الفصائل العراقية في مواجهة إسرائيل.. صراع جديد يهدد استقرار الشرق الأوسط

الفصائل العراقية في مواجهة إسرائيل.. صراع جديد يهدد استقرار الشرق الأوسط

الفصائل العراقية في مواجهة إسرائيل.. صراع جديد يهدد استقرار الشرق الأوسط
الفصائل العراقية

في خطوة تعكس تحولات جذرية في ديناميكية الصراع الإقليمي، أعلنت فصائل عراقية موالية لإيران مسؤوليتها عن هجوم جديد استهدف مواقع حساسة داخل إسرائيل

 

هذا التصعيد يأتي وسط اضطرابات مستمرة في المنطقة نتيجة الحرب في غزة، ويضع العراق في واجهة المواجهة المباشرة مع إسرائيل. الفصائل المسلحة، لا تخفي نواياها لتوسيع دائرة العنف، هذا التطور المقلق يسلط الضوء على الدور المتزايد للفصائل العراقية في هذا النزاع، حيث تسعى إلى توجيه رسائل واضحة لإسرائيل وحلفائها، ومع كل ضربة، تزداد المخاوف من أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة أوسع في المنطقة، من جهة أخرى، فإن العراق، الذي يعيش في ظل حكومة تنادي بالتهدئة، يجد نفسه في موقف متناقض بين التصعيد العسكري من قِبل فصائله المسلحة وسياسة حكومته المتحفظة. 

 

هذا التباين يخلق تناقضات سياسية معقدة، مما يجعل المنطقة على حافة بركان قد ينفجر في أي لحظة، وسط مراقبة دولية لمآلات هذا التصعيد المتسارع.

 

*استهداف المواقع الحيوية في إسرائيل* 

 

في تصعيد جديد للصراع في الشرق الأوسط، أعلنت فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران عن تنفيذ هجوم بطائرة مسيّرة استهدف موقعًا حيويًا في شمال إسرائيل.

 

يأتي هذا الهجوم في إطار سلسلة من الهجمات التي تستهدف إسرائيل منذ أشهر، وتحديدًا منذ اندلاع الحرب في غزة. هذه الهجمات الجوية تُعتبر جزءًا من استراتيجيات تلك الفصائل للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، خصوصًا في ظل الدعم الأمريكي المستمر لإسرائيل.

 

على الرغم من عدم توجيه إسرائيل الاتهامات بشكل مباشر لهذه الفصائل في البداية، إلا أن تكثيف الهجمات وتطورها كشف عن تنسيق دقيق بين الأطراف.

 

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن مقتل اثنين من جنوده وإصابة أكثر من 20 آخرين جراء انفجار طائرة مسيرة -أطلقت من العراق- في قاعدة لقواته شمالي الجولان السوري الأسبوع الماضي، وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، إنها المرة الأولى منذ بداية الحرب التي تنجح فيها عمليات الفصائل العراقية في إيقاع قتلى وجرحى، حيث أكد متحدث باسم الجيش، أن 24 جنديًا أصيبوا في الهجوم، منهم اثنان في حالة خطيرة.

*أهداف الفصائل العراقية* 

 

الفصائل العراقية، مثل كتائب حزب الله وحركة النجباء، تستفيد من هذا التصعيد لتحقيق عدة أهداف استراتيجية. أولاً، تسعى هذه الفصائل إلى تعزيز موقعها الإقليمي كجزء من المحور الإيراني ضد إسرائيل وحلفائها، وهو ما يتماشى مع رؤية إيران في المنطقة.

 

ثانيًا، تهدف إلى إضعاف النفوذ الأمريكي في العراق وسوريا من خلال استهداف قواعدها وقواتها، متخذة الهجمات على إسرائيل وسيلة للضغط على الوجود الأمريكي.

 

وأخيرًا، تهدف الفصائل إلى الحفاظ على دعمها الشعبي في الداخل العراقي والإيراني، حيث تُظهر تلك الهجمات كجزء من مقاومة "الاحتلال الإسرائيلي"، مما يعزز شرعيتها.

 

*تأثر الأمن الإسرائيلي* 

 

إسرائيل، التي لطالما اعتبرت نفسها القوة العسكرية المهيمنة في المنطقة، تواجه اليوم تحديات غير تقليدية من هذه الفصائل التي تستخدم الطائرات المسيّرة وغيرها من الوسائل غير التقليدية.

