محلل سياسي: السودان يتجه نحو تفكك كامل إذا لم تُوقف الحرب فورًا
محلل سياسي: السودان يتجه نحو تفكك كامل إذا لم تُوقف الحرب فورًا

منذ اندلاعها في أبريل 2022، تدخل الحرب في السودان عامها الثالث وسط تفاقم غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، جعلت من البلاد واحدة من أسوأ بؤر النزاع في العالم من حيث الأزمات المتعددة التي تعصف بالسكان والدولة على حد سواء.
بحسب بيانات الأمم المتحدة، تسببت الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في نزوح أكثر من 8 ملايين شخص داخليًا وخارجيًا، وسط تقارير عن انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور ومناطق أخرى من البلاد.
المنظمات الإغاثية تواجه صعوبات جمّة في الوصول إلى المحتاجين بسبب انعدام الأمن وانهيار البنية التحتية، في وقت يُقدَّر فيه عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية بنحو 25 مليون شخص – أي أكثر من نصف سكان السودان.
انهيار اقتصادي واسع
اقتصاديًا، تُركت البلاد تواجه أسوأ أزمة مالية في تاريخها الحديث، إذ خرجت معظم المؤسسات الاقتصادية عن الخدمة، وتوقف النشاط الزراعي والصناعي في مناطق النزاع؛ ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والوقود، وتراجع قيمة الجنيه السوداني بشكل حاد.
ويشير خبراء اقتصاديون، أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة تفوق 30% منذ بدء الحرب، فيما باتت معظم الأسر تعيش تحت خط الفقر، مع تزايد الاعتماد على التحويلات من الخارج.
تدهور الخدمات وتفكك الدولة
الخدمات الصحية والتعليمية تكاد تكون معدومة في مناطق واسعة من البلاد، حيث تعرضت المستشفيات والمدارس للدمار أو التحول إلى ثكنات عسكرية.
كما تراجع حضور الدولة في العديد من الأقاليم، ما أفسح المجال أمام مظاهر الفوضى وانتشار الجريمة.
وفي ظل غياب حل سياسي شامل، ما تزال آمال السودانيين معلقة على جهود الوساطة الإقليمية والدولية لوقف النزاع وبدء عملية انتقالية تُنهي الحرب وتُعيد بناء الدولة.
دعوات متجددة للحل
مع دخول العام الثالث للحرب، تتجدد الدعوات المحلية والدولية لوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية آمنة، في وقت تحذر فيه الأمم المتحدة من أن السودان يقف على شفا "كارثة إنسانية كبرى" قد تمتد آثارها إلى الإقليم بأكمله إذا استمر الصراع دون أفق للحل.
حذر المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد عبدالله، من أن استمرار الحرب في السودان للسنة الثالثة دون أفق لحل سياسي ينذر بـ"تفكك كامل للدولة" وانزلاق البلاد نحو مرحلة أكثر دموية وفوضوية.
وفي تصريح خاص لـ"للعرب مباشر"، قال الدكتور عبدالله: إن "ما يحدث في السودان لم يعد مجرد صراع على السلطة بين قوتين مسلحتين، بل تحوّل إلى حرب متعددة الأطراف والمصالح، تهدد وحدة السودان ووجوده كدولة".
وأشار، أن الأثر الاقتصادي للحرب بات كارثيًا، موضحًا أن "السودانيين اليوم يعيشون بين سندان المجاعة ومطرقة النزوح، فيما تبدو الدولة عاجزة تمامًا عن توفير الحد الأدنى من الخدمات أو فرض سيادتها على أراضيها".
وانتقد عبدالله ما وصفه بـ"تراخي المجتمع الدولي والإقليمي" في التعامل مع الأزمة السودانية، معتبرًا أن "البيانات وحدها لا تنقذ الأرواح، وأن هناك حاجة ملحة لتدخل سياسي فعّال يفرض وقفًا دائمًا لإطلاق النار، ويفرض مساءلة على من يعرقل الحل".
وختم حديثه بالقول: "العام الثالث من الحرب ليس مجرد رقم، بل ناقوس خطر حقيقي يقرع باب الخراب التام، وما لم يتحرك الجميع – من السودانيين أولًا، ثم الإقليم والعالم – فإن القادم سيكون أسوأ بكثير".