أطماع تركية جديدة في أفغانستان.. ماذا يريد أردوغان من كابول ؟
يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أطماعه في المنطقة ويطمح في السيطرة علي أفغانستان
اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده الوريث الفعلي للولايات المتحدة ودول الغرب في أفغانستان، معلنًا أن تركيا ستحتفظ بقوات في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي والأطلسي، وهو الملف الذي عول عليه أردوغان كثيرًا لإيجاد مساحات حوار وتوافق خلال لقائه مع الرئيس جو بايدن على هامش قمة حلف شمال الأطلسي الماضية.
وقال أردوغان في تصريحات بمطار إسطنبول قبل مغادرته إلى بروكسل حيث إن "أميركا تستعد لمغادرة أفغانستان قريباً وعندما ترحل، فإن البلد الوحيد الموثوق به والذي سيبقى لمواصلة العملية هناك بالطبع سيكون تركيا".
جاءت تصريحات أردوغان بينما تواصل الولايات المتحدة تنفيذ المرحلة الأخيرة من انسحابها من أفغانستان، وكذلك قوات الحلف الأطلسي، وهي الانسحابات المقرر انتهاؤها في 11 سبتمبر المقبل، في الذكرى العشرين للهجمات التي استهدفت الولايات المتحدة العام 2001.
تعويض الخسائر
ولتعويض خسائره في ملفات عديدة مثل "سوريا وليبيا وأذربيجان وشرق المتوسط"، وجد أردوغان فرصته الاستعمارية تتحقق كبديل للقوات الأميركية والأطلسية، ليكون وكيلاً عنهم في هذه المناطق المأهولة بالحركات المتطرفة، التي يرتبط النظام التركي بها ارتباطا وثيقا.
لذا، أبلغ مسؤولون أتراك نظراءهم الأميركيين بأن أنقرة مستعدة لإبقاء قوات في أفغانستان، بدون كشف أي تفاصيل إضافية، وأعرب أردوغان عن سعادته لمناقشة هذه العملية الخاصة بأفغانستان مع الأميركيين.
القفز على المشكلات مع أميركا
في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات الأميركية-التركية توترات كبيرة، وبعدما تولى بايدن سدة الرئاسة الأميركية، أعرب أردوغان عن رغبته في فتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة.
وبتصريحات توددية سعى الرئيس التركي للقفز فوق المشكلات والعلاقات المتوترة بين أميركا وتركيا، وقال أردوغان في هذا الإطار إن هناك الكثير من الشائعات والأقاويل المتداولة في الداخل والخارج، "لكن علينا تجاهلها والتحدث عن الخطوات المستقبلية"، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية.
وأوردت الوكالة أن أردوغان أعرب عن تطلعه لرؤية نهج غير مشروط من الولايات المتحدة يعزز الحلف الأطلسي وتضامنه.
هروب من أزمة الاقتصاد التركي
وتشير تقارير إلى اختناق الاقتصاد التركي باعتباره سبب أردوغان للهروب من أزماته بتمدد جديد خارج البلاد، إذ كانت الأوضاع الاقتصادية مترديةً في البلاد مع إفلاس العديد من الشركات الصغيرة وارتفاع معدل التضخم والبطالة وانخفاض العملة المحلية، وفوق كل ذلك حملة الاعتقالات شبه اليومية لمعارضيه وحلفاء الأمس.
ومما زاد الطّين بلّة ظهور جائحة فيروس كورونا التي انعكست بشكلٍ سلبيٍّ على قطّاع السّياحة، وألحقت أضراراً جسيمةً بالاقتصاد والإنتاج، وستزيد من الانكماش الاقتصاديّ والأعباء الاجتماعية على ذوي الدّخل المحدود، ما أدى إلى انهيار شعبية أردوغان.
علاقات متوترة
وفي إبريل اعترف بايدن بالإبادة بحق الأرمن، ليكون أول رئيس للولايات المتحدة يصف مقتل 1,5 مليون أرمني على يد السلطنة العثمانية عام 1915 بأنه إبادة.
