انهيار واستقالات جديدة.. الخلافات تتصاعد داخل حركة النهضة
خلافات وانقسامات تضرب حركة النهضة التونسية
تواجه حركة "النهضة" التونسية في هذه الآونة واحدة من أكبر الأزمات وأكثرها تعقيداً وصعوبةً منذ تأسيسها، لأن الحركة الآن لا تحاول التحرك فقط من أجل الحفاظ على حضورها السياسي والاجتماعي في المشهد التونسي، بل تكافح من أجل الحفاظ على تماسكها التنظيمي وبقائها، وذلك بعد تقدم المئات من أعضائها باستقالاتهم على مدار الأيام الماضية.
كشف حقيقة الغنوشي
وكشفت حادثة حرق قيادي سابق في حركة النهضة الإسلامية نفسه داخل المقر المركزي للحركة في منطقة “مونبليزير” بالعاصمة تونس حجم الخلافات بين القيادة وجزء كبير من القواعد والعناصر المهمشة.
وقام سامي السيفي العضو السابق في الحركة وأحد المتهمين في قضية حرق مقر حزب التجمع المنحل (حزب زين العابدين بن علي) في منطقة باب سويقة في بداية التسعينيات بإضرام النار في جسده الأسبوع الماضي ما خلف حريقا هائلا تسبب في إصابة عدد من قيادات الحركة وفي مقدمتهم نائب الرئيس علي العريض ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني.
وذكر تقرير عن مؤسسة " رؤية" أن هذه الحادثة فتحت الأبواب حول حقيقة العلاقة التي تربط قيادة النهضة بقواعدها أو عناصرها السابقة وذلك بعد الصورة الوردية التي حاولت القيادة ترويجها بوجود انضباط وتفاهمات متينة داخل الحركة الإسلامية على أسس عقائدية تمنع حدوث انشقاقات أو خلافات حادة.
ورغم ما تردد بأن السيفي أضرم النار في جسده بسبب وضعيته الاجتماعية السيئة وبسبب طرده من مقر النهضة حيث كان يعمل عون استقبال لكن قيادات سابقة أو حالية في الحركة شككت في الرواية بذريعة أن القيم التي تربى عليها أبناء الحركة تمنعهم من الانتحار من أجل مصالح مادية.
وهذا الطرح أكده القيادي السابق في النهضة عبد اللطيف المكي الذي كتب في صفحته الرسمية على الفيسبوك تدوينة يستبعد من خلالها أن تكون الحادثة نتيجة لأسباب مادية.
وهذا ما أكدته أرملة سامي السيفي حين خرجت إلى الإعلام لتؤكد أن وضعية العائلة الاقتصادية ليست سيئة ليقوم زوجها بإحراق نفسه مشيرة إلى أن التجاهل ونكران الجميل ربما كانا دافعين إضافة إلى الاستفزازات المتكررة.
وأكدت أن زوجها طالب مرارا بمقابلة رئيس النهضة راشد الغنوشي لكن تم رفض طلبه دون تبرير ذلك منددة بالمعاملة السيئة لزوجها الذي قضى 15 سنة في السجن بسبب انتمائه للحركة.
وأشارت أرملة سامي السيفي بأنها سترفع قضية ضد النهضة ورئيسها راشد الغنوشي لمعرفة حقيقة الوفاة في تلميح لإمكانية تعرض زوجها للاستفزاز والعنف اللفظي حتى يقوم بإحراق نفسه بتلك الطريقة المأساوية.
خلافات في النهضة
كريم عبد السلام القيادي السابق في حركة النهضة كشف عن حقيقة العلاقة التي تجمع قيادات وبعض قواعد النهضة الذين استخدموا كحطب معركة ضد نظام زين العابدين بن علي.
وأكد كريم عبد السلام أن الكثير من القواعد الذين دخلوا السجون يعيشون حالة من التيه والفقر مؤكدا أن القيادات المحيطة بالغنوشي هي المنتفعة ماديا وسياسيا من الوضع الحالي.
وقال كريم عبد السلام إنه يشكك في رواية حركة النهضة بخصوص وفاة رفيقه قائلا إنه وقع استفزازه وطرده من قبل رئيس مجلس الشورى عيد الكريم الهاروني.
وقال عبد السلام إن من ضحوا بأنفسهم من أجل الحركة الإسلامية يعانون التهميش في حين أن قيادات لم يكن لها تاريخ نضالي وأن ميزتها الوحيدة مصاهرة رئيس الحركة راشد الغنوشي على غرار رفيق عبد السلام يتمتعون بالمال والوجاهة.
صراع شديد
وتشهد الحركة صراعا بين قيادات الداخل في النهضة وهي التي استغلها الغنوشي في الصراع مع النظام وقيادات الخارج التي انتظرت فرصة الثورة للعودة وتحقيق مكاسب، ولعل هذا الصراع دفع قيادات كثيرة في حركة النهضة لتقديم استقالتها وتحميل الغنوشي والمحيطين به أزمة الحركة.
ويرى مراقبون أن حركة النهضة التونسية تعيش آخر سنواتها بعد استقالة الكثير من قياداتها وعدم ثقة القواعد في قيادتها.
وأكد القيادي المستقيل من حركة النهضة في تونس، عماد الحمامي، أنه "لا مستقبل للحركة بالطريقة التي يسيرها بها راشد الغنوشي".
واعتبر الحمامي، في تصريحات لوسائل إعلام تونسية أن الحركة أضاعت فرصة إصلاح نفسها ومراجعة طريقة تسييرها"، بعد القرارات التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو الماضي.
كما حمّل الحمامي الغنوشي مسؤولية "سوء حوكمة النهضة"، مشدداً على أن "حادثة إضرام كهل النار في جسده داخل مبنى الحركة هو نتيجة لتسييره".