الغضب القبلي يشتعل في طرابلس.. هل بدأ العد العكسي لنفوذ الميليشيات؟

الغضب القبلي يشتعل في طرابلس.. هل بدأ العد العكسي لنفوذ الميليشيات؟

الغضب القبلي يشتعل في طرابلس.. هل بدأ العد العكسي لنفوذ الميليشيات؟
ليبيا

في تطور لافت قد يغير قواعد اللعبة في العاصمة الليبية، أطلق اتحاد قبائل ليبيا والمجلس الاجتماعي لسوق الجمعة والنواحي الأربع، بيانًا شديد اللهجة طالبا فيه بخروج التشكيلات المسلحة من طرابلس فورًا. 

البيان الذي صدر عقب اجتماع قبلي موسع، وصف أي حرب داخل العاصمة بـ"الخط الأحمر"، محذرًا من أن استمرار وجود الجماعات المسلحة سيؤدي إلى "تداعيات كارثية على السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي".

التصعيد يأتي في وقت تعيش فيه العاصمة على صفيح ساخن، وسط هدنة هشة بين ميليشيات موالية لحكومة الوحدة الوطنية وأخرى معارضة لها، ودخول رتل عسكري تابع لقوات "دعم الاستقرار" إلى طرابلس مؤخرًا زاد من التوتر وأعاد إلى الأذهان كوابيس المعارك التي شهدتها المدينة في السنوات الماضية.

طرابلس.. ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات

ما يقلق المراقبين، أن طرابلس، والتي يفترض أن تكون مركز الحكم والاستقرار، باتت أشبه بمسرح دائم لتصفية الحسابات بين الميليشيات، وهو ما أشار إليه البيان القبلي بوضوح، عندما وصف العاصمة بأنها تحولت إلى "مسرح مفتوح لصراع النفوذ".

تعدد مراكز القوى في المدينة وعدم وجود سلطة مركزية قادرة على فرض الانضباط يعزز من الشعور الشعبي بأن طرابلس أصبحت مختطفة، الدعوات المتزايدة من الأوساط القبلية والاجتماعية إلى سحب الأبناء من التشكيلات المسلحة تعكس رغبة شعبية متزايدة في إنهاء هذه الحالة من التشرذم الأمني.

العملية السياسية تراوح مكانها

وسط هذه الفوضى، يستمر الجمود السياسي في إلقاء ظلاله على المشهد، فلا تزال ليبيا مقسمة فعليًا بين حكومتين، الأولى في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في بنغازي يرأسها أسامة حماد، هذا الانقسام أجهض حتى اللحظة أي محاولة لإجراء انتخابات أو التوافق على مسار دستوري موحد.

البيان القبلي ألقى الضوء أيضًا على هذا الجانب، مؤكدًا ضرورة استئناف العملية السياسية وفق جدول زمني واضح يُفضي إلى تشكيل حكومة موحدة ومؤسسات عسكرية وأمنية ذات طابع وطني، تكون قادرة على فرض القانون وإنهاء مظاهر الفوضى.

تحرك أممي خجول وسط تعقيدات الداخل

من جهتها، تحاول بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا كسر حالة الجمود عبر مقاربة جديدة، فقد دعت البعثة، يوم أمس، الليبيين إلى المشاركة في استطلاع رأي حول أربعة خيارات سياسية اقترحتها اللجنة الاستشارية الليبية.

 ووصفت البعثة هذه الخيارات بأنها "ثمرة جهد ليبي خالص"، تهدف للوصول إلى تسوية سياسية تُمهد الطريق لانتخابات وطنية.

ورغم أهمية هذا الطرح، إلا أن محدودية تأثير البعثة على الفاعلين الميدانيين – خصوصًا الميليشيات – تجعل من الصعب ترجمة تلك المبادرات إلى نتائج ملموسة دون توافق دولي حقيقي ودعم إقليمي فعال.

هل بدأ العد التنازلي لنفوذ الميليشيات؟

التحركات القبلية الأخيرة قد تمثل بداية تغيير نوعي في معادلة النفوذ داخل العاصمة الليبