مدن الصواريخ الإيرانية.. استراتيجية جديدة أم دعاية؟.. خبراء يجيبون

مدن الصواريخ الإيرانية.. استراتيجية جديدة أم دعاية؟.. خبراء يجيبون

مدن الصواريخ الإيرانية.. استراتيجية جديدة أم دعاية؟.. خبراء يجيبون
مدن الصواريخ الايرانية

في مشهد يعكس التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، استأنفت إيران استعراض قوتها العسكرية بإبراز ما تسميه "مدن الصواريخ السرية"، في محاولة لطمأنة الداخل والرد على الضربات الإسرائيلية الأخيرة، هذا التصعيد الإيراني يأتي بعد تدمير أجزاء كبيرة من منظومتها الدفاعية في نهاية أكتوبر، ما دفعها لإعادة هيكلة قدراتها الجوية والصاروخية، ومع نشر أنظمة جديدة مثل الدفاع الجوي "358"، يظهر بوضوح أن طهران تسعى للردع الاستراتيجي وإبقاء خصومها في حالة قلق دائم. 

ومع ذلك، يبقى التساؤل مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الجهود تهدف لتعزيز قدرتها الحقيقية أو أنها جزء من حرب دعائية طويلة الأمد.

*استعراض القوة داخل "مدن الصواريخ السرية"*


إيران واصلت تحركاتها العسكرية بتوجيه رسالة واضحة عبر التلفزيون الرسمي، حيث ظهر قائد الحرس الثوري حسين سلامي في جولة تفقدية داخل إحدى "مدن الصواريخ السرية" تحت الأرض. 

هذه المدن، التي وصفتها إسرائيل بأنها "حصون عسكرية"، محفورة في أعماق تصل إلى 500 متر تحت سطح الأرض، وتحتوي على ترسانة من الصواريخ والطائرات المسيرة المتطورة.

القناة 12 الإسرائيلية ربطت هذا التحرك بمحاولة إيران لإعادة بناء صورتها الدفاعية المتضررة، مشيرة أن الإعلان الإيراني يتزامن مع تدريبات عسكرية مكثفة شملت تطوير أنظمة دفاع جديدة. 

*مناورة واسعة ومخاوف إقليمية*


تزامنت هذه الاستعراضات مع تدريبات أطلقتها قوات الباسيج الإيرانية، بمشاركة 110 آلاف مقاتل، لمحاكاة مواجهة محتملة مع إسرائيل.

وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية، فإن هذه التدريبات شملت محاكاة صد هجمات على المنشآت النووية الحساسة مثل نطنز، باستخدام أنظمة جديدة قادرة على اعتراض قنابل خارقة للتحصينات.

في هذا السياق، أكدت مصادر إسرائيلية، أن المناورة تعكس مخاوف إيران من ضربات استباقية تستهدف بنيتها النووية، خاصة بعد تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد المواقع الإيرانية في سوريا والعراق. 



*أنظمة متطورة وطائرات انتحارية*


من بين أبرز التطورات التي أعلنتها إيران، الكشف عن طائرة انتحارية بدون طيار قادرة على تنفيذ هجمات دقيقة وقصيرة المدى.

ووفقًا للمراقبين، فإن هذه الطائرة قد تستخدمها طهران لتعزيز قدرات حلفائها الإقليميين، مثل حزب الله، في مواجهة إسرائيل. 

كما تم الإعلان عن نشر نظام دفاع جوي جديد، طراز "358"، وهو خطوة اعتبرها الخبراء جزءًا من محاولة لتعويض الأضرار التي لحقت بالمنظومة الدفاعية الإيرانية نتيجة الهجمات الإسرائيلية المتكررة. 

*بين الدعاية والحقيقة*

رغم الاستعراض الإيراني اللافت، يشكك مراقبون في مدى فعالية هذه "المدن السرية"، مشيرين أن الكشف عنها قد يكون جزءًا من حرب نفسية تهدف لتضخيم القدرات الإيرانية وردع خصومها. 

إسرائيل، من جهتها، ترى أن هذه التحركات تأتي في إطار جهود إيرانية لإظهار صمودها، لكنها لا تخلو من نقاط ضعف استراتيجية، أبرزها أن هذه الأنظمة ما زالت قيد التجربة وغير مختبرة في ظروف قتالية فعلية. 

*رسائل مزدوجة*


من جانبه، يرى الخبير الاستراتيجي اللواء محمد عبد الواحد، أن استعراض إيران لما أسمته "مدن الصواريخ السرية" يعكس استراتيجيتها التقليدية التي تقوم على الجمع بين الردع العسكري والدعاية النفسية.

ويوضح عبد الواحد، في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن الإعلان عن هذه المدن المحصنة، التي تقع على عمق 500 متر تحت الأرض، ليس موجهًا فقط لإسرائيل، بل أيضًا للداخل الإيراني، حيث تسعى القيادة الإيرانية إلى تهدئة المخاوف الشعبية بشأن قدرة البلاد على مواجهة أي تهديد خارجي.

ويضيف عبدالواحد، أن توقيت هذه الإعلانات ليس عشوائيًا؛ إذ يأتي بعد سلسلة من الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مراكز حيوية لمنظومة الدفاع الجوي الإيراني، مما يسلط الضوء على الحاجة الإيرانية إلى استعادة التوازن النفسي والعسكري أمام خصومها.

ويؤكد الخبير الاستراتيجي، أن التركيز على نشر أنظمة دفاعية جديدة، مثل طراز "358"، والكشف عن طائرات انتحارية، يعزز صورة إيران كقوة إقليمية قادرة على تعويض خسائرها بسرعة، لكنه يحذر من المبالغة في تقدير هذه القدرات، مشيرًا أن ما يتم عرضه إعلاميًا قد لا يعكس واقعًا عمليًا متكاملًا، خصوصًا أن فعالية هذه الأنظمة في ساحة المعركة لم تُختبر بعد.