جولة ثانية من الدمار.. تحذيرات أمريكية من تصعيد إسرائيلي - إيراني وشيك

جولة ثانية من الدمار.. تحذيرات أمريكية من تصعيد إسرائيلي - إيراني وشيك

جولة ثانية من الدمار.. تحذيرات أمريكية من تصعيد إسرائيلي - إيراني وشيك
إيران وإسرائيل

بينما لم تجف بعد دماء حرب يونيو، تتسارع عقارب الساعة في الشرق الأوسط نحو مواجهة جديدة تحمل بصمات أكثر عنفًا وتعقيدًا بين إيران وإسرائيل.

 تقارير استخباراتية وتسريبات دبلوماسية، أبرزها ما نشرته مجلة "فورين بوليسي"، ترسم صورة قاتمة لصراع وشيك قد يندلع قبل نهاية العام، وربما في غضون أسابيع.

 المؤشرات على الأرض تكشف عن سباق محموم بين الطرفين؛ طهران تعيد هيكلة دفاعاتها وتوزيع منصات صواريخها، وتل أبيب تستعجل إعادة تعبئة مخزونها من القبة الحديدية وأنظمة "ثاد" الأمريكية، لكن الفارق هذه المرة أن كلا الجانبين يدرك أن الحرب الثانية لن تكون مجرد تكرار للأولى، بل مواجهة مفتوحة على احتمالات إقليمية ودولية أوسع، ومع دخول واشنطن موسم الانتخابات النصفية، يصبح قرار انخراطها الكامل أو انسحابها من الحرب جزءًا من لعبة التوازنات السياسية، حيث تتشابك الحسابات العسكرية مع رهانات السياسة الداخلية والخارجية.

*تصعيد محسوب.. واستعدادات متسارعة*


كشف تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن طهران تدرك جيدًا أن تل أبيب لن تكتفي بجولة واحدة، وأن الصراع سيُستأنف قريبًا، ربما في أواخر أغسطس.

هذا الإدراك دفع القيادة الإيرانية إلى تبني استراتيجية طويلة المدى ترتكز على الاستباق، بحيث يكون الرد في الجولة المقبلة حاسمًا منذ الضربة الأولى، لكسر أي وهم بإمكانية إخضاعها عسكريًا.

المجلة تشير، أن إيران تعيد تنظيم هجماتها الصاروخية وفق سيناريوهات تتوقع حربًا مفتوحة، في حين تركز إسرائيل على تعزيز جاهزية دفاعاتها الجوية وإعادة بناء ترسانتها قبل أن تُغلق نافذة التفوق العسكري.

*دروس الحرب الأولى.. واستراتيجية الجولة الثانية*


حرب الـ12 يومًا التي اندلعت في يونيو الماضي انتهت دون حسم، لكنها تركت دروسًا مؤلمة للطرفين، بالنسبة لإيران، أثبتت التجربة أن الاعتماد على محور المقاومة والغموض النووي لم يكن كافيًا لردع إسرائيل، ما يدفعها اليوم لإعادة تقييم برنامجها النووي باعتباره ركيزة الردع الاستراتيجية.

في المقابل، ورغم سيطرة إسرائيل على الأجواء الإيرانية خلال الحرب، فإنها فشلت في تحويل إيران إلى "سوريا ثانية"، كما أن الرد الصاروخي الإيراني ألحق أضرارًا بالغة في عمق المدن والمنشآت الإسرائيلية.

وبدون المساعدات الأمريكية، التي شملت نشر ربع منظومات "ثاد" خلال أقل من أسبوعين، ربما لم تكن تل أبيب قادرة على الاستمرار في المعركة.



*الورطة الأمريكية.. ما بين الانخراط والانسحاب*


ترى "فورين بوليسي"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمنحه الضوء الأخضر للهجوم الأول، وقع في "فخ إسرائيلي" يصعب الخروج منه الآن، المعضلة أمام واشنطن في الحرب الثانية هي غياب خيار "الانخراط المحدود"، فالواقع يفرض أحد مسارين: المشاركة الكاملة أو الانسحاب التام.

لكن الانسحاب ليس مجرد قرار لمرة واحدة، بل يتطلب مقاومة سياسية مستمرة أمام ضغط إسرائيلي داخلي وخارجي، وهو ما لم يظهر ترامب حتى الآن الاستعداد الكافي له، ومع اقتراب الانتخابات النصفية، فإن أي انحياز أو تحفظ سيكون له ثمن سياسي داخلي، فضلًا عن أثره على صورة الولايات المتحدة كحليف استراتيجي لإسرائيل.

*من حرب محلية إلى مواجهة إقليمية*


ووفق مراقبين، فأن المشهد الحالي يوحي بأن الجولة الثانية قد تتحول إلى حرب إقليمية موسعة، خصوصًا إذا قررت واشنطن الدخول على الخط عسكريًا، هذا الاحتمال يثير مخاوف من أن تصبح العراق وسوريا ولبنان ساحات ثانوية لصراع أكبر، مع إمكانية انخراط وكلاء إيران في المنطقة، مما قد يربك أي خطط إسرائيلية لحصر المواجهة في الجبهة الإيرانية، ومع ارتفاع حدة الخطاب من الطرفين، يبدو أن التراجع بات مستبعدًا، وأن المنطقة أمام مرحلة جديدة حيث تتداخل الحسابات العسكرية مع معادلات الأمن القومي والسياسة الدولية، في سباق لا يرحم بين "من يتعلم أسرع" و"من يضرب أولًا".


*رسم خرائط النفوذ*


من جانبه، يرى د. محمد خيري، خبير الشؤون الإيرانية، أن التصعيد الراهن بين طهران وتل أبيب ليس مجرد امتداد لحرب يونيو، بل هو انعكاس لتحول عميق في طبيعة الصراع الإقليمي. 

ويؤكد أن إيران استوعبت جيدًا دروس المواجهة السابقة، حيث أدركت أن الاعتماد على حلفائها الإقليميين لم يكن كافيًا لتحقيق الردع المطلوب، ولهذا اتجهت إلى إعادة هيكلة استراتيجيتها الدفاعية والهجومية على حد سواء.

ويشير خيري في حديثه لـ"العرب مباشر"، إلى أن الحرب المقبلة، إذا اندلعت، ستشهد على الأرجح مشاركة أوسع للوكلاء الإقليميين في ساحات متعددة، ما قد يفتح جبهات متزامنة ويشتت القدرات الإسرائيلية، مضيفًا، أن طهران ستسعى إلى ضرب العمق الإسرائيلي بشكل أسرع وأكثر كثافة لإرباك القيادة العسكرية والسياسية في تل أبيب.

أما على الصعيد الدولي، فيرى خيري أن موقف الولايات المتحدة سيكون العامل الأكثر حسمًا، خاصة إذا قررت الانخراط العسكري المباشر، فدخول واشنطن المعركة سيغير ميزان القوى، لكنه في الوقت ذاته سيجعلها عرضة لمواجهة شاملة في الشرق الأوسط.

ويخلص خيري إلى أن السيناريوهات المطروحة تؤكد أن الحرب القادمة، إن وقعت، لن تكون قصيرة أو محدودة، بل مواجهة مفتوحة قد تعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة لسنوات قادمة.