السودان في قلب العاصفة.. تسجل رقمًا قياسيًا للنازحين حول العالم

السودان في قلب العاصفة تسجل رقمًا قياسيًا للنازحين حول العالم

السودان في قلب العاصفة.. تسجل رقمًا قياسيًا للنازحين حول العالم
صورة أرشيفية

في تطورٍ مقلق للأوضاع الإنسانية، بلغ عدد النازحين داخليًا حول العالم رقمًا قياسيًا ينذر بالخطر، حيث وصل إلى 75.9 مليون نازح بنهاية عام 2023، وفقًا لمركز رصد النزوح الداخلي، السودان، الذي يعاني من نزاعات مستمرة، يتصدر القائمة بـ9.1 مليون نازح؛ مما يجعله البلد الأكثر تأثرًا بالنزوح الداخلي على مستوى العالم.

*التحديات المتزايدة*

خلال العقد الماضي، شهد العالم تحولات جيوسياسية وبيئية متسارعة، لكن السنوات الخمس الأخيرة كانت استثنائية بشكل خاص، حيث ارتفعت أعداد النازحين داخليًا بنسبة مذهلة تصل إلى 50%، الأرقام المقلقة التي سُجلت في العامين 2022 و2023 تعكس زيادة حادة وغير مسبوقة في هذه الظاهرة، هذا الارتفاع ليس مجرد إحصاء بل يمثل ملايين القصص الإنسانية والمعاناة التي لا تُحصى.

النزاعات المسلحة، التي تتراوح بين الحروب الأهلية والصراعات العرقية، والعنف الطائفي، قد تصاعدت بشكل كبير؛ مما أدى إلى تهجير السكان من مناطقهم الأصلية، العنف لا يقتصر فقط على الأضرار المادية، بل يمتد ليشمل الأثر النفسي والاجتماعي على النازحين، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على البحث عن مأوى مؤقت، أملًا في العودة يومًا ما إلى ديارهم.

بالإضافة إلى النزاعات، لعبت الكوارث الطبيعية دورًا كبيرًا في هذا الارتفاع، الفيضانات، الزلازل، والأعاصير، والجفاف، كلها عوامل أجبرت الناس على الفرار من منازلهم؛ مما زاد من تعقيدات النزوح الداخلي. الكوارث الطبيعية غالبًا ما تأتي بشكل مفاجئ، تاركةً وراءها دمارًا يصعب تداركه، وتحديات إعادة الإعمار التي قد تستغرق سنوات.

هذه الزيادة في النزوح الداخلي تطرح تحديات كبيرة أمام المجتمع الدولي، وتتطلب استجابة إنسانية وتنموية شاملة. توفير الأمان والاستقرار للنازحين يتطلب جهودًا متضافرة ومستدامة لضمان عدم تحول النزوح إلى أزمة دائمة.

*التداعيات الممتدة للنزوح*

ألكسندرا بيلاك، التي تتولى مسؤولية إدارة مركز رصد النزوح الداخلي، أعربت عن قلقها العميق إزاء الزيادة الملحوظة في أعداد النازحين داخليًا خلال العامين الماضيين. ووصفت الوضع بأنه مؤشر على استمرارية الأزمات والنزاعات التي تعصف بمختلف الأقاليم، مما يؤدي إلى دمار شامل يعيق جهود إعادة الإعمار والتعافي. 

تحدثت بيلاك عن الصعوبات الجمّة التي يواجهها النازحون في محاولة استعادة نمط حياة طبيعي، حيث يجد الكثيرون منهم أنفسهم عالقين في دوامة من الانتظار والأمل المتواصل، وأحيانًا لفترات تمتد لعدة سنوات.

شددت بيلاك - في تصريحات لـ"فرانس برس"-،  على أن هذه الأزمة لا تقتصر على تأثيرها على الأفراد والأسر فحسب، بل تمتد لتشمل النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات المتضررة.

 وأكدت بيلاك على ضرورة تضافر الجهود الدولية لتطوير استراتيجيات فعالة تتجاوز الإغاثة العاجلة إلى بناء حلول طويلة الأمد تعالج جذور المشكلة وتساعد في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.

وفي ختام تصريحاتها، ناشدت بيلاك المجتمع الدولي للنظر في النزوح الداخلي كأولوية قصوى، مشيرة إلى أن الحاجة ماسة لتبني حلول دولية مبتكرة ومتكاملة تعمل على معالجة هذه الأزمة المتفاقمة وتضمن عودة النازحين إلى حياة كريمة ومستقرة.

*التداعيات الإنسانية*

من جانبه، يقول المحلل السياسي السوداني، الأمين مختار: الأرقام التي نراها اليوم ليست مجرد إحصاءات، بل هي دليل على أزمة إنسانية متفاقمة، مضيفًا، النزوح الداخلي لا يؤدي فقط إلى تشريد الأفراد، بل يعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي للمجتمعات.

وتابع مختار في حديثه لـ"العرب مباشر"، النازحون في السودان يواجهون تحديات جمة تتعلق بالأمن الغذائي، الصحة، والتعليم، الحلول يجب أن تكون متعددة الأبعاد، تشمل الاستجابة الإنسانية العاجلة، وكذلك خطط التنمية طويلة الأمد التي تعالج جذور النزاعات وتضمن الاستقرار والسلام.

واختتم مختار، يجب علينا أن ننظر إلى النازحين ليس كضحايا فحسب، بل كأفراد لديهم القدرة على المساهمة في إعادة بناء مجتمعاتهم إذا ما أُتيحت لهم الفرصة، الحلول الطويلة الأمد يجب أن تركز على إعادة الدمج والتنمية المستدامة، وليس فقط على الإغاثة العاجلة.