لا حياة في المدن السورية.. أزمات الكهرباء تغرق البلد في الظلام
أغرقت أزمات الكهرباء سوريا في الظلام
تعاني سوريا منذ سنوات الحرب والحرمان، ويعاني السوريون من أزمة وقود خانقة، حيث أدى انقطاع التيار الكهربائي الممتد إلى إغراق معظم أنحاء البلاد في انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي.
وفي العاصمة دمشق تحصل بعض الأحياء على 15 دقيقة من الكهرباء كل 24 ساعة، وفي المزيد من المناطق المركزية، بالقرب من القصر الرئاسي، تظل الأنوار مضاءة لفترة أطول، ومع نقص الوقود أيضًا، غالبًا ما تكون الطرق الرئيسية خالية من حركة المرور، وأصبحت الحدود السورية اللبنانية سوقًا سوداء مزدهرة للوقود.
أزمة خانقة
وفي جميع أنحاء البلاد وصلت الحياة إلى طريق مسدود فعليًا، وتحولت إلى مدن أشباح من نقص الوقود والأزمات الخانقة، حيث أظهر الفاصل الزمني لصور الأقمار الصناعية من يوليو 2017 إلى يوليو 2022 تراجع استهلاك الكهرباء في دمشق وحولها حيث يواجه السوريون أزمة وقود خانقة.
ويعتمد معظم السوريين على المولدات لتوليد الكهرباء، لكنهم يحتاجون أيضًا إلى الوقود، حيث تحولت العائلات التي تستطيع تحمل تكاليفها إلى بطاريات كبيرة باهظة الثمن موصولة بألواح شمسية.
وفي السنوات الأخيرة، خلال الأشهر الباردة، توفي الأطفال اختناقا بعد أن أحرق آباؤهم البلاستيك والأقمشة للتدفئة، وحتى الآن، كان هذا الشتاء على الأقل معتدلًا.
ومؤخرا ألقى وزير النفط السوري بسام طعمة باللوم في الأزمة على تأخر الشحنات في إشارة إلى إيران، التي تمد حكومة الرئيس بشار الأسد بالنفط منذ عام 2013، وفي ذلك الشهر، كانت إيران على وشك زيادة نفطها ذكرت صحيفة الوطن السورية أن الصادرات السورية زادت من 2 مليون إلى 3 ملايين برميل شهريا.
تدهور غير مسبوق
وقال الباحث السياسي السوري سلمان شيب: إنه لا شك أن الأوضاع الاقتصادية والخدمية في سوريا تشهد تدهورا غير مسبوق لم تعهده في تاريخها الحديث كله، ويقدم الواقع المعاش الذي تعبر عنه وسائل الإعلام ووسائل التواصل صورة قاتمة لمعاناة الناس والصعوبات التي يواجهها المواطن السوري وهو يجاهد في أقسى الظروف لتأمين أبسط مقومات الحياة.
وأضاف شيب في تصريحات لـ"العرب مباشر": أن المنظمات الدولية تقدم معلومات وأرقاما مرعبة ولكن الحقيقة أكثر رعباً حول عدد السوريين المحتاجين إلى المساعدة والذين يعيشون تحت خط الفقر ونسبتهم تجاوزت التسعين بالمئة من عدد السكان.
وتابع: لقد فشلت الجهود الحكومية في وقف الارتفاعات المتوالية بأسعار المواد والحاجات الأساسية وذهبت كل الوعود بتحسين الوضع المعيشي أدراج رياح الانخفاض المستمر في دخل المواطن السوري كنتيجة طبيعية لتدنٍّ متواصل ومتسارع في قيمة العملة الوطنية.
وأضاف: أن العقوبات الغربية وخاصة الأميركية التي اشتدت وزادت خلال الشهور الماضية وخاصة بعد جهود الانفتاح العربي على سوريا تفتك اليوم فعلياً بالسوريين وخاصة الطبقات الأكثر فقراً منهم طبعاً تساهم بتفاقم هذه المجزرة الجماعية التي ترتكب بحق شعب كامل مواقع الفساد والاحتكار والمضاربين بالليرة السورية من تجار الحرب بالداخل السوري.
فيما أكد أن الاحتلالين الأميركي والتركي يساهمان لمناطق واسعة من سوريا في عرقلة عودة الحياة وتأمين الظروف لإعادة تشغيل عجلة الإنتاج، ويضاف إلى ذلك أننا نمر بصيف شديد الحرارة في غياب شبه كامل لوسائل مواجهته أو تخفيف آثاره وانعكاساتها، وخاصة الكهرباء وكل حوامل الطاقة.
وأكد شيب أن أزمة الكهرباء الخانقة تنعكس بشكل فعلي ومدمر على كل حياة السوريين، وعلى كل القطاعات الإنتاجية صناعية وزراعية وحرفية وسياحية وعلى أنشطة ومفاصل الخدمات كلها، ولا شك أن كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا ورغم المساعدات العربية والدولية المقدرة والمشكورة قد زادت من الصعوبات وشكلت ضغطاً كبيرا على الاقتصاد السوري المنهك أصلاً نتيجة التدمير الذي أصابه والعقوبات التي تشل حركته.
زيادة مستويات اليأس والإحباط
وأشار شيب إلى أن غياب الأفق للحلول السياسية والاقتصادية وخاصة بعد تراجع الآمال التي انتعشت لدى السوريين بالمبادرة العربية وما بدا أنه بداية واعدة لدور عربي فاعل في مساعدة سوريا على الخروج من هذا النفق المظلم.
كما يترافق ذلك مع تصعيد غربي أميركي أوروبي سياسي اقتصادي وربما عسكري يواكبه تراجع تركي عن وعود وتفاهمات قطعها بخصوص تطبيع العلاقة مع سوريا، والتي كلها عوامل تزيد من الصعوبات المهلكة التي يعاني منها السوريون، ويدفع ثمنها المواطن السوري البريء وخاصة الطبقات الأكثر فقراً من لقمته ومقومات حياته.
وختم شيب تصريحاته معرباً عن أمله أن يكون هناك تحرك عربي عاجل للوقوف مع سوريا وشعبها في هذه الظروف القاسية وغير المسبوقة وخاصة مساعدتها لكسر العقوبات الجائرة المفروضة عليها.