أزمات كبرى على طاولة الحرب السودانية، استمرار التصاعد في الأحداث يجبر الجميع على النزوح أو العيش تحت وطأة القصف ما بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش السوداني، المستمر منذ الخامس عشر من إبريل الماضي، حيث لا جدوى لأي هدنة في ظل اختراقها من بين الطرفين. 

وتتحول السودان لساحة صراع كبرى مع تصاعد وتيرة القصف وأصبحت الخرطوم عبارة عن سماء من الغيوم نتيجة للحرب التي لا هوادة بها في ظل محاولات الجانبين السيطرة على نظام الحكم في البلاد. 

توقُّف مفاوضات جدة 

ومؤخراً علقت الوساطة السعودية - الأميركية، الجولة الثانية من المفاوضات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" بمدينة جدة السعودية، أثر تصاعد وتيرة الاقتتال العنيف بالسودان، الذي خلف أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح. 

ومن المقرر أن يغادر الوفدان لإجراء مشاورات مع القيادة، بعد إخفاق الأطراف في تنفيذ إجراءات بناء الثقة وإنهاء الوجود العسكري بالمدن الرئيسية، التي تشهد نزاعاً مسلحاً وعلى رأسها الخرطوم وإقليم دارفور. 

وانهيار مفاوضات جدة يشكل "خيبة أمل" للشعب السوداني الذي كان يسعى لإنهاء الصراع، والذين فتكت هذه الحرب بحياتهم وأحالتها جحيما".

تصاعد مميت لشعب السودان 

تعليق المفاوضات يعني تصاعُد العمليات العسكرية مرة أخرى، وسقوط مزيد من الضحايا واستمرار الكارثة التي يعيشها ملايين اللاجئين والنازحين وهذه المأساة يتحملها من يعيقون الوصول لحل سلمي وهم من يتحملون كل قطرة دم تسكب. 

وقد قتل العشرات في الخرطوم وأم درمان مساء الثلاثاء وصباح الأربعاء، وتعرضت أكبر مصفاة نفط في السودان لدمار كامل، مع تصاعد حدة القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع، ذلك مع تزايد وتيرة الاشتباكات بشكل ملحوظ في عدة مناطق من مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، مما أدى إلى مقتل أكثر من 30 مدنيا من بينهم 3 أسر على الأقل.

خاصة أن الجولة الثانية من مفاوضات جدة، بدأت ببندين اثنين هما، المساعدات الإنسانية، وبناء الثقة بين الطرفين، وقد حاول وفد الجيش السوداني إغراق منبر جدة بعناصر تنتمي للنظام القديم، وهما السفير عمر صديق، والعميد في جهاز المخابرات العامة، صلاح المبارك، الذي يتولى إدارة العون الإنساني، ووفد الدعم السريع رفض بشكل قاطع وجود عمر صديق وصلاح المبارك، وتمسك بموقفه، ما أدى إلى تأخر انطلاق الجولة لمدة 3 أيام، بعدها اضطر وفد الجيش إلى إبعاد الشخصين وتجريدهما من مناصبهما والإبقاء عليهما كخبراء من خارج قاعة التفاوض.

ويقول المحلل السياسي السوداني، محمد إلياس: إن ما حدث هو كارثة إنسانية والآن الشعب يريد من الأمم المتحدة التدخل الفوري لإنهاء النزاع المستمر دون النظر إلى شعب ضاع في الأحداث والصراع، والسودان أصبح الآن بلداً غير صالح للعيش به، كما أن قادة الحرب الآن لا يرون أي دماء تحت أقدامهم وينظرون للسلطة والانتصار الحربي فقط. 

وأضاف إلياس في تصريحات خاصة للعرب مباشر، أن معظم الأحياء السكنية والأسواق والمنشآت الصناعية والاقتصادية، طالها الدمار الناجم عن الحرب مثل جسر شمبات الرابط بين الخرطوم بحري وأم درمان، فضلا عن القصر الجمهوري الذي يبلغ عمره أكثر من 190 عاما، وأجزاء كبيرة من مطار الخرطوم الدولي، والقيادة العامة للجيش السوداني وسط المدينة، ومن يستطيع بناء البلاد من جديد؟!.