مِن رفع الحماية للتعذيب وحتى الوفاة.. نوف المعاضيد ضحية جديدة للنظام القطري

تعد الناشطة نوف المعاضيد ضحية جديدة للنظام القطري حيث قتلت بعد وصولها إلي الدوحة

مِن رفع الحماية للتعذيب وحتى الوفاة.. نوف المعاضيد ضحية جديدة للنظام القطري
نوف المعاضيد

غياب تام واختفاء مريب، بعد أيام منذ أن وطئت قدماها أرض الدوحة، وطنها الذي ابتعدت عنه لأعوام بسبب معاناة المرأة البالغة في قطر، فتسقط ضحية رفع الحماية عنها، وتلقى تعذيبا مريرا أنهى حياتها الشابة التي لم تتجاوز منها ٢٤ عاما.

اختفاء نوف المعاضيد

نوف المعاضيد، شابة قطرية، تبلغ من العمر ٢٣ عاما، هربت قبل أعوام من ظلم أسرتها والعنف المنزلي، وانتهاكات بلادها التي ترسخ من التمييز ضد المرأة، فلم تتمكن على غرار أخريات من الاستمرار في ذلك العيش الضنك الذي يفتك بأرواح النساء يوما بعد يوم، لتقيم في بريطانيا لفترة، قبل أن تشتاق للدوحة وتعود مرة أخرى في سبتمبر الماضي، لكنها لم تكن تعلم أنها ستودع الحياة تماما.

في نهاية سبتمبر الماضي، وصلت الناشطة القطرية نوف المعاضيد، ولكنها اختفت تماما بعد ذلك، وتوقفت عن التدوين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتتردد أنباء عن اختطاف أسرتها لها وتعذيبها، قبل أن تخرج مفاجأة جديدة منذ ساعات.

مقتل الشابة القطرية

وكشف مركز الخليج لحقوق الإنسان عن مقتل الناشطة القطرية نوف المعاضيد، وذلك بعد أسابيع من عودتها إلى بلادها متخلية عن طلب لجوء في بريطانيا.

وقال المركز: إن المعاضيد اختطفت من قبل أفراد عائلتها في وقتٍ متأخر من مساء يوم 13 أكتوبر 2021، بعد أن أمرت السلطات العليا ضباط الشرطة الذين كانوا يرافقونها برفع حمايتهم عنها وتسليمها إلى الأسرة.

وكانت نوف المعاضيد حصلت على وعدٍ بالحماية قبل عودتها إلى قطر، إلا أن أحد أفراد أسرة نوف قتلها في نفس الليلة، وفقا لمركز الخليج.

وأوضح أنه لم يكن من الممكن تأكيد ما حصل من قبل الحكومة القطرية، التي تتبع سياسة السكوت المطبق في هذه القضية.

وشدد مركز الخليج لحقوق الإنسان على أن "أمير قطر الشيخ تميم بن حمد لم يستطع تقديم الحماية اللازمة لمواطنة لم ترتكب أي مخالفة تُذكر، وعادت طواعية إلى بلدها بناءً على وعودٍ كثيرة من السلطات بتوفير الحماية الكاملة لها".

المعاضيد تنبأت بمقتلها

وقبل فترة من مقتلها، تنبأت نوف به، حيث أبدت مخاوفها في فيديو نشرته ضمن تغريدة على حسابها في تويتر عن تعرضها لثلاث محاولات اغتيال فاشلة من قبل أسرتها.

وقالت المعاضيد أيضا إن والدها دخل إلى باحة الفندق الذي كانت تقيم فيه، بالرغم من كونه أحد معنفيها الرئيسيين والسبب في هروبها من منزلها، قائلة في تغريدة: "الشيخ تميم الوحيد الذي يستطيع وقف الخطر على حياتي بيديه".

وكانت المعاضيد قد نشرت على حسابها عبر موقع إنستغرام فيديو أوضحت فيه تفاصل عودتها إلى العاصمة الدوحة في 30 سبتمبر 2021.

