طالبان تحاول اقتحام بنجشير والمقاومة تستعد للمواجهة
تحاول حركة طالبان اقتحام بنجشير والمقاومة تستعد للمواجهة
على الرغم من رغبة أحمد مسعود نجل القائد الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود، في السلام والأمن، إلا أنه يدرك جيدا منطق طالبان التي تريد فرض الأشياء بالسلاح، مؤكدا أنه لن يقبل بهذا المنطق الطالباني، وأن السلام فقط يمكن أن يقابله سلام.
وتأتي تصريحات الشاب الأفغاني البارز في مقاومة طالبان، تزامنا مع محاولات الحركة المتطرفة لاقتحام بنجشير التي يتحصن أحمد مسعود وآمر الله صالح.
لا استسلام
وفي تصريحاته لـ"العربية"، قال نجل القائد الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود، إن وادي بنجشير لن يتم تسليمه لحركة طالبان، مشددا على أنه إذا حاولت الحركة السيطرة عليه، فنحن مستعدون للمقاومة.
وحذر الشاب الأفغاني البارز من أن أفغانستان على شفا كارثة إنسانية، وأنها تعود مجددا كملاذ آمن للإرهاب، داعيا المجتمع الدولي إلى دعم الشعب الأفغاني.
وتابع أحمد مسعود: تصدينا للاتحاد السوفيتي وقادرون على التصدي لطالبان، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنه ليس لديه مشكلة في حكومة تشارك فيها طالبان، معتبرا أن أفغانستان بحاجة إلى حكومة شاملة.
ونبه نجل القائد الأفغاني الراحل إلى أنه إذا حاولت طالبان فرض فكرها، فإن ذلك مخالف للشريعة.
العفو عن الدماء
وفي تصريحات أخرى لصحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم الأحد، قال أحمد مسعود، نجل القائد الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود، إنه "مستعد كي يسامح في دماء والده الذي اغتيل قبل يومين من هجمات 11 سبتمبر 2011، إذا توفرت شروط السلام والأمن في البلاد".
وأشار إلى أنه في عهد والده "لم تستطع طالبان الاستيلاء على الشمال، ثم قام تنظيم (القاعدة) بقتله (في 9 سبتمبر 2001)، لكن لدي الرغبة والاستعداد للعفو عن دماء والدي من أجل إحلال السلام والأمن والاستقرار في البلاد".
مستعدون للحوار
كما أعرب مسعود عن استعداد المقاومة الأفغانية للتحدث مع طالبان، منوها إلى أنه "لدينا اتصالات مع الحركة، حتى والدي قد تحدث مع طالبان.. لقد ذهب أعزل بلا أي حراسة للتحدث مع قيادة الحركة خارج كابل في عام 1996، وقال لهم: ماذا تريدون؟ تطبيق دين الإسلام؟ فنحن أيضاً مسلمون ونريد السلام أيضا، ولذا فدعونا نعمل معا".
فرض الأشياء بالسلاح
ومع ذلك، حذر مسعود من أن "الحركة تريد فرض الأشياء بالسلاح، وهو ما لن نقبله، فإذا كانوا يريدون السلام، وتحدثوا إلينا وعملوا معنا، نحن جميعاً أفغان وسيكون هناك سلام".
وحذر مسعود من أن أي حكومة أفغانية تتسم بالتطرف ستشكل تهديداً خطيراً، ليس لأفغانستان فحسب، ولكن للمنطقة والعالم بأسره.
وقال مسعود: "نحن مستعدون لتشكيل حكومة شاملة مع طالبان من خلال المفاوضات السياسية، ولكن ما هو غير مقبول هو تشكيل حكومة أفغانية تتسم بالتطرف التي من شأنها أن تشكل تهديدا خطيرا، ليس لأفغانستان فحسب ولكن للمنطقة والعالم بأسره".
حفرة غني لأفغانستان
واعتبر مسعود أن الرئيس أشرف غني "فشل تماماً في إدراك مدى عمق الحفرة التي حفرها لأفغانستان"، لافتا إلى أنه كانت لديه فرصة ذهبية حينما قام العالم كله بتمويل كابل بمليارات الدولارات سنوياً، إلا أن غالبية الشعب الأفغاني لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر، في حين أن قلة فقط من النخبة السياسية قد استطاعت كسب الملايين وقامت بتحويلها إلى الخارج.