وما زال أردوغان يؤكد مجددا عن استياء بلاده إزاء هذه الخطوة وقال "هذه المقاربة أزعجتنا بشكل كبير، ولا بد من التطرق إليها (خلال الاجتماع مع بايدن)"، وفق الأناضول.
تساؤلات حول التواجد التركي
وسبق أن أبدت تركيا صراحة عزمها على إبقاء حضورها العسكري في أفغانستان، لكن تفاصيل هذا التوجّه لم تتّضح بعد. وقال مسؤول تركي إن قوات بلاده يمكن أن تبقى "طالما أن شروطا معيّنة قانونية ومالية متوافرة".
وحسبما نقلت "فرانس برس"، تساءل المسؤول طالبا عدم كشف هويته "إن قررت تركيا البقاء فهي ستبقى ضمن أي إطار: ضمن إطار مظلة حلف شمال الأطلسي أو اتفاق ثنائي؟ وإذا كانت ستبقى (في أفغانستان) تحت إشراف حلف شمال الأطلسي فبموجب أي تفويض؟".
وشدد المسؤول على استعداد قوى غربية للسماح لتركيا بالبقاء في أفغانستان لحماية مطار كابول، وأشار في الوقت ذاته إلى أنه "لمَ قد يتعيّن على تركيا بذل جهد كبير إن لم يكن أحد مستعدا لتقديم الدعم؟ يجب توضيح هذه المسائل".
على الجانب الآخر، قالت حركة طالبان المتشددة إن القوات الأجنبية ينبغي "ألا تأمل" في إبقاء وجود عسكري أو أمني في أفغانستان، مشيرة إلى أن أمن السفارات والمطار سيكون من مسؤولية الأفغان.
لتضييق الخناق على روسيا
وأشارت تقارير إلى ارتباط أردوغان مع التنظيمات الإسلامية المتشددة وحركة الإخوان المسلمين، وباعه الطّويل في دعم الحركات الإسلامية المتشددة في العديد من دول العالم، واستخدامه للمرتزقة في حرب ليبيا وإقليم كاراباخ ضدّ أرمينيا.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تقارير استخبارتية تتحدث عن قيام تركيا والولايات المتحدة بنقل جماعاتٍ إرهابيّةٍ ومرتزقةٍ إلى أفغانستان.
وينظر حلف شمال الأطلسيّ (الناتو) إلى تركيا باعتبارها وسيلة لتضييق الخناق على روسيا مع تفاقم الأزمة مع أوكرانيا والحشود العسكريّة لحلف الناتو على الحدود مع روسيا.
محاولة استعمارية جديدة
وترى الدكتورة سمية عسلة، الأكاديمية والمحللة السياسية، أن محاولات أردوغان للبحث عن تواجد جديد في أفغانستان هي محاولة لإشباع رغباته الاستعمارية التي لا تتوقف، لاسيما بعد فشله في ليبيا وتضييق الخناق الدولي عليه لإخراج مرتزقته من ليبيا، إضافة إلى فشله في تحقيق مساعيه الاستعمارية في سوريا في مواجهة روسيا.
كما أشارت عسلة إلى فشل أردوغان السياسي داخل تركيا وانهيار بلاده اقتصاديًا، علاوة على فشله في تحقيق أي أغراض استعمارية في شرق المتوسط، معتبرة أن هذه الملفات دفعت أردوغان للبحث عن منفذ جديد في أفغانستان، يكون به وكيلاً لمصالح أميركا وحلف الأطلسي هناك.
وقالت سمية عسلة، إن ارتباط أردوغان بالحركات الإرهابية من ناحية، وارتباطه بقطر التي تضم المكتب السياسي لحركة طالبان المسيطرة في أفغانستان، كلها عوامل شجعت الجانب الغربي ـ أميركا وحلف الأطلسي ـ على الرضا بأنقرة وكيلا لهم في أفغانستان.