أين اختفت نوف؟

اختفاء نوف المعاضيد بعد عودتها للدوحة، أثار مخاوف وشكوكاً عديدة، منها تقرير موسع نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، تحت عنوان "أين نوف؟"، بشأن الناشطة في مجال حقوق المرأة في قطر التي فرت إلى بريطانيا هربًا من الانتهاكات ثم عادت إلى وطنها بنهاية سبتمبر الماضي، ثم تلاشت تاركة صديقاتها في حالة من القلق البالغ.

ورسخت تلك المخاوف ما نشرته المعاضيد، في مقطع فيديو على الإنترنت: "إذا لم تر أي منشورات مني في الأيام المقبلة ، فهذا يعني أنني تم تسليمي إلى عائلتي رغماً عني"، لذلك نشر أصدقاؤها مخاوفهم على وسائل التواصل الاجتماعي جنبًا إلى جنب مع هاشتاغ  #WhereisNoof، وأطلقوا ناقوس الخطر بعد أن سكتت فجأة لأيام ولم ترد على الرسائل.

وعلقت روثنا بيغوم ، باحثة أولى في مجال حقوق المرأة في "هيومن رايتس ووتش"، بقولها: "لا نعرف مكان وجودها الحالي، وما إذا كانت آمنة وما إذا كانت قادرة على التواصل مع العالم الخارجي"، مضيفة أن قضية نوف هي "رمز لكثير من النساء اللائي يتعرضن للعنف على أيدي أسرهن أو تُهدد حياتهن".

وطالبت السلطات القطرية بالتأكد من أن نوف "آمنة من أي شكل من أشكال العنف، وأنها حرة في أن تعيش حياتها كما تشاء- وأن تكون قادرة على الوصول إلى العالم الخارجي"، قائلة: "إنه أمر صعب للغاية بالنسبة للأشخاص البعيدين عن أوطانهم، في بعض الأحيان يتم خداع الناس للعودة إلى بلادهم".

قضية المعاضيد

تعود قضية نوف إلى اللجوء إلى المملكة المتحدة في عام 2019، حيث سلطت قضيتها الضوء على التمييز الذي تواجهه النساء في الدولة الخليجية الاستبدادية، قبل عامين عندما انتشر مقطع فيديو يوثق رحلتها إلى بريطانيا على نطاق واسع.

لذلك في نوفمبر 2019 ، عندما كانت تبلغ من العمر 21 عامًا ، أخذت نوف هاتف والدها واستخدمت تطبيقًا حكوميًا لمعالجة تصريح الخروج، ثم خرجت من نافذة غرفة نومها لتذهب إلى المطار، مع تصريحها، وسافرت أولاً إلى أوكرانيا ثم إلى المملكة المتحدة، حيث طلبت اللجوء.

وكشفت قضية المعاضيد جرائم نظام ولاية الرجل في قطر الذي تعتمد فيه النساء على الرجال للحصول على إذن الزواج والسفر ومتابعة التعليم العالي والحصول على الرعاية الصحية الإنجابية.

وسبق أن ظهرت نوف في ساعة المرأة على إذاعة "بي بي سي راديو 4" ، حيث تحدثت عن معاناتها التي أوضحت أنها عانت باستمرار من "الإساءة الجسدية والعاطفية" على أيدي "بعض أفراد عائلتي"، كما تم تقييد حريتها في الحركة.

وفاجأ قرارها بالعودة إلى قطر الكثيرين، حيث قالت في مقطع فيديو: إنها "عشت حياة طبيعية في المملكة المتحدة، حتى ذلك اليوم عندما شعرت أنني لا أنتمي إلى هناك، وأنني أردت العيش في بلدي الأم، ولكن كان هناك العديد من الصعوبات والمخاوف والمخاطر إذا كنت أردت العودة إلى بلدي"، موضحة: "ما زلت نفس نوف التي هربت مدافعة عن حقوق المرأة".