أجندة عرقية
وتابع أحمد مسعود، أنه علاوة على ذلك، فقد كانت لدى غني أجندة عرقية أدت إلى مزيد من الانقسامات بين الأفغان؛ إذ استخدم ورقة البشتون ضد الطاجيك والأوزبك والهزارة".
كما شدد على أهمية اللامركزية في أفغانستان، داعيا إلى إنهاء هذه الحرب المستمرة منذ 40 عاماً، وهو ما يرغب به كل الأفغان.
وقال في هذا الصدد، لكي تكون طالبان سلمية، يجب أن يكون لدينا بعض الأشياء الأساسية، التي تشمل اللامركزية بما يضمن الحكم الذاتي الإقليمي ونقل السلطة، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة رفض طالبان "لأي تطرف ولوجود الجماعات الإرهابية الدولية في أفغانستان، ويجب أن يكون هناك تقاسم للسلطة".
فرصة للسلام
وأشار أحمد مسعود إلى حوار قائم بينهم وبين طالبان بالفعل، قائلا: "نأمل في الوصول لمخرج وإنهاء أي قتال، فهم يقولون إنهم ضد الإرهاب الدولي ولكن يجب أن نرى ذلك بشكل عملي، ونأمل في أن يكونوا يرغبون في ذلك بالفعل".
وتابع: "لا نريد القتال، ومع ذلك، فإننا على استعداد للقتال إذا دخلوا بنجشير. صحيح أنهم يمكنهم الدخول بسلام بدون أسلحة، ولكن في حال دخلوا بالبنادق، فنحن مستعدون للدفاع حتى آخر رجل، ولكن يجب إعطاء السلام فرصة حتى ولو كان هذا السلام مع طالبان".
صعوبة المعركة
ومن جانبه، قال اللواء دكتور محسن الفحام، أستاذ إدارة الأزمات بكلية الشرطة، إنه لم يكن أشد المتشائمين من نجاح حركة طالبان يتوقع نجاح الحركة المتطرفة في الاستيلاء على مقاليد الحكم في أفغانستان بهذه السرعة والتنظيم.
وأشار الفحام إلى اتفاق مسبق بين طالبان والولايات المتحدة الأميركية، والتي انسحبت قواتها من أفغانستان بعد عشرين عاماً، معتبرا أن ذلك قد يصعب من مهمة المقاومة الأفغانية إذا وقعت مواجهات مع طالبان، لكنه أشار إلى الفارق في القدرات القتالية والخبرة بالمناطق وهو ما يتوفر للمقاومة الأفغانية أكثر من طالبان.
وأشار إلى نجاح قوات طالبان في استقطاب الكثير من الجنود الأفغان بسلاحهم، بالإضافة إلى العديد من المعطيات الأخرى مثل انتشار الأمراض والبطالة والجرائم وعدم قدرة السلطات الحكومية الأفغانية على مواجهة تلك السلبيات، معتبرا أن كل هذا أدى إلى سرعة سقوط العديد من المدن الأفغانية في قبضة قوات طالبان وانضمام العديد من زعماء القبائل إليها.
ملاذ للإرهاب
وتوقع اللواء محسن الفحام أن تعم الفوضى والإرهاب وعمليات السلب والنهب مع سيطرة طالبان على عموم مدن أفغانستان، علاوة على أن البلد ستصبح موطناً وملاذاً آمناً للجماعات والحركات الإرهابية والمتشددة مثل القاعدة وداعش التي دائماً ما تنشط في مثل هذه البيئة من الفوضى وغياب الدولة المركزية وانهيار الأجهزة الأمنية.
وأضاف أن ذلك قد يجعل أفغانستان قاعدة تنطلق منها الأعمال الإرهابية، علاوة على أن أفغانستان تحت حكم طالبان سوف تتحول إلى ساحة جديدة لتصفية الحسابات بين الدول الكبرى والإقليمية، خاصة روسيا والصين وأميركا وباكستان وإيران التي كان لها دور سلبي في أفغانستان، إضافة للدور الذي تحاول تركيا القيام به حيث سوف تسعى كل هذه الدول لتوظيف ورقة طالبان في إطار صراع المصالح والنفوذ فيما بينهم.