعليمية في عدة مدن، ما ساهم في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.


صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا كان اللاعب الرئيسي في هذه التحولات، إذ أطلق حزمة مشروعات تنموية بقيمة مليارات الدولارات.


تنوعت المشاريع بين بناء مستشفيات حديثة، وتطوير مدارس متميزة، وتحديث البنية التحتية للطاقة والمياه. هذه الجهود حوّلت مدن الشرق والجنوب إلى مراكز جذب للاستثمارات الدولية، حيث توافدت شركات عالمية لإعادة بناء ما دمرته سنوات النزاع.


في الوقت نفسه، لعب الاستقرار الأمني دورًا محوريًا في تعزيز ثقة المستثمرين، ما مهد الطريق لازدهار اقتصادي واعد في تلك المناطق.


*نقل النجاحات إلى الغرب*


على الرغم من الصعوبات الأمنية التي تواجهها المنطقة الغربية في ليبيا، لم تُحرم هذه المنطقة من الاستفادة من مشروعات التنمية.


أُطلقت خطط لتطوير البنية التحتية، تشمل إصلاح الطرق وإنشاء شبكات كهرباء ومياه حديثة لتحسين حياة المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، استهدفت الجهود معالجة أزمات قطاعي الصحة والتعليم من خلال إنشاء مرافق صحية متقدمة ومدارس جديدة مزودة بتقنيات تعليم حديثة.


مدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، المهندس بالقاسم حفتر، كان حاسمًا في توجيه المشاريع نحو المنطقة الغربية.
خلال لقاءاته مع عمداء البلديات، تعهد بتلبية الاحتياجات الأساسية للبلديات، بما يشمل صيانة المستشفيات وتجهيز المدارس، مع التركيز على بناء مراكز خدمية في المناطق الريفية التي عانت الإهمال. ورغم التحديات الأمنية، أكدت هذه الجهود، أن عجلة التنمية تشمل كافة أنحاء ليبيا، ما يعزز أجواء الوحدة الوطنية.

*إعادة بناء الجيش الليبي.. ركيزة الأمن*


شهد عام 2024 خطوات عملية وحاسمة نحو إعادة بناء الجيش الليبي كركيزة أساسية للاستقرار. تضمنت هذه الخطوات افتتاح منشآت رياضية جديدة مثل برج "سكاي دايف بنغازي" المخصص للرياضات الجوية، والذي أنشئ بمقر الكتيبة (87) تدخل سريع - التابعة لرئاسة أركان القوات البرية. الهدف من هذه المنشآت هو تعزيز الجانب البدني والنفسي للعناصر العسكرية، بالإضافة إلى تكثيف تدريباتهم الميدانية.


وفي خطوة لتطوير قدراتهم القتالية، افتتح الجيش دورات تدريبية متخصصة لتشغيل مدافع حديثة من طراز 122 D-30 و130 M-46؛ مما يضمن تحديث الأساليب التكتيكية للقوات.


كما جرى تعزيز التدريب على مواجهة التهديدات الحدودية وتأمين المناطق الحيوية، ما يساهم في حماية المكتسبات التنموية ومواجهة المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون.
هذه الجهود ليست مجرد استثمار في القدرات العسكرية، بل هي ركيزة لحماية الأمن القومي وتعزيز الثقة في قدرة الدولة على فرض سيادتها. 

*المصالحة الوطنية: طي صفحة الماضي*


شكلت المصالحة الوطنية أحد أهم محاور التغيير هذا العام. أُعيد بناء جسور الثقة بين مكونات الشعب الليبي عبر توقيع ميثاق مصالحة بين قبائل التبو والعرب في مدينة مرزق. كما ناقش مجلس النواب مسودة قانون العدالة الانتقالية والمصالحة، الذي يُتوقع أن يسهم في حل النزاعات العالقة وتعويض المتضررين.


