الاقتصاد العالمي يواجه خسائر بـ14.5 تريليون دولار بسبب الصراعات.. ما التفاصيل؟

الاقتصاد العالمي يواجه خسائر بـ14.5 تريليون دولار بسبب الصراعات.. ما التفاصيل؟

الاقتصاد العالمي يواجه خسائر بـ14.5 تريليون دولار بسبب الصراعات.. ما التفاصيل؟
حرب غزة

حذرت سوق التأمين "لويدز أوف لندن"، اليوم، من أن الاقتصاد العالمي قد يواجه خسائر تصل إلى 14.5 تريليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة؛ نتيجة للصراعات الجيوسياسية التي تهدد سلاسل التوريد وسوق التأمين.


 جاء هذا التحذير وسط تزايد الاضطرابات العالمية التي تؤثر على تدفق البضائع وتجارة الشحن البحري.

*تهديدات لسلاسل التوريد*


بحسب "لويدز"، فإن أكثر من 80% من واردات وصادرات العالم، أي نحو 11 مليار طن من البضائع، يتم شحنها عبر البحار. لذا فإن إغلاق طرق التجارة البحرية الرئيسية نتيجة للصراعات يشكل تهديداً كبيراً لاستقرار الاقتصاد العالمي. 

قد تؤدي الأضرار الكبيرة التي تتعرض لها البنية التحتية في مناطق الصراع إلى تعطيل هذه الطرق، مما ينعكس سلباً على سلاسل التوريد التي تعتمد عليها الدول المختلفة لضمان استمرارية تدفق السلع والخدمات.

أثر الحروب الجارية


تشير "لويدز" إلى أن الصراعات الحالية، مثل الحرب في أوكرانيا والحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، والتي تتسع تدريجيًا وتتشعب أطرافها، قد أسفرت بالفعل عن اضطرابات خطيرة في طرق الشحن البحرية في البحر الأسود والبحر الأحمر. 

فالحرب في أوكرانيا، على سبيل المثال، أدت إلى إغلاق أجزاء كبيرة من البحر الأسود أمام حركة الشحن، ما أثر بشكل مباشر على تصدير الحبوب والسلع الغذائية الأساسية من أوكرانيا وروسيا.

هذه المنطقة تعدّ من أهم ممرات الشحن للحبوب والمنتجات الزراعية، وإغلاقها تسبب في زيادة أسعار السلع على الصعيد العالمي وأثر على العديد من الدول التي تعتمد على هذه الإمدادات.

من جهة أخرى، فإن الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان والصراع مع إسرائيل الذي تتعدد أطرافه بتدخل اليمن وإيران والعراق وسوريا، أضرت بطرق الشحن في البحر الأحمر، الذي يعتبر ممرًا حيويًا للتجارة بين أوروبا وآسيا.

خاصة مع استهداف المنشآت البحرية والبنية التحتية في المنطقة يزيد من صعوبة حركة السفن التجارية ويؤدي إلى تأخيرات طويلة في تسليم الشحنات، تلك التأخيرات تضيف تكاليف إضافية على الشحن والتأمين؛ مما يؤدي إلى تضخم الأسعار في الأسواق العالمية.

ويرى مراقبون، أن الاضطرابات الحالية تعكس مدى هشاشة التجارة البحرية أمام الصراعات الجيوسياسية، حيث تظل المنطقة عرضة لمزيد من التوترات التي قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة. 

هذا يعني أن استمرار الحروب في تلك المناطق يمكن أن يعزز احتمال نشوب صراعات جديدة، مما يضاعف من تأثيرها على الاقتصاد العالمي، ويزيد من التحديات التي تواجه الدول التي تعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية.

*مخاطر نظامية*


ترى "لويدز" أن احتمالية نشوب صراع جيوسياسي واسع النطاق يعتبر خطراً نظامياً، بمعنى أنه قد يكون احتماله منخفضاً ولكن تأثيره كبير للغاية.

وتستند الشركة - في تقديراتها- إلى شراكة مع مركز كامبريدج لدراسات المخاطر، حيث قامت بدراسة مجموعة متنوعة من المخاطر النظامية المحتملة، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية وأحداث الطقس المتطرفة، والتي تمثل تهديدات إضافية للاقتصاد العالمي.

التهديدات المرتبطة بالشحن


إغلاق ممرات الشحن البحرية الرئيسية بسبب الصراعات الجيوسياسية يشكل تهديداً هائلاً للاستقرار الاقتصادي العالمي.

 الطرق البحرية تُعدّ شريان الحياة للتجارة الدولية، حيث يمر عبرها أكثر من 80% من البضائع العالمية. لذلك، تعطيل هذه الطرق يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات مدمرة على العديد من الصناعات، بدءاً من الصناعات التحويلية وصولاً إلى القطاع الغذائي والطاقة.

