غياهب صيدنايا.. مساعٍ تركية لكشف أقبية الجحيم السوري.. ما القصة؟
غياهب صيدنايا.. مساعٍ تركية لكشف أقبية الجحيم السوري.. ما القصة؟
وسط أجواء مشحونة بالتوتر والترقب، يبرز سجن صيدنايا السوري كأحد أكثر المواقع غموضًا ورعبًا في العالم. هذا السجن، الذي وصفته منظمة العفو الدولية ذات يوم بأنه "مسلخ بشري"، يعود إلى دائرة الضوء مرة أخرى، ولكن هذه المرة من خلال مهمة إنقاذ استثنائية تقودها وكالة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، ما يدفع بهذه الجهود المكثفة هو احتمالية وجود أقبية وطوابق تحت الأرض لم تُكتشف بعد، تحبس بين جدرانها أسرارًا عن معاناة إنسانية طويلة الأمد، يقف المجتمع الدولي مشدوهًا، يتساءل عما قد تكشفه هذه المهمة، وما الذي يعنيه ذلك لمئات الآلاف من السوريين الذين يحملون في قلوبهم أملًا ضعيفًا بمعرفة مصير أحبائهم.
*تفاصيل المهمة التركية داخل السجن*
أعلنت وكالة "آفاد" التركية، عن إرسال فريق من 80 عنصرًا من الإغاثة والإسعاف مجهزين بأجهزة حديثة للكشف عن السجناء المحتملين.
كبلاي أوزيورت، مستشار العلاقات الإعلامية في "آفاد"، صرح بأن "هذه المهمة تهدف للكشف عن الحقيقة، وسيقوم رئيس الوكالة بإعطاء إحاطة إعلامية أمام سجن صيدنايا لتوضيح ما يتم العثور عليه".
ورغم تضارب التقارير حول وجود أقبية مخفية أو طوابق تحت الأرض داخل السجن، فإن فريق الإنقاذ مستمر في عمله مدفوعًا بمعلومات تفيد بإمكانية وجود سجناء عالقين أو معتقلين في ظروف لم يسبق الكشف عنها.
*تاريخ السجن.. ذاكرة مليئة بالعذاب*
يقع سجن صيدنايا على بعد حوالي 30 كيلومترًا شمال العاصمة دمشق، وهو يعتبر أحد أبرز وأشهر رموز القمع والعنف للنظام السوري منذ عقود، توصف الزنازين فيه بأنها مسرح لأبشع الانتهاكات الإنسانية.
وتشير تقديرات "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا"، أن أكثر من 30 ألف شخص قد لقوا حتفهم فيه بين 2011 و2018 بسبب التعذيب، أو الإعدام، أو الإهمال المتعمد.
صور الناجين من السجن، الذين خرجوا بأجساد هزيلة ونظرات تائهة، كانت بمثابة صدمة للمجتمع الدولي، ما جعل صيدنايا مرادفًا لمعاناة لا يمكن تصورها.
*دور المعارضة والفصائل المسلحة*
يُذكر أن تحرير سجن صيدنايا لفترة وجيزة من قبضة النظام جاء على يد فصائل المعارضة المسلحة خلال سنوات الحرب، وهو ما أتاح للعالم نافذة صغيرة لرؤية أهوال هذا المكان. لكن عودة السيطرة للنظام السوري أعادت هذا السجن إلى الغموض، تاركة مصير آلاف المعتقلين مجهولًا.
*أمل مشوب بالريبة*
منظمة "الخوذ البيضاء" السورية، المعروفة بجهودها الإنسانية في مناطق النزاع، قامت سابقًا بعمليات بحث داخل السجن، إلا أن تلك العمليات لم تثمر عن نتائج حاسمة. ورغم نفي رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا لوجود طوابق تحت الأرض، فإن الجهود التركية تشير إلى إصرار على فحص جميع الفرضيات، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية للكشف عن مصير المفقودين في سوريا.
*السجن في عيون العالم*
الاهتمام الدولي بسجن صيدنايا يعكس مدى ارتباطه بجرائم الحرب والانتهاكات الممنهجة التي شهدتها سوريا.
الصور المسربة، التي أظهرت الهياكل العظمية والوجوه الشاحبة، زرعت في ذاكرة العالم صورة لا تُمحى عن هذا المكان.
وقد وصفت منظمات حقوق الإنسان هذا السجن بأنه "مقبرة للأحياء"، حيث تتحول الجدران إلى شهود على جرائم صامتة.
مراقبون أكدوا، أن عمليات البحث التركية قد تكشف حقائق جديدة عن هذا السجن المظلم، موضحين أن الإجابة قد تحمل معها انفراجة لعائلات السجناء الذين ينتظرون معلومة واحدة عن أحبائهم، وتابعوا، في ظل تضارب الروايات حول بنية السجن وسنوات من التعتيم، فإن النتائج قد تكون أكثر تعقيدًا مما يتخيله البعض.