محلل سياسي فلسطيني: أطفال غزة يُستهدفون بالجوع والصدمة.. والعيد تحول إلى كابوس جماعي
محلل سياسي فلسطيني: أطفال غزة يُستهدفون بالجوع والصدمة.. والعيد تحول إلى كابوس جماعي

في وقتٍ يستعد فيه أطفال العالم لاستقبال عيد الأضحى بالألعاب والملابس الجديدة وضحكات الفرح، يقضي أطفال غزة العيد هذا العام تحت الحصار والجوع، في مشهد مأساوي يختصر حجم الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر عام و7 أشهر.
في شوارع غزة المدمرة، لا صوت يعلو فوق صرخات الأطفال الجوعى، الذين حُرموا من طعام العيد وملابسه وضحكاته. أطفالٌ أنهكهم القصف، وأرهقهم النزوح، وكسر قلوبهم فقد الأحبة، حتى بات العيد بالنسبة لهم مجرد يوم آخر من الخوف والدموع.
وبحسب تقارير صادرة عن منظمات إنسانية، فإن أكثر من 15 ألف طفل فقدوا حياتهم منذ بدء الحرب، وآلاف آخرون يُعانون من أمراض سوء التغذية الحاد، لا سيما في شمال غزة، حيث تتحدث عائلات عن إطعام أطفالها الماء المُملّح أو الأعشاب المغلية لسدّ الرمق.
في مخيمات النزوح المنتشرة في رفح والمناطق الوسطى، لا تُسمع ضحكات الأطفال، بل أنينهم بسبب الجوع والمرض، في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة. تقول أم لطفلين نزحت من بيت حانون: "كان عيدهم الماضي مليئًا باللعب والهدايا.. اليوم يتوسلون لقمة خبز وقطرة ماء نظيف، هل هذا عيد؟".
وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن الأطفال في غزة يواجهون تهديدًا ثلاثيًا: القصف، الجوع، والصدمة النفسية، مؤكدة أن استمرار الحصار ومنع المساعدات يضاعف من معاناتهم، وقد يخلّف جيلًا كاملًا يعاني من أزمات جسدية ونفسية طويلة الأمد.
وفي وقت يفترض أن تملأ الهدايا أكف الأطفال، يقبض كثير من أطفال غزة على شهادات وفاة آبائهم وأمهاتهم، أو يُساقون إلى المقابر لوداع إخوتهم، في مشاهد تُبكي الحجر، وتكشف إلى أي مدى باتت الطفولة في غزة هدفًا مباشراً لهذه الحرب.
ورغم هذا الواقع المؤلم، لا يزال كثير من أطفال غزة يتمسكون ببصيص من الأمل، يرسمون على جدران المخيمات حمامة سلام، ويحلمون بعيد قادم بلا دم، بلا حصار، بلا خوف.
قال المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور سعيد النخالة إن ما يتعرض له أطفال غزة خلال عيد الأضحى "ليس مجرد حرمان من فرحة مؤقتة، بل جريمة ممنهجة تهدف لتدمير جيل كامل نفسيًا وجسديًا"، محذرًا من أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة تجويع وترويع منظمة ضد الأطفال كأداة من أدوات الحرب.
وفي تصريح لـ"العرب مباشر"، أكد النخالة أن "عيد الأضحى بالنسبة لأطفال غزة هذا العام ليس مناسبة للفرح بل محطة جديدة من الألم. آلاف الأطفال يعيشون في مخيمات بلا ماء ولا غذاء، وآلاف فقدوا آباءهم وأمهاتهم، بينما العالم يتفرج".
وأضاف: "إسرائيل تستهدف مستقبل غزة بقتل الطفولة. هناك من يُقتل تحت القصف، وهناك من يُترك للجوع والبؤس والموت البطيء. إنها عملية تجفيف للروح الوطنية تبدأ من تدمير الأمل لدى الأطفال".
وأوضح أن التقارير الأممية حول ارتفاع معدلات سوء التغذية والصدمة النفسية لدى الأطفال في غزة "تعكس حجم الجريمة المستمرة"، مطالباً المنظمات الدولية بـ"الخروج من دائرة البيانات وإعلان الطوارئ الإنسانية فعليًا، والضغط لوقف الحرب ورفع الحصار فورًا".
وأشار النخالة إلى أن الاحتلال يحاول ترسيخ صورة العيد في أذهان الأطفال كذكرى مرتبطة بالخوف والفقد، وهو ما وصفه بـ"محاولة لضرب البنية النفسية للمجتمع الفلسطيني"، مضيفًا: "لكن رغم كل ذلك، أطفال غزة لا يزالون يرسمون علم فلسطين ويرددون النشيد الوطني، وهذا هو الرد الأصدق".
وختم تصريحه بالقول: "عيد الأضحى كشف مجددًا أن الاحتلال لا يكتفي بالسيطرة على الأرض، بل يسعى لمحو المعاني، ومع ذلك ستظل غزة وأطفالها عنوانًا للصمود والتحدي".