محلل سياسي: أوضاع سوريا حاليًا تتيح لـ داعش الظهور والانتشار مجددًا
محلل سياسي : أوضاع سوريا حاليًا تتيح لـ داعش الظهور والانتشار مجددًا
تثير الأوضاع الأمنية والسياسية المتردية في سوريا مخاوف متزايدة من عودة تنظيم "داعش" الإرهابي إلى مناطق جديدة في البلاد، ما يهدد الاستقرار الإقليمي ويشكل تحديًا كبيرًا للحكومات المحلية والدولية على حد سواء.
بعد سنوات من الهزائم العسكرية الموجعة التي لحقت بالتنظيم، وُجهت الأنظار إلى المناطق التي ما زالت تشهد نزاعًا مستمرًا وعدم استقرار، وهي بيئة مثالية لعودة التنظيم إلى الظهور مجددًا.
التحديات الأمنية في سوريا
تمر سوريا بمرحلة حرجة من تاريخها، حيث يعاني الكثير من مناطقها من الصراع المستمر، وضعف السيطرة الأمنية من قبل الحكومة، بالإضافة إلى انتشار الفصائل المسلحة. وفي ظل هذا الوضع، تبرز مناطق شرق وشمال شرق سوريا، التي تشهد نزاعًا متواصلًا بين مختلف الأطراف، كأرض خصبة لعودة نشاط تنظيم داعش.
على الرغم من القضاء العسكري على معظم خلايا التنظيم الرئيسية في المناطق التي كانت تسيطر عليها، إلا إن "داعش" ما يزال يمتلك القدرة على شن هجمات متفرقة ضد القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، كما ينفذ عمليات اختطاف واعتداءات في مناطق ريفية نائية.
الفراغ الأمني والاقتصادي
يمكن تفسير القلق المتزايد من عودة داعش إلى المنطقة نتيجة للفراغ الأمني والاقتصادي الذي يعاني منه العديد من المناطق السورية فبعد انهيار البنية التحتية في معظم المناطق التي خضعت لسيطرة التنظيم، تجد الكثير من السكان أنفسهم في وضع صعب يتسم بالفقر والبطالة، وهو ما يسهل على الجماعات الإرهابية تجنيد العناصر الشابة، إضافة إلى ذلك، ما تزال هناك مناطق تحت سيطرة الفصائل المسلحة المتناحرة، ما يساهم في انتشار الفوضى، ويمنح التنظيم الفرصة لاستعادة قوته تدريجيًا، خاصة في ظل نقص الدعم الدولي لجهود إعادة الإعمار والمصالحة.
خلايا نائمة ونشاط إرهابي مستمر
التقارير الأمنية تشير أن تنظيم داعش قد تحول في بعض الأحيان إلى "خلايا نائمة"، وهو ما يعني أن التهديد الذي يشكله التنظيم قد لا يكون دائمًا مرئيًا ولكن يتفاعل بشكل غير مباشر عبر ضربات مفاجئة أو عمليات إرهابية صغيرة.
وقد شهدت الأشهر الماضية تصاعدًا في الهجمات الإرهابية التي تستهدف أفرادًا من القوات السورية والحلفاء الأكراد في شمال البلاد.
المجتمع الدولي واستراتيجية المواجهة
في ظل هذه المخاوف، يبقى السؤال الأبرز: ما هي استراتيجيات المجتمع الدولي لمكافحة تهديد داعش المتجدد في سوريا؟ رغم الجهود العسكرية المستمرة التي تقودها الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد الإرهاب، إلا إن الوضع الإنساني والسياسي المعقد في سوريا ما يزال يعوق تنفيذ حلول طويلة الأمد.
إن عودة داعش لا تقتصر على التداعيات العسكرية فقط، بل تمتد إلى الأبعاد الإنسانية والسياسية، حيث إن استمرار النزاع يعزز التطرف ويقوض جهود إعادة بناء الدولة السورية. لذلك، تحث العديد من المنظمات الدولية على ضرورة تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية في دعم العملية السلمية، بالإضافة إلى مكافحة مصادر التمويل التي يعتمد عليها التنظيم.
خطر عودة داعش
إن خطر عودة داعش إلى المنطقة في ظل الأوضاع الحالية في سوريا يظل تهديدًا قائمًا، وهو ما يستدعي استعدادًا أكبر من قبل المجتمع الدولي والحكومة السورية لتأمين المناطق المستهدفة من قبل هذا التنظيم الإرهابي.
ورغم أن المواجهة العسكرية قد تكون إحدى الأدوات الأساسية، إلا إن الحلول السياسية والتنموية طويلة الأمد تظل الأمل الأكثر استدامة لاستقرار المنطقة ومنع ظهور تنظيمات إرهابية أخرى قد تعكر صفو السلام في المستقبل.
فيما حذر المحلل السياسي السوري، يعرب خيربك، من أن الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا تفتح الباب أمام عودة تنظيم "داعش" الإرهابي إلى بعض المناطق في البلاد.
وخلال تصريحات خاصة لوكالة "الأنباء السورية"، أشار خيربك، أن غياب الاستقرار وانتشار الفوضى في بعض المناطق السورية يعدّان من العوامل الرئيسية التي تتيح للتنظيم الإرهابي استعادة نشاطه.
وقال خيربك - في تصريح للعرب مباشر-: أنه رغم الهزائم العسكرية الكبيرة التي تعرض لها تنظيم داعش في السنوات الماضية، إلا إن الوضع الراهن في سوريا، الذي يعاني من انقسام سياسي وصراع مستمر، يوفر بيئة ملائمة لعودة داعش مجددًا، خاصة في المناطق التي تشهد ضعفًا في السيطرة الأمنية أو فراغًا حكوميًا.
وأضاف المحلل السياسي، أن "داعش لا يعمل فقط عبر الهجمات المباشرة، بل يعتمد أيضًا على استراتيجيات الحرب غير التقليدية من خلال الخلايا النائمة التي تشن هجمات صغيرة ولكنها مستمرة. وهذا يشكل تهديدًا كبيرًا للجهود المبذولة من أجل استقرار البلاد".
وأشار خيربك، أن "الانتشار الواسع للفصائل المسلحة في مختلف مناطق سوريا ووجود مصالح متناقضة بين الأطراف المختلفة يعزز حالة الفوضى، وهو ما يتيح للتنظيمات الإرهابية مثل داعش استغلال هذه الفراغات لتحقيق أهدافها".
كما دعا إلى ضرورة "تكاتف الجهود المحلية والدولية لضمان الأمن ومنع عودة هذه الجماعات التي تمثل تهديدًا ليس فقط لسوريا بل للمنطقة بأسرها".
وأكد في ختام حديثه، أن "الحل الشامل في سوريا لا يكمن فقط في المواجهات العسكرية، بل يحتاج إلى رؤية سياسية ودبلوماسية تركز على المصالحة الوطنية وإعادة الإعمار بشكل يضمن استقرار البلاد بعيدًا عن بؤر التوتر والإرهاب".