جيوش الظل.. كيف تدرب إيران قراصنة الإنترنت في الخفاء لشن حروب سيبرانية عالمية
جيوش الظل.. كيف تدرب إيران قراصنة الإنترنت في الخفاء لشن حروب سيبرانية عالمية
مع التطور العالمي في الحروب التي صارت حروباً عن بعد، أصبحت الحروب السيبرانية جزءاً أساسياً مما يحدث على الأرض في ظل أزمات كبرى ضربت البلدان، وباتت العمليات الاستخباراتية تعتمد بشكل عام علي مجموعات من "قراصنة الانترنت"، وهو ما تسعى له دولاً كبرى وعلى رأسها إيران والهند والولايات المتحدة الامريكية.
وإيران تُعتبر واحدة من الدول التي استطاعت تطوير قدراتها في مجال الحروب السيبرانية بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، وهذا التطور جاء كجزء من استراتيجيتها لتعزيز نفوذها الإقليمي والدولي، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والعسكرية التي تواجهها من القوى العالمية.
جيوش من نوع جديد
الحكومة الإيرانية، عبر أجهزتها الأمنية والاستخباراتية، تعمل على تدريب جيوش من قراصنة الإنترنت بشكل سري، بهدف شن هجمات إلكترونية على أهداف محددة، منها الحكومية والبنية التحتية الحيوية في دول منافسة، وكذلك الشركات الكبرى والمنظمات الدولية.
وإيران بدأت في الاستثمار بشكل مكثف في الحروب السيبرانية منذ أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، خاصة بعد الهجوم الإلكتروني الشهير بـ "ستاكس نت" الذي استهدف برنامجها النووي، ومنذ ذلك الحين، رأت إيران في الحرب السيبرانية ساحة جديدة للنزاعات غير التقليدية، حيث تمكنها من مواجهة أعدائها بشكل غير مباشر ودون المخاطرة بتصعيد عسكري تقليدي.
التدريب الذي يحصل عليه قراصنة الإنترنت الإيرانيون يجري تحت إشراف جهات حكومية وأمنية، مثل الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى وحدات استخباراتية متخصصة، هؤلاء القراصنة يتم تدريبهم على تقنيات متقدمة في الاختراق والتجسس الإلكتروني، والتخريب الرقمي، واختراق الشبكات.
تشمل التدريبات كيفية اختراق الأنظمة الحساسة وجمع المعلومات الاستخباراتية، واستهداف البنية التحتية الحيوية مثل محطات الطاقة، وشبكات المياه، والنقل، وحتى المؤسسات المالية.
تجنيد القراصنة الإيرانين
تستخدم إيران عدة أساليب لتجنيد وتدريب هؤلاء القراصنة. بعضها يعتمد على الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، حيث يتم تحديد الطلاب الموهوبين في مجالات التكنولوجيا والمعلوماتية.
بعد ذلك، يتم تجنيدهم وتقديم دورات تدريبية متقدمة لهم في الأمن السيبراني والاختراق الإلكتروني. كما يتم تقديم دعم مالي مغرٍ لهؤلاء الأفراد وتوظيفهم ضمن وحدات سرية تعمل تحت مظلة الدولة.
بالإضافة إلى التدريب الرسمي، تعتمد إيران على إنشاء مجموعات سيبرانية غير حكومية، تعمل كذراع غير رسمي للنظام، مما يمنحها القدرة على نفي تورطها المباشر في الهجمات السيبرانية.
هذه المجموعات تستخدم لإطلاق هجمات إلكترونية على أهداف دولية، وتتمتع بدرجة عالية من المرونة في كيفية العمل والانتقال بين المهام المختلفة.
أكاديمية سرية في إيران
تعمل أكاديمية سرية تحت ستار التدريب على أمن الإنترنت، لتشكيل جيل من قراصنة الإنترنت الذين ينفذون هجمات سيبرانية بتوجيه من النظام الإيراني.
هذه الأكاديمية تعرف باسم "أكاديمية راوين"، وهي تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، وتستهدف الشباب الموهوبين لتحويلهم إلى أدوات متطورة في حرب إلكترونية تتجاوز الحدود.
الأكاديمية تعمل وفقًا لتقرير موقع "إيران إنترناشيونال" تحت إشراف المرشد الأعلى علي خامنئي، وتستخدم مسابقات مثل "أولمبياد التكنولوجيا" كغطاء لتجنيد المواهب الشابة وتدريبهم على تنفيذ هجمات إلكترونية تستهدف مؤسسات ودولًا أجنبية.
هذه الأكاديمية تلعب دورًا كبيرًا في توسيع شبكة القراصنة عبر تجنيد مزيد من شباب الجامعات الإيرانية عبر تقديم وعود مغرية لهم من خلال أنشطة تدريبية وسياسية، ليكتشفوا لاحقًا أنهم جزء من آلة الحرب السيبرانية الإيرانية.
وفي نوفمبر من العام 2022، فرضت وزارة الخارجية الأمريكية عقوبات على الأكاديمية "لدورها في قمع الحريات داخل إيران"، كما أشارت تقارير الأمم المتحدة، إلى تورط الأكاديمية في انتهاكات لحقوق الإنسان من خلال أنشطتها السيبرانية.
بفضل هذه الجهود، أصبحت إيران تعتبر واحدة من الدول الرائدة في هذا النوع من الحروب؛ مما يتيح لها القدرة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية والسياسية عبر الإنترنت، من دون الحاجة للدخول في مواجهة عسكرية مباشرة.