أسباب فشل المفاوضات في غزة.. تحديات وصعوبات تعرقل التوصل إلى اتفاق
أسباب فشل المفاوضات في غزة.. تحديات وصعوبات تعرقل التوصل إلى اتفاق
تستمر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في تصعيد الأوضاع الإنسانية والسياسية في المنطقة، وتبذل محاولات متعددة للتوصل إلى اتفاقيات لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب المستمرة.
رغم المحاولات التي تبدو واعدة في بعض الأحيان، إلا أن المفاوضات بين حركة "حماس" وإسرائيل وصلت إلى طريق مسدود، مع وجود عدة عوامل تعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي.
تباين الأهداف بين الأطراف
من أبرز أسباب فشل المفاوضات حتى الآن هو التباين الكبير بين أهداف "حماس" وإسرائيل، بينما تسعى "حماس" إلى وقف دائم لإطلاق النار وضمان إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، بما في ذلك بعض القيادات البارزة مثل مروان البرغوثي، ترى إسرائيل أن شروط "حماس" غير قابلة للتنفيذ ولا تتماشى مع مطالبها الأساسية.
إسرائيل ترفض بشكل قاطع الإفراج عن بعض المعتقلين الذين ترى أنهم يشكلون تهديدًا للأمن القومي الإسرائيلي، ما يزيد من تعقيد المفاوضات.
تجسد الخلافات حول السجناء الفلسطينيين نقطة رئيسية في التفاوض، حيث أكدت تقارير صحفية، أن "حماس" طلبت إطلاق سراح السجناء الأمنيين من السجون الإسرائيلية مقابل فترة وقف إطلاق نار مؤقتة.
على الرغم من التنازلات التي قدمتها "حماس" بشأن الحرب الشاملة، فإنها ظلت متمسكة بمطلب وقف إطلاق النار مقابل تنفيذ بعض الشروط المبدئية، بينما ترفض إسرائيل بشكل قاطع إطلاق سراح المعتقلين الذين تعتبرهم مسؤولين عن الهجمات الإرهابية.
رفض إسرائيل لبعض المطالب الفلسطينية
أحد النقاط المحورية التي تقف عائقًا أمام نجاح المفاوضات هي الرفض الإسرائيلي لإطلاق سراح بعض المعتقلين الذين طالبت "حماس" بالإفراج عنهم.
تقارير عديدة أشارت إلى رغبة "حماس" في إطلاق سراح مروان البرغوثي، أحد أبرز قيادات فتح المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ عام 2004 بتهم تتعلق بأعمال إرهابية.
على الرغم من أن البرغوثي يعد من الشخصيات ذات الوزن الثقيل في الساحة الفلسطينية، إلا إن إسرائيل تعتبره أحد العناصر الأمنية التي لا يمكن إطلاق سراحها في أي تسوية محتملة.
تعقيد ملف الرهائن
أما في ما يتعلق بملف الرهائن، فقد شكلت المسألة نقطة خلاف أخرى. حيث رفضت "حماس" العديد من الرهائن الإسرائيليين الذين طلبت إسرائيل إطلاق سراحهم، ما أدى إلى فشل الجولات التفاوضية، في مقابل ذلك، عرضت "حماس" الإفراج عن 22 رهينة من أصل 34، ولكن هذا العرض لم يكن مقبولاً من قبل الجانب الإسرائيلي، الذي كانت شروطه تشمل إطلاق سراح رهائن آخرين على قيد الحياة، إضافة إلى جثث آخرين.
ويظهر أن أحد أهم عوامل الجمود في هذه المفاوضات هو فشل "حماس" في تقديم قائمة دقيقة وشاملة بالرهائن الأحياء، وهو ما أضاف مزيدًا من التعقيد على المباحثات، وتصاعد هذه التعقيدات من أجل تحديد هوية الرهائن الأحياء والموتى يزيد من تأجيل التوصل إلى أي اتفاق مؤقت أو دائم.
من العوامل المؤثرة في فشل المفاوضات أيضًا، الضغوط الإقليمية والدولية المتنوعة، في حين تحاول بعض الدول العربية، مثل مصر وقطر، لعب دور الوساطة بين "حماس" وإسرائيل، فإن المواقف الدولية، خاصة الموقف الأميركي، لم تساهم في تعزيز فرص نجاح التفاوض.
ويقول المحلل السياسي، أيمن الرقب: إن فشل المفاوضات بين حماس وإسرائيل يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه عملية السلام في المنطقة.
على الرغم من الضغوط الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق، إلا أن الانقسامات الجوهرية بين الطرفين حول شروط وقف إطلاق النار والإفراج عن السجناء تجعل أي تسوية صعبة التحقيق.
وأضاف الرقب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر -، إن إسرائيل تعتبر أمنها الأولوية، وترفض تقديم أي تنازلات قد تعزز من قدرة حماس على التحرك مستقبلاً، بينما تسعى حماس إلى تحقيق مكاسب إنسانية مثل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين وتخفيف الحصار، هذا التباين في الأهداف يجعل من الصعب تجاوز المأزق الحالي، ويعزز الاعتقاد بأن الطريق إلى السلام ما زال طويلًا.
بينما يرى الدكتور هاني المصري: إن من الواضح أن فشل المفاوضات يعود إلى عدم استعداد إسرائيل لتقديم أي تنازلات على المستوى السياسي أو الأمني، على الرغم من الضغوط الدولية، فإن الحكومة الإسرائيلية ما تزال تراهن على قوة الرد العسكري، بينما تبقى حماس متشبثة بمطالبها المتعلقة بالإفراج عن الأسرى وإيصال المساعدات. هذا الجمود يعكس انعدام الثقة المتبادل ويؤكد أن الحل السلمي لن يكون قريبًا.
وأضاف المصري - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-: إن أحد الأسباب الرئيسية لفشل المفاوضات هو أن كلا الطرفين يعامل الآخر كتهديد وجودي، إسرائيل تتعامل مع حماس باعتبارها منظمة إرهابية، ولا تعتبرها طرفًا يمكن التفاوض معه من منطلق سياسي، من جهة أخرى، ترى حماس أن عدم تحقيق أي مكاسب ملموسة على الأرض سيؤدي إلى فقدان دعمها الشعبي داخل غزة؛ مما يجعل من الصعب عليها تقديم أي تنازلات في المفاوضات.