من هم القادة الذين فقدتهم حماس في معركتها مع إسرائيل؟
من هم القادة الذين فقدتهم حماس في معركتها مع إسرائيل؟

لم تعد عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل بحق قادة المقاومة الفلسطينية مجرد أحداث عابرة أو ردود فعل محدودة، بل تحولت إلى إستراتيجية مستمرة تستهدف شلّ البنية القيادية لحركة حماس وإضعاف قدرتها على التنسيق العسكري والسياسي.
منذ عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023، تكثفت الضربات الإسرائيلية بشكل لافت، واتسعت رقعتها الجغرافية لتشمل غزة، الضفة الغربية، وحتّى العواصم الإقليمية مثل: الدوحة وطهران، هذه السلسلة الدموية طالت أبرز الأسماء الثقيلة في الحركة، من صالح العاروري إلى إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف، وصولًا إلى شخصيات أمنية بارزة مثل: محمود أبو وطفة وأسامة طبش، ومع كل عملية اغتيال، تعلن إسرائيل أنها توجه "ضربة حاسمة" لحماس، لكن استمرار الهجمات الفلسطينية يشير إلى أن الحركة ما تزال قادرة على إعادة تشكيل هياكلها التنظيمية.
تصعيد غير مسبوق
منذ فجر السابع من أكتوبر 2023، دخلت إسرائيل وحركة حماس مرحلة غير مسبوقة من المواجهة المفتوحة، تحولت خلالها الاغتيالات إلى أداة مركزية في عقيدة الجيش الإسرائيلي.
أحدث حلقات هذه السلسلة وقعت في العاصمة القطرية الدوحة، حيث شنت طائرات إسرائيلية غارات مركزة على منزل القيادي خليل الحيّة في حي كتارا؛ ما أسفر عن مقتل نجله همام ومدير مكتبه جهاد لبد، في محاولة لاستهداف الوفد المفاوض الذي كان يبحث مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في غزة.
تشير المعلومات إلى أن الهجوم شاركت فيه 15 مقاتلة ألقت أكثر من عشر قنابل على المبنى بشكل متزامن، فيما اعتبره مراقبون تصعيدًا غير مسبوق خارج مسرح الحرب التقليدي.
صالح العاروري
هذه العملية تندرج ضمن سلسلة طويلة بدأت باغتيال صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، في يناير 2024 داخل الضاحية الجنوبية في بيروت، وهي عملية وُصفت حينها بأنها "الأكثر دقة منذ سنوات" نظرًا لدور العاروري في التنسيق بين أذرع المقاومة في غزة ولبنان والضفة الغربية.
العاروري، الذي أمضى 15 عامًا في السجون الإسرائيلية قبل الإفراج عنه عام 2007، كان أحد مهندسي صفقة شاليط عام 2011، وشكّل غيابه ضربة معنوية وسياسية كبيرة للحركة.
مروان عيسى
توالت بعدها الضربات النوعية، حيث أكدت تل أبيب في مارس 2024 مقتل مروان عيسى، نائب القائد العام لكتائب القسام و"رجل الظل" المقرب من محمد الضيف.
ورغم أن حماس التزمت الصمت حينها، إلا أن تأكيد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أعطى مصداقية للرواية الإسرائيلية.
مقتل عيسى، الذي ظل وجهه مجهولًا لسنوات طويلة، اعتُبر محاولة لقطع رأس القيادة العسكرية التي خططت لهجمات السابع من أكتوبر.
إسماعيل هنية
ثم جاء الاغتيال الأبرز في يوليو 2024 حين استهدفت إسرائيل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، أثناء حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في طهران.
مثل هذا الاغتيال تحولًا خطيرًا، إذ نقل ساحة الصراع إلى العمق الإيراني وأحرج طهران أمام حلفائها.
يحيى السنوار
ظل اسم يحيى السنوار يتردد في إسرائيل مقرونًا بعبارة "مطلوب حيًا أو ميتًا"، حتى تمكنت في النهاية من اغتياله داخل غزة، مسقط رأسه، جاء ذلك بعد عام كامل على هجوم السابع من أكتوبر 2023، وبعد أن تولى قيادة الحركة خلفًا لإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران صيف 2024.
