الإعلامية صفاء أحمد.. صوت من دمشق صمتَ في غارة إسرائيلية
الإعلامية صفاء أحمد.. صوت من دمشق "صمتَ" في غارة إسرائيلية
في ليلة دامية من ليالي دمشق، فقدت الساحة الإعلامية السورية أحد أبرز وجوهها، صفاء أحمد، التي اغتيلت في غارة إسرائيلية استهدفت العاصمة السورية دمشق .
صفاء، المذيعة القديرة ومقدمة البرامج، كانت تمثل رمزًا للإعلام السوري وصوتًا مؤثرًا في حياة الكثيرين. وفي فجر ذلك اليوم، أصبح اسمها عنواناً للحزن والغضب في سوريا، لتبقى قصتها جزءًا من السجل الحافل بالأحداث الجسام التي عاشتها البلاد في السنوات الأخيرة.
*قصف دمشق*
استيقظت دمشق يوم الثلاثاء على وقع انفجار مدوٍ كان بمثابة إعلان عن جريمة جديدة في سلسلة الغارات الإسرائيلية التي تستهدف الأراضي السورية، هذه المرة، لم تكن الضحية مجرد هدف عسكري أو موقع استراتيجي، بل كانت الإعلامية الشهيرة صفاء أحمد، التي لقبت بأحد أبرز الأصوات الإعلامية في سوريا.
في بيان رسمي، نعت "الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون" السورية المذيعة صفاء أحمد، التي استشهدت جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف العاصمة.
وقالت الهيئة: "نزفّ المذيعة القديرة صفاء أحمد شهيدةً إثر العدوان الإسرائيلي الذي تعرضت له العاصمة دمشق"، لتفتح فصلاً جديداً من الألم في تاريخ الإعلام السوري، الذي شهد العديد من الخسائر في ظل الحرب والأزمات المستمرة.
*مسيرة إعلامية مميزة*
وُلدت صفاء أحمد عام 1978 في محافظة حمص، وتخرجت من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة «البعث» عام 2000، كانت بداياتها في مجال الإعلام من خلال عملها كمذيعة في التلفزيون السوري، برعت في تقديم البرامج الحوارية والثقافية، وسرعان ما اكتسبت شهرة بفضل أسلوبها الهادئ والمميز في التقديم.
وكانت تعتبر هذه البرامج نافذة تواصل بين الإعلام والمواطن السوري، إذ كانت تطرح من خلالها مواضيع تمس حياة المواطن وتناقش قضايا اجتماعية وثقافية بجرأة وشفافية.
*البرامج التي قدمتها في الإعلام*
على مدار مسيرتها المهنية، قدمت صفاء أحمد عدة برامج تلفزيونية شهيرة، من بين هذه البرامج، «رسالة حمص» وهو برنامج حواري تناول القضايا الاجتماعية والثقافية في محافظة حمص، «رسالة حماه» الذي استمر على نفس المنوال بتسليط الضوء على محافظة حماه، و «في أروقة المحاكم» برنامج قضائي عرض أبرز القضايا المثارة في المحاكم السورية وسلط الضوء على الجوانب القانونية، و «صباح سوري» برنامج صباحي يعرض مواضيع متنوعة من المجتمع السوري.
*المأساة والاعتداء*
في تلك الليلة، وبينما كانت دمشق تتعرض لغارات عنيفة، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي آخر منشور للإعلامية صفاء أحمد على صفحتها في "فيسبوك". كتبت قبل نصف ساعة من الهجوم: "أصوات قوية تسمع في سماء دمشق"، وكأنها كانت تودع جمهورها برسالة أخيرة.
بعد ساعات، جاء الخبر الصادم بأن صفاء كانت تستقل سيارة حين تعرضت لأحد الصواريخ الإسرائيلية، لتفارق الحياة مع ثلاثة مدنيين آخرين، بينما أُصيب تسعة أشخاص بجروح بالغة.
الهجوم، الذي نفذته الطائرات الإسرائيلية، استهدف عدة نقاط في العاصمة، وفقاً لما أكده الجيش السوري. وجاء في البيان العسكري أن "الدفاعات الجوية السورية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف نقاطاً متعددة في مدينة دمشق"، وأشار إلى أن الغارات أسفرت عن سقوط ضحايا وإصابات وأضرار مادية كبيرة.
ورغم محاولات الدفاع الجوي السوري للتصدي للصواريخ الإسرائيلية، إلا أن الهجوم كان عنيفاً ومباغتاً، ما أوقع العديد من الخسائر في صفوف المدنيين، وكان من بين الضحايا صفاء أحمد التي كانت تعد من أبرز الوجوه الإعلامية التي عرفتها سوريا خلال العقدين الماضيين.
*السياق الأوسع للغارات*
تشن إسرائيل بشكل متكرر غارات على سوريا، مستهدفة مواقع تعتبرها مرتبطة بإيران أو جماعات متحالفة معها مثل "حزب الله".
ومع تصاعد حدة التوترات في المنطقة منذ الهجوم الذي شنته حركة "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر من العام الماضي، زادت وتيرة هذه الهجمات.
ورغم أن هذه الغارات تركز عادة على أهداف عسكرية، إلا أن الموجة الأخيرة منها أوقعت خسائر في صفوف المدنيين، ما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه الهجمات.
وفي حالة الإعلامية صفاء أحمد، التي كانت تؤدي دورها كإعلامية ومدربة في التلفزيون السوري، تبدو الصورة أكثر تعقيداً، حيث استهدفت في سياق عمليات عسكرية أدت إلى مقتل مدنيين أبرياء.