 

هذه الهجمات تُحدث قلقًا متزايدًا داخل إسرائيل، حيث يمكن لهذه الفصائل الوصول إلى مواقع حيوية عسكرية ومدنية على حد سواء.

 

بالإضافة إلى ذلك، يشير المحللون إلى أن هذه الهجمات قد تدفع إسرائيل إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها الأمنية والدفاعية على مستوى الحدود الشمالية والشرقية، مع التركيز على تحسين أنظمة الدفاع الجوي والتعاون الاستخباراتي مع حلفائها في المنطقة.

 

من جانبه، افاد موقع "واللا" الإسرائيلي، أنّ جنوداً من لواء (210) في الجولان، ينتقدون بشدة سلوك الجيش الإسرائيلي، وقصور إجراءات الأمان التي يوفرها الجيش لهم ضد تهديد الطائرات المسيرة للفصائل العراقية.

 

ونقل الموقع عن جنود في الجولان، قولهم: "كل ليلة تقريباً خلال الأسبوع الماضي، نتلقى تحذيرات من سلاح الجو أو تعليمات للذهاب إلى حالة التأهب".

 

وأشار الجنود إلى أنه "يتم إرسالهم إلى الملاجئ لساعات طويلة، أو يأمرونهم بالبقاء في حالة تأهب، لأن القدرة على اعتراض التهديدات منخفضة"، ولذلك أكدوا أنه "من المستحيل النوم في الليل، بينما نستيقظ في الصباح ونواصل العمل ونحن نشعر بالتعب".

 

وفي غضون ذلك، أوضح أحد الجنود، أن "بعض الجنود يخشون الذهاب ليلاً للاستحمام حتى لا يكون هناك إنذار أثناء الاستحمام"، معتبراً أن "وضع الجنود في المنطقة في حالة تأهب قصوى كل ليلة لأنه لا يوجد رد، وهو أمر غير مقبول".

*تحدي استراتيجي*

 

اللواء محمد عبد الواحد، الخبير العسكري، يرى أن الرد الإسرائيلي على هذه الهجمات قد يتسم بمزيد من الحزم والقوة.

 

يقول عبد الواحد: "إسرائيل لن تكتفي بمشاهدة هذه الضربات المستمرة القادمة من العراق، ومن المتوقع أن تنفذ عمليات انتقامية تستهدف مواقع الفصائل العراقية داخل العراق وربما سوريا أيضًا".

 

ويضيف في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن إسرائيل قد تلجأ إلى استخدام تقنيات متقدمة في الهجوم مثل الضربات الجوية الدقيقة والهجمات السيبرانية لتعطيل قدرات الفصائل قبل أن تتمكن من شن هجمات أخرى.

 

وأكد عبد الواحد، أن هذا التصعيد سيضع إسرائيل أمام تحدي استراتيجي أكبر، وهو كيفية التعامل مع تهديدات قادمة من عدة جبهات في نفس الوقت.

 

*نزاع إقليمي واسع*

 

أستاذ العلوم السياسية د. طارق فهمي، يرى أن هذا التصعيد قد يأخذ مسارات جديدة أكثر تعقيدًا. 

 

"التصعيد المستمر بين الفصائل العراقية وإسرائيل يمكن أن يتطور إلى نزاع إقليمي أوسع"، يقول فهمي، مشيرًا إلى أن دخول الفصائل العراقية في المعركة يضع المنطقة بأسرها على حافة اشتباكات متعددة الأطراف.

 

ويضيف في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن التوترات بين إسرائيل والفصائل العراقية المسلحة قد تمتد آثارها إلى مناطق أوسع، لتشمل البحر الأحمر ومضيق هرمز، حيث قد تسعى الفصائل إلى توسيع رقعة الهجمات لتشمل الممرات الحيوية لنقل النفط.

 

وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن التهديدات الأخيرة من قبل الفصائل بوقف تصدير النفط قد تؤدي إلى زعزعة استقرار أسواق الطاقة العالمية، مما يزيد من الضغط على الدول المصدرة والمستوردة للنفط على حد سواء.

 

وتابع فهمي، إذا استمر هذا التصعيد دون تدخل إقليمي أو دولي لإيقافه، فإن المنطقة قد تشهد انخراطًا أكبر لقوى دولية، مثل الولايات المتحدة وروسيا، مما يهدد باندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط.

 

من جهة أخرى، قد يكون لهذا التصعيد تأثير مدمر على اقتصاديات الدول المتورطة، خصوصًا إذا ما انخفضت مستويات إنتاج وتصدير النفط بشكل كبير.