السويداء تنزف نزوحًا.. ودرعا تواجه أزمة إنسانية متفاقمة

السويداء تنزف نزوحًا.. ودرعا تواجه أزمة إنسانية متفاقمة

السويداء تنزف نزوحًا.. ودرعا تواجه أزمة إنسانية متفاقمة
السويداء

في تطور يعكس تصاعد الأزمة الداخلية في جنوب سوريا، تتواصل حركة النزوح الجماعي من محافظة السويداء باتجاه محافظة درعا، حيث دفعت الأوضاع الأمنية المضطربة آلاف العائلات إلى ترك منازلها والفرار بحثًا عن ملاذ آمن. 

وأكدت مصادر محلية في درعا، أن موجة النزوح مرشحة للتصاعد، مع استمرار المخاوف الأمنية وفتح المزيد من الممرات الآمنة.

اكثر من 3500 عائلة من العشائر البدوية والطائفة الدرزية 

وبحسب حسين نصيرات، المسؤول عن ملف الطوارئ والشؤون الاجتماعية في محافظة درعا، فقد استقبلت المحافظة حتى الآن أكثر من 3500 عائلة، معظمهم من العشائر البدوية والطائفة الدرزية، إضافة إلى عائلات من مناطق أخرى كانت تقيم في السويداء.

 ووصلت، صباح الاثنين، فقط أكثر من 200 عائلة جديدة، في مؤشر واضح على تدهور الأوضاع في السويداء رغم إعلان وقف إطلاق النار مؤخرًا.

وأُسكنت غالبية النازحين في ثلاثين مركز إيواء مؤقت، أقيمت في مبانٍ تعليمية مهجورة، فيما لجأت بعض العائلات إلى نصب خيام في العراء أو الإقامة لدى أقارب لهم في ريف درعا الشرقي.

 المجتمع المحلي، كما يشير نصيرات، كان أول المستجيبين لأزمة النزوح، حيث سارع الأهالي إلى تقديم الدعم والمساعدة قبل وصول فرق الإغاثة والمنظمات الدولية.

وأضاف المسؤول المحلي: أن الاستعدادات قائمة لاستقبال موجة نزوح جديدة، يُتوقع أن تشمل ما لا يقل عن ألفي عائلة إضافية مع توسيع نطاق الممرات الإنسانية.

 وتجرى حاليًا أعمال تجهيز مراكز جديدة في مواقع متعددة لتفادي الضغط على المرافق القائمة.

مصير النازحين 

أما عن مصير النازحين، فالصورة ما تزال ضبابية، فمع أن وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ الأحد، عقب انسحاب مقاتلي العشائر والبدو من السويداء، إلا أن حجم الدمار الذي طال منازل المدنيين قد يُطيل من أمد بقائهم في مناطق اللجوء. 

ويأمل الأهالي في أن يعود الهدوء تدريجيًا، لكن غياب السيطرة الحكومية الكاملة على مناطق الاشتباك يثير مخاوف من تجدد العنف.

وكانت الاشتباكات، التي اندلعت في 13 يوليو، قد شهدت مواجهات عنيفة بين مجموعات مسلحة محلية ومقاتلين من العشائر البدوية، قبل أن تتدخل قوات حكومية في القتال، بالتزامن مع غارات إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية في السويداء ومحيط العاصمة دمشق.

كما أن الاتفاق الأخير على وقف إطلاق النار أتاح انتشار قوات من الأمن الداخلي في بعض المناطق، دون أن يشمل المدن الكبرى مثل السويداء، ما يطرح تساؤلات عن مدى قدرة الاتفاق على الصمود، خاصة في ظل تداخل الأطراف المتصارعة وتعدد القوى المسلحة على الأرض.

انعاكس خطير لفشل محاولات ضبط التوتر الطائفي
 
وقال الباحث السياسي السوري أحمد مرعي: إن موجة النزوح الأخيرة من السويداء إلى درعا تمثل "انعكاسًا خطيرًا لفشل محاولات ضبط التوتر الطائفي والعشائري في الجنوب السوري"، مشيرًا أن ما يحدث "ليس مجرد اشتباكات محلية، بل نتيجة مباشرة لفراغ أمني وسياسي تراكم منذ سنوات".

وأضاف - في تصريحات خاصة لـ العرب مباشر-: "رغم إعلان وقف إطلاق النار، إلا أن استمرار غياب سلطة الدولة الفعلية عن مفاصل القرار في السويداء، يعزز المخاوف لدى المدنيين، ويدفع آلاف العائلات إلى الهروب كخيار وحيد للبقاء، مشيرًا أن وقف إطلاق النار لا يضمن وحده عودة الاستقرار، ما لم يترافق مع حلول جذرية تتعلق ببنية السلطة المحلية، وانتشار السلاح، وتدخلات بعض الأطراف الخارجية".