من الصحراء إلى واشنطن.. مساعي لتصنيف البوليساريو إرهابية
من الصحراء إلى واشنطن.. مساعي لتصنيف البوليساريو إرهابية

في ظل تصاعد التهديدات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، تتسارع التحركات داخل دوائر صنع القرار الأمريكي نحو تبني مقاربة أكثر حزمًا إزاء الجماعات الانفصالية ذات الارتباطات المشبوهة بالتنظيمات الإرهابية.
تتجه الأنظار إلى جبهة البوليساريو، التي تجد نفسها اليوم في قلب نقاش سياسي وأمني متقدم داخل واشنطن حول احتمال إدراجها في قوائم الإرهاب الأمريكية.
بعد عقود من تعامل دبلوماسي حذر مع النزاع الإقليمي حول الصحراء، يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة دونالد ترامب بصدد إعادة ضبط بوصلتها تجاه هذا الملف، من خلال ترجمة اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية إلى إجراءات عملية، تتجاوز الجانب الرمزي نحو تفعيل آليات ردع للجهات التي تهدد استقرار المنطقة.
دعم مغربي وتحذيرات أمريكية
خلال لقاء جمعه مؤخرًا بوزير الخارجية المغربي، عبّر النائب الجمهوري وعضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي، جو ويلسون، عن دعمه العلني للشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمملكة المغربية، مؤكدًا على ضرورة مواجهة التهديدات القادمة من ميليشيا البوليساريو.
ويلسون لم يخفي وجود معطيات استخباراتية تشير إلى صلات هذه الجبهة الانفصالية بأجندات تخريبية تقودها إيران عبر أذرعها في المنطقة، على غرار مليشيات حزب الله.
تصريحات ويلسون تتقاطع مع مواقف عدد من الفاعلين السياسيين في واشنطن، والذين يرون في البوليساريو تهديدًا مباشرًا للاستقرار في شمال إفريقيا، وخصوصًا في ظل تزايد التقارير التي تربطها بالجماعات المتطرفة الناشطة في الساحل، وتورط بعض عناصرها في عمليات تهريب وتجنيد.
أدلة استخباراتية وشهادات خبراء
تجمع العديد من القراءات الأمنية على أن "جبهة البوليساريو" تتوفر فيها مجمل الشروط القانونية والموضوعية التي تضعها في مصاف الجماعات الإرهابية، خصوصًا بالنظر إلى سجلها في خرق القانون الدولي وارتكاب أعمال عدائية ضد المدنيين منذ نشأتها.
وتشير مصادر متطابقة، أن هذا التنظيم يعمل كأداة وظيفية لأجندات خارجية، تخدم مشاريع تقويض الاستقرار في شمال إفريقيا، عبر تحالفات مشبوهة مع ميليشيات تعمل لحساب قوى إقليمية تسعى لإشعال التوتر في المنطقة، بما يهدد الأمن الجماعي، ويمتد تأثيره نحو جنوب أوروبا.
في السياق ذاته، تتحدث تقارير عن نقاش داخلي متصاعد في دوائر القرار الأمريكي بشأن إمكانية إدراج "البوليساريو" في قوائم الإرهاب، في خطوة لم تعلن رسميًا بعد، لكنها تلقى زخمًا متزايدًا.
هذه النقاشات تنطلق من قناعة بأن هذا التصنيف من شأنه أن يعيد رسم التوازنات الإقليمية ويضع حدًا للغموض الذي لطالما اكتنف موقف بعض العواصم الغربية من هذا الملف، ويشكل في الوقت نفسه انتصاراً واضحاً للطرف المغربي.
التحول الحاصل في الخطاب الأمريكي بشأن هذه القضية ينظر إليه كإعادة تموضع استراتيجي، يعكس مراجعة دقيقة لأولويات واشنطن في منطقة الساحل والصحراء.
المغرب أصبح يعتبر فاعلاً مركزيًا في جهود الاستقرار الإقليمي، ما يبرر الدعم المتزايد لمواقفه، لاسيما في ظل مؤشرات ميدانية توثق تورط بعض عناصر الجبهة في شبكات عابرة للحدود ترتبط بالجريمة المنظمة والإرهاب.
ويقول المحلل السياسي المغربي نبيل عبد اللاوي: إن التوجه الأمريكي نحو تصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية يعكس إدراكًا متزايدًا لطبيعة التهديدات الأمنية التي تمثلها هذه الجماعة، سواء من خلال أنشطتها العسكرية أو ارتباطاتها التنظيمية في منطقة الساحل.
وأوضح عبد اللاوي -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن أي خطوة من هذا النوع لن تكون مجرد إجراء قانوني أو إداري، بل هي رسالة سياسية قوية تعيد ضبط العلاقة بين واشنطن والمنطقة المغاربية على أساس أولويات جديدة، تغلب منطق الأمن والاستقرار على الاعتبارات الجيوسياسية التقليدية، وتصنيف البوليساريو ضمن قوائم الإرهاب الأمريكية من شأنه أن يحدث تحولاً نوعيًا في موازين القوى على الأرض، ويعزز موقف المغرب في المحافل الدولية، ويضعف الخطاب الانفصالي الذي تستثمر فيه بعض الأطراف الإقليمية.