محلل سياسي فلسطيني: المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة محفوفة بالمخاطر دون مسار سياسي واضح
محلل سياسي فلسطيني: المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة محفوفة بالمخاطر دون مسار سياسي واضح
في وقت ما يزال فيه سكان قطاع غزة يرزحون تحت وطأة دمار واسع خلفته الحرب، تتجه الأنظار الدولية نحو المرحلة الثانية من خطة السلام المقترحة، والتي تواجه تحديات سياسية وأمنية معقدة، في مقدمتها نزع سلاح حركة حماس، وترتيبات الحكم الانتقالي، ونشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار داخل القطاع.
ومع اقتراب يناير 2026، تزايد الاهتمام العالمي بالمرحلة التالية من وقف إطلاق النار، والتي تستند إلى خطة طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتشمل نزع سلاح حماس بشكل كامل، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، إلى جانب نشر قوة دولية لضمان الاستقرار، وتشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراطية لإدارة شؤون القطاع تحت إشراف مجلس سلام دولي، تمهيدًا لنقل السلطة إلى السلطة الفلسطينية بعد تنفيذ إصلاحات سياسية وإدارية شاملة.
ورغم ما تحمله الخطة من بنود توصف بالإيجابية، فإنها تكتنفها درجة عالية من الغموض، خاصة فيما يتعلق بآليات التنفيذ وضمانات الالتزام من الأطراف المختلفة.
كما أن تبادل الاتهامات بين إسرائيل وحماس بشأن خروقات وقف إطلاق النار أسهم في تقويض الثقة بشكل كبير، وفقًا لما أورده موقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي.
وتشير تقديرات دبلوماسية ونماذج تحليلية قائمة على تجارب سابقة في الشرق الأوسط، إلى أن فرص نجاح المرحلة الثانية من اتفاق غزة لا تتجاوز نسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة، وهو تقييم يعكس تشاؤمًا واسعًا حيال قدرة الأطراف على تجاوز العقبات القائمة.
ويعزو التقرير هذا التقدير المتحفظ إلى الفجوة الكبيرة بين الهيمنة العسكرية الإسرائيلية من جهة، وتمسك حماس بسلاحها ومواقفها من جهة أخرى، ما يجعل تحقيق تهدئة مستدامة أمرًا بالغ الصعوبة في غياب ضغط سياسي ودبلوماسي أمريكي قوي ومتواصل.
وتتمحور المرحلة الثانية بشكل رئيسي حول ملف نزع سلاح حماس، إذ تنص الخطة الأمريكية على تنفيذ عملية نزع سلاح كاملة، وهو ما ترفضه الحركة التي أعادت بسط سيطرتها المدنية على أجزاء من قطاع غزة خلال الفترة الماضية.
ورغم إشارات صدرت مؤخرًا عن حماس تفيد بانفتاحها على فكرة تجميد السلاح أو تخزينه، فإن هذه الطروحات لا تتماشى مع الرؤية الأمريكية التي تشترط نزع السلاح بشكل نهائي.
وتكشف تجارب سابقة لعمليات نزع السلاح التي أشرفت عليها الأمم المتحدة، مثل تلك التي جرت في البوسنة عام 1995 ولبنان عام 2005، عن صعوبات كبيرة، حيث واجهت مقاومة شديدة ونادرًا ما حققت نجاحًا كاملا، كما تطلبت في كثير من الأحيان استخدام قوة عسكرية كبيرة؛ ما أدى إلى نفور المدنيين وزيادة التعقيدات الأمنية.
ويحذر التقرير من أنه في حال غياب مسار سياسي واضح يقود إلى إقامة دولة فلسطينية، أو على الأقل ضمان انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، فإن حتى الدول التي تمتلك نفوذًا على حركة حماس، مثل: تركيا وقطر، قد تجد نفسها عاجزة عن دفع الحركة للتخلي عن سلاحها، ما يضع مستقبل المرحلة الثانية من خطة السلام أمام اختبارات صعبة في ظل واقع إنساني وأمني بالغ التعقيد.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني جهاد الحرازين: إن المرحلة الثانية من خطة السلام المقترحة لقطاع غزة تواجه تعقيدات كبيرة قد تعرقل تنفيذها، في ظل غياب رؤية سياسية شاملة تعالج جذور الصراع، وعلى رأسها إنهاء الاحتلال وضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
وأوضح الحرازين -للعرب مباشر-، أن التركيز الحالي على الجوانب الأمنية، خصوصًا مسألة نزع سلاح حركة حماس، دون التوصل إلى توافق وطني فلسطيني أو توفير ضمانات دولية واضحة، يجعل فرص نجاح الخطة محدودة، مشيرًا إلى أن التجارب السابقة في مناطق نزاع أخرى أثبتت أن نزع السلاح لا يمكن أن ينجح بالقوة وحدها، بل يحتاج إلى أفق سياسي واقتصادي يخلق حافزًا حقيقيا للاستقرار.
وأضاف: أن الحديث عن نشر قوة دولية في غزة قد يبدو نظريا جذابا، لكنه يظل محفوفا بالمخاطر في ظل عدم وجود اتفاق واضح على مهام هذه القوة، وطبيعة تفويضها، وحدود تدخلها، مؤكدًا أن أي قوة دولية لا تحظى بقبول فلسطيني واسع قد تتحول إلى عنصر توتر جديد داخل القطاع.
وحذر جهاد الحرازين من أن استمرار تبادل الاتهامات بشأن خروقات وقف إطلاق النار يقوض الثقة بين الأطراف، ويضعف أي جهود دبلوماسية قائمة، لافتًا إلى أن سكان غزة، الذين يعيشون وسط دمار واسع وأزمة إنسانية غير مسبوقة، هم الأكثر تضررًا من حالة الغموض السياسي الراهنة.
وشدد على أن نجاح المرحلة الثانية من خطة السلام مرهون بوجود ضغط دولي حقيقي لإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من غزة، وفتح مسار جاد لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مع دعم إعادة الإعمار وتحسين الأوضاع المعيشية، معتبرًا أن تجاهل هذه الملفات سيجعل أي اتفاق مؤقتًا وهشًا وقابلًا للانهيار في أي لحظة.

العرب مباشر
الكلمات