سباق التسلح في الشرق الأوسط.. أمريكا توافق على دعم عسكري جديد لإسرائيل.. ما القصة؟
سباق التسلح في الشرق الأوسط.. أمريكا توافق على دعم عسكري جديد لإسرائيل.. ما القصة؟

في خطوة تعكس استمرار الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل رغم التوترات الإقليمية المتصاعدة، أعلنت الولايات المتحدة عن صفقة أسلحة جديدة بقيمة 7.4 مليار دولار تشمل قنابل دقيقة التوجيه وصواريخ هيلفاير؛ مما يثير تساؤلات حول تداعيات هذه الإمدادات على توازن القوى في الشرق الأوسط. الصفقة، التي تأتي بعد عام من تجميد إدارة بايدن لبعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، تبرز كإشارة واضحة على عودة الدعم العسكري غير المشروط، خصوصًا بعد التغيير في البيت الأبيض.
وبينما تؤكد الإدارة الأمريكية أن هذه الصفقة تهدف إلى تعزيز دفاعات إسرائيل وردع أي تهديدات محتملة، تزداد المخاوف من تداعياتها على مستقبل التهدئة في المنطقة، خصوصًا بعد الدمار الهائل الذي خلفته الحرب الأخيرة على غزة.
*تفاصيل الصفقة ودوافعها*
أعلنت وكالة التعاون الأمني والدفاعي الأمريكية، أن وزارة الخارجية وافقت على صفقة تسليح ضخمة مع إسرائيل، تشمل تزويدها بقنابل دقيقة التوجيه من طراز JDAM بقيمة 6.75 مليار دولار، بالإضافة إلى صواريخ "هيلفاير" الموجهة المضادة للدروع بقيمة 660 مليون دولار.
هذه الأسلحة تُستخدم بشكل أساسي في تنفيذ ضربات جوية دقيقة وإضعاف قدرات الخصوم في بيئات قتالية معقدة.
وفقًا للوكالة، فإن الهدف الأساسي من الصفقة هو "تعزيز قدرة إسرائيل على مواجهة التهديدات المستقبلية، وتحسين دفاعاتها الجوية والهجومية"، في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، لا سيما مع استمرار الصراعات الإقليمية والتحديات الأمنية.
*التداعيات السياسية والعسكرية*
تأتي هذه الصفقة في أعقاب حرب مدمرة شنتها إسرائيل على قطاع غزة في أكتوبر 2023، حيث استخدمت أسلحة أمريكية الصنع في تنفيذ هجمات جوية واسعة النطاق أدت إلى تدمير البنية التحتية المدنية وأزمة إنسانية خانقة.
ورغم نجاح وساطات دولية في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لا تزال الأوضاع متوترة، وسط تحذيرات من احتمال اندلاع جولة جديدة من القتال.
في هذا السياق، يرى مراقبون، أن استمرار تدفق الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل لا يعزز الاستقرار، بل قد يزيد من مخاطر التصعيد، خاصة مع تصاعد الانتقادات من منظمات حقوقية ودولية ترى أن هذه الإمدادات العسكرية تساهم في تفاقم الأوضاع وتؤثر على فرص تحقيق تسوية سياسية.
*دور الكونغرس واحتمالية الاعتراض*
رغم موافقة وزارة الخارجية الأمريكية على الصفقة، ما تزال بحاجة إلى مصادقة الكونغرس، الذي يملك صلاحية مراجعة وإقرار مثل هذه الاتفاقيات الدفاعية.
ومع أن تعطيل الصفقة يبدو مستبعدًا نظرًا للدعم التقليدي القوي لإسرائيل داخل المؤسسة التشريعية الأمريكية، إلا أن هناك أصواتًا داخل الكونغرس تطالب بمزيد من الشفافية حول كيفية استخدام هذه الأسلحة.
بعض المشرعين، خصوصًا من الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، يطالبون بتشديد الرقابة على مبيعات الأسلحة للدول المنخرطة في نزاعات مسلحة، لضمان عدم استخدامها في انتهاكات للقانون الدولي أو لتصعيد الصراعات بدلاً من حلها.
وفي حال تصاعد الضغوط الداخلية، قد يواجه البيت الأبيض انتقادات أكبر حول سياسته في دعم إسرائيل عسكريًا، خصوصًا مع استمرار التوترات في المنطقة.
انعكاسات إقليمية ودولية:
من جانبه، يقول د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية: إن من المرجح أن تؤدي هذه الصفقة إلى تصعيد التوترات مع إيران وحلفائها في المنطقة، الذين يرون في استمرار التسليح الأمريكي لإسرائيل تهديدًا مباشرًا.
وأضاف فهمي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن دولًا عربية، رغم تطبيع بعضها العلاقات مع إسرائيل، قد تبدي تحفظًا على استمرار تدفق الأسلحة التي تستخدم في عمليات عسكرية تؤثر على الأمن الإقليمي.
وأشار فهمي، أن هذه الصفقة قد تتسبب في إحراج إدارة ترامب أمام حلفائها الأوروبيين الذين يدعون إلى ضبط النفس في تصدير الأسلحة للمنطقة.
وتابع فهمي: في ظل استمرار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تبدو هذه الصفقة مؤشرًا على عدم تغير السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل رغم التبدلات السياسية الداخلية، مضيفًا، بينما تُبرر واشنطن الصفقة باعتبارها إجراءً دفاعيًا، يبقى التساؤل مفتوحًا حول مدى تأثيرها على استقرار الشرق الأوسط، خصوصًا مع تعالي الأصوات المطالبة بمراجعة الدعم العسكري الأمريكي غير المشروط لتل أبيب.