من المبادرات الواعدة تنظيم مؤتمر دولي للمغتربين الليبيين، يُتوقع أن يعزز الروابط الوطنية ويعيد دمج الكفاءات الليبية في عملية التنمية.

*إخماد نفوذ الميليشيات*


عام 2024 كان محوريًا في المعركة ضد الميليشيات المسلحة التي طالما شكلت عائقًا أمام استقرار ليبيا. مثّل مقتل عبد الرحمن ميلاد المعروف بـ"البيدجا"، أحد أبرز قادة شبكات التهريب في غرب ليبيا، تحولًا كبيرًا في جهود الدولة لتفكيك شبكات الإجرام.

البيدجا كان متورطًا في تهريب البشر والوقود عبر البحر المتوسط، واعتُبر رمزًا للإفلات من العقاب طيلة سنوات.


إضافة إلى ذلك، أُلقي القبض على محمد بحرون الشهير بـ"الفار"، زعيم ميليشيا بارزة متورطة في أعمال عنف واختطاف وابتزاز داخل مدينة الزاوية.


هذه العمليات الأمنية عززت ثقة الشعب في قدرة الدولة على استعادة السيطرة، ووجهت رسالة واضحة بأن زمن سيطرة الميليشيات يقترب من نهايته.


هذه التطورات جاءت نتيجة تنسيق أمني مكثف ودعم دولي لمساعدة ليبيا على التخلص من التهديدات الأمنية. 

*الإخوان في مواجهة الانقسامات*


عام 2024 شهد تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا أزمة داخلية عميقة، تجلت في انشقاقات غير مسبوقة أضعفت قوته السياسية.
تصاعدت الخلافات حول قيادة المجلس الأعلى للدولة، الذي كان يُعتبر أحد أهم أدوات التنظيم للتأثير في المشهد السياسي.
هذه الصراعات الداخلية خرجت إلى العلن مع تبادل الاتهامات بين التيارات المتنافسة داخل التنظيم حول سوء الإدارة واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح شخصية. 


الانقسامات أثرت بشكل مباشر على قدرة الإخوان على حشد الدعم في الأوساط الشعبية والسياسية. كما أن الخلافات زادت من تآكل مصداقيتهم بين الحلفاء؛ ما أدى إلى تراجع دورهم في مفاوضات المصالحة الوطنية والعملية السياسية، وأفسح المجال أمام قوى سياسية أخرى لتعزيز حضورها.

*انتخابات تاريخية.. نحو الديمقراطية*


لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، شهدت ليبيا تنظيم انتخابات بلدية واسعة النطاق، شارك فيها 77% من الناخبين المسجلين، في خطوة أكدت رغبة الليبيين في استعادة المسار الديمقراطي.

الانتخابات شملت مدنًا ومناطق كانت تعاني اضطرابات أمنية، لكن نجاحها النسبي أظهر تقدمًا ملموسًا في تعزيز الاستقرار.


رغم محاولات بعض الأطراف المسلحة عرقلة سير العملية الانتخابية، اقتصرت الخروقات على أحداث طفيفة في عدد محدود من المراكز الانتخابية، ما يعكس نضجًا سياسيًا ورغبة حقيقية لدى المواطنين في إنهاء حالة الفوضى.


المراقبون الدوليون أشادوا بالإدارة المحايدة للعملية الانتخابية، معتبرين أنها تمثل خطوة أولى نحو استعادة الثقة في مؤسسات الدولة، وإعادة بناء المشهد السياسي على أسس أكثر ديمقراطية. 

*إنجازات النفط.. عصب الاقتصاد الليبي* 


يذكر أن قطاع النفط الليبي حقق انتعاشًا غير مسبوق، حيث وصلت معدلات الإنتاج اليومية إلى أرقام قياسية لم تسجل منذ أكثر من عقد.
كما استضافت بنغازي معرضًا دوليًا للنفط والغاز؛ ما عزز مكانة ليبيا كواحدة من الدول الرائدة في هذا القطاع الحيوي.