محلل سياسي أردني: مواجهة الدولة مع الإخوان وصلت إلى مرحلة اللاعودة
محلل سياسي أردني: مواجهة الدولة مع الإخوان وصلت إلى مرحلة اللاعودة

تشهد الساحة السياسية في الأردن منذ مطلع العام الجاري سلسلة من التحركات الرسمية والأمنية الهادفة إلى مواجهة جماعة الإخوان المسلمين، في إطار ما وصفه مراقبون بأنه “المرحلة الأخيرة” من عملية تفكيك الجماعة وإنهاء نفوذها داخل المملكة.
ففي أبريل الماضي، أعلنت الحكومة الأردنية حظر جميع أنشطة جماعة الإخوان واعتبارها “جمعية منحلة وغير قانونية”، مع تنفيذ قرارات قضائية تقضي بإغلاق مقراتها ومصادرة ممتلكاتها وأصولها المالية، وهو القرار الذي مثّل تحولًا جذريًا في تعامل الدولة مع التنظيم الذي ظل لعقود جزءًا من المشهد العام.
وأعقب القرار حملة ملاحقات أمنية استهدفت 16 شخصًا يُشتبه بانتمائهم إلى الجماعة، بتهم تتعلق بمحاولات “إعادة تنظيم الصفوف داخليًا” و“الاتصال بجهات خارجية لتنفيذ أجندات تضر بالأمن الوطني”، بحسب ما نقلته مصادر رسمية أردنية.
كما جرى الكشف عن مخطط لتصنيع أسلحة وطائرات مسيّرة داخل المملكة، قالت الأجهزة الأمنية: إنه “يصب في إطار مشروع تخريبي”.
وفي السياق نفسه، شرعت وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية في حصر أصول وممتلكات الجماعة، مع التحذير من ملاحقة أي جهة أو فرد يثبت تورطه في إخفاء أو نقل ممتلكات كانت تابعة للتنظيم.
وشملت الحملة كذلك جمعيات ومؤسسات يُعتقد أنها تعمل تحت غطاء العمل الخيري أو الاجتماعي، حيث أُغلقت عدة كيانات لارتباطها التنظيمي أو المالي بالجماعة.
إلى جانب ذلك، تتعرض الواجهة السياسية للإخوان، حزب جبهة العمل الإسلامي، لضغوط متزايدة، وسط مطالبات برلمانية بإعادة النظر في تراخيصه ومصادر تمويله، خصوصًا بعد ورود تقارير تتحدث عن "نشاط سياسي خارج الأطر القانونية".
ويرى محللون سياسيون، أن الإجراءات الأخيرة تؤكد عزم الدولة الأردنية على إنهاء الوجود التنظيمي والفكري للجماعة بعد تراجع نفوذها الشعبي وتآكل حضورها في النقابات والمجتمع المدني، مؤكدين أن عمّان تسعى إلى “تحصين الداخل” من أي محاولات لاستغلال التوترات الإقليمية لإعادة إحياء الجماعة تحت مسميات جديدة.
وبحسب مراقبين، فإن العام 2025 يمثل نقطة تحول في علاقة الدولة الأردنية بالإخوان، إذ لم تعد المواجهة مقتصرة على الجانب القانوني، بل امتدت إلى تفكيك البنية المالية والفكرية للتنظيم، في إطار سياسة أشمل تهدف إلى حماية الأمن الوطني وترسيخ الاستقرار الداخلي.
وقال المحلل السياسي الأردني د. زيد النوايسة: إن التحركات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة ضد جماعة الإخوان المسلمين “تعكس قرارًا استراتيجيًا بإنهاء نفوذ التنظيم داخل الأردن بشكل كامل”، مؤكدًا أن الدولة “لم تعد تتعامل مع الجماعة كقوة سياسية يمكن احتواؤها، بل ككيان انتهى دوره وتجاوز حدوده القانونية”.
وأوضح النوايسة، في تصريحات للعرب مباشر، أن قرارات الحظر وإغلاق المقرات ومصادرة الأصول تأتي بعد “عام من الرصد الدقيق لتحركات الجماعة ومحاولاتها لإعادة بناء شبكات نفوذ داخل المجتمع والنقابات”، مشيرًا أن الأجهزة الأمنية “رصدت محاولات للتنسيق مع جهات خارجية وإعادة تنشيط أذرع مالية وتنظيمية، وهو ما اعتُبر تهديدًا مباشرًا للأمن الوطني”.
وأضاف: أن الإجراءات الحكومية “ليست رد فعل، بل جزء من خطة منهجية بدأت منذ قرار حل الجماعة في عام 2020، وبلغت الآن مرحلة التنفيذ الكامل”، معتبرًا أن “عمّان حسمت خيارها، ولن تسمح بعودة الإخوان تحت أي غطاء ديني أو خيري أو سياسي”.
وأكد النوايسة، أن “البيئة السياسية في الأردن اليوم لا تحتمل وجود تنظيمات أيديولوجية تسعى لاحتكار الدين أو توظيفه سياسيًا”، مشيرًا أن الدولة “تتجه نحو تثبيت نموذج الاعتدال والانفتاح، بما يتماشى مع رؤية التحديث السياسي التي يقودها الملك عبدالله الثاني”.
وختم المحلل الأردني بالقول: إن العام 2025 سيكون بداية مرحلة جديدة في علاقة الدولة بالحركات الدينية، تقوم على “إنهاء التنظيمات المغلقة، وإعادة دمج العمل الدعوي والاجتماعي ضمن مؤسسات الدولة المدنية”، معتبرًا أن ما يحدث “رسالة واضحة بأن زمن ازدواجية الولاءات والتنظيمات الموازية قد انتهى”.