إغلاق ممرات الشحن يؤدي إلى تحويل مسارات السفن التجارية إلى طرق أطول وأقل كفاءة، ما يؤدي إلى زيادة التكاليف التشغيلية وزيادة في أسعار المنتجات النهائية. 

بالإضافة إلى ذلك، يؤثر هذا على سلاسل التوريد العالمية التي تعتمد على حركة المواد الخام والمكونات الأساسية من مواقع الإنتاج إلى مراكز التصنيع والتوزيع.

علاوة على ذلك، فإن التهديدات المرافقة للتأمين على الشحنات ترتفع بشكل كبير عندما تصبح مناطق الشحن البحرية غير آمنة.

 فتعرض السفن التجارية لهجمات أو مخاطر الاحتجاز في مناطق الصراع يرفع تكاليف التأمين بشكل حاد؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار النهائية للسلع التي يتم شحنها. 

هذا الواقع يدفع الشركات التجارية والمستوردين إلى البحث عن بدائل أقل خطورة، مما يزيد من تفاقم أزمات العرض والطلب في الأسواق.

في هذا السياق، تواجه شركات الشحن ضغوطاً هائلة للحفاظ على نشاطها وضمان عدم تأثر عملياتها بالتهديدات الجيوسياسية. 

ومع استمرار الصراعات في مناطق مثل الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، يظل احتمال حدوث اضطرابات أكبر في حركة الشحن الدولية قائماً؛ مما يزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية على المستوى العالمي.

الأضرار المحتملة


تتسبب الصراعات الجيوسياسية في أضرار جسيمة للبنية التحتية الأساسية في مناطق النزاع، مما يعطل بشكل كبير حركة التجارة الدولية. 

الموانئ، التي تُعدّ نقاط ارتكاز رئيسية للتجارة البحرية، قد تصبح أهدافاً مباشرة للصراعات، حيث يمكن أن تتعرض للتدمير أو للإغلاق المؤقت، ما يؤدي إلى تعطيل عمليات الشحن وتوقفها لفترات طويلة.

الطرق البرية التي تربط الموانئ بمناطق الإنتاج أو التوزيع قد تتأثر هي الأخرى بالحرب، حيث يتم استهدافها أو قطعها بشكل متعمد لمنع نقل البضائع.

وفي حال تضررت الجسور والأنفاق، تصبح عمليات النقل معقدة جداً، مما يزيد من التكلفة الزمنية والمادية. 

هذا النوع من الأضرار لا يؤثر فقط على حركة السلع داخل منطقة النزاع، بل يمتد تأثيره ليشمل الاقتصادات الإقليمية والدولية التي تعتمد على هذه الموانئ والممرات لتصدير واستيراد البضائع.

كما أن الهجمات على المنشآت الصناعية والبنية التحتية للطاقة تعد جزءًا من هذا التأثير، حيث تعطل إنتاج وتوزيع الموارد الحيوية مثل النفط والغاز؛ مما يؤدي إلى نقص في الإمدادات وارتفاع في الأسعار. 

بالإضافة إلى ذلك، يضعف تدمير هذه البنية التحتية قدرة الدول على إعادة بناء اقتصاداتها بعد انتهاء الصراعات، ويجعلها عرضة لفترات طويلة من الركود والتعافي البطيء.

وفي ظل هذه التحديات، يتعين على الدول والشركات التخطيط لسيناريوهات أسوأ خلال الأزمات الجيوسياسية، مما يفرض ضغطاً إضافياً على الموارد المالية ويعزز الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية البديلة والطرق التجارية الجديدة التي قد تستغرق سنوات لتكون فعالة.

*الهجمات الإلكترونية والطقس المتطرف*


بالإضافة إلى التهديدات الجيوسياسية، تحذر "لويدز" من المخاطر النظامية الأخرى التي يمكن أن تؤثر على الاقتصاد العالمي. من بينها الهجمات الإلكترونية التي قد تستهدف شبكات الاتصالات وسلاسل التوريد، إضافة إلى أحداث الطقس المتطرفة التي قد تعطل عمليات الشحن والإنتاج.

في ظل هذه التهديدات المتعددة، تحاول الحكومات والشركات التجارية تعزيز استراتيجياتها للتخفيف من تأثير الأزمات الجيوسياسية.

 تهدف هذه الخطط إلى تأمين طرق التجارة البديلة، وتعزيز استدامة سلاسل التوريد، وتقليل اعتمادها على المناطق المعرضة للصراعات. ومع ذلك، ما تزال تلك التحديات تشكل تهديداً طويل الأمد على الاستقرار الاقتصادي العالمي.