رأت إسرائيل في تصفية السنوار ضربة قاصمة للجناح العسكري لحركة "حماس"، لكنها فوجئت بأن العمليات المسلحة في قلب القطاع لم تتوقف، بل استمرت تستهدف قواتها حتى مع اقتراب الذكرى الثانية للهجوم الكبير.
السنوار الذي وُلد عام 1962 في مخيم خان يونس للاجئين، أمضى نحو 24 عامًا من عمره في السجون الإسرائيلية، أي ما يعادل معظم سنوات شبابه.
وهو ينحدر من عائلة أُجبرت على مغادرة عسقلان عام 1948 لتستقر في غزة، وهناك نشأ في المخيم الذي خضع لاحقًا للاحتلال الإسرائيلي بعد حرب 1967.
تعتبره تل أبيب "العقل المدبر" لهجمات أكتوبر، فيما يُجمع كثيرون على أنه كان أحد أبرز القادة السياسيين والعسكريين في الحركة، إذ لعب دورًا محوريًا في إدارة ملفات حساسة مثل العلاقات الخارجية، ومحاولات المصالحة الفلسطينية الداخلية.
محمد الضيف
في يوليو 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل محمد الضيف، القائد التاريخي لكتائب القسام، في غارة على خان يونس. الضيف، الذي نجا من سبع محاولات اغتيال سابقة، كان يُنظر إليه كرمز للمقاومة المسلحة والعقل المدبر لهجوم أكتوبر.
ورغم أن إسرائيل احتفت باغتياله بوصفه "إنجازًا استراتيجيًا"، إلا أن كتائب القسام واصلت عملياتها بعد مقتله، ما يثير تساؤلات حول مدى تأثير استهداف القيادات على القدرات العملياتية للحركة.
محمد السنوار
أكدت حركة حماس، اليوم السبت، مقتل قائدها العسكري في غزة محمد السنوار بعد أشهر قليلة من إعلان إسرائيل عن مقتله في غارة في مايو، ولم تقدم حماس تفاصيل عن مقتل محمد السنوار
لكنها نشرت صورته مع صور قادة آخرين في الحركة ووصفتهم بأنهم "القادة الشهداء الأطهار".
ومحمد السنوار هو الشقيق الأصغر ليحيى السنوار، قائد حماس الذي شارك في التخطيط لهجوم السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل، والذي قتلته إسرائيل في القتال بعد عام من ذلك، وتمت ترقيته إلى المراتب العليا في الحركة بعد وفاة شقيقه.
أبو وطفة والجماصي وطبش
خلال عام 2025، اتسع نطاق الاستهداف ليشمل شخصيات أمنية وإدارية في غزة. في مارس من ذلك العام، قُتل اللواء محمود أبو وطفة، وكيل وزارة داخلية حماس، إلى جانب القيادي محمد الجماصي ومدير الأمن الداخلي بهجت أبو سلطان.
بعد يومين فقط، اغتيل أسامة طبش، رئيس جهاز مخابرات حماس، والذي نُسب إليه دور رئيسي في التخطيط لـ"طوفان الأقصى". وأعلنت حماس في مارس أيضًا استشهاد القيادي صلاح البردويل في قصف إسرائيلي على خان يونس.
أبو عبيدة
وفي خطوة رمزية أثارت جدلًا واسعًا، أعلنت إسرائيل في أغسطس 2025 اغتيال أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، في غارة على غزة، رغم أن حماس لم تؤكد أو تنف الخبر.
أبو عبيدة، الذي ارتبط اسمه منذ 2006 بعمليات المقاومة، كان يمثل صوت الحركة وصورتها الإعلامية أمام العالم.
تحليل الخبراء يشير إلى أن هذه الاغتيالات تهدف إلى تفكيك القيادة الميدانية والسياسية لحماس، وإرباك قدرتها على اتخاذ قرارات سريعة، إلا أن الحركة طورت أساليب بديلة للاتصال وإعادة بناء هياكلها التنظيمية.
تجربة السنوات الماضية تظهر أن حماس سرعان ما تفرز قيادة بديلة، وأن تأثير الاغتيالات غالبًا ما يكون مؤقتًا على المستوى العملياتي، لكنه يترك أثرًا نفسيًا عميقًا على المجتمع الفلسطيني، ويؤجج دورة الانتقام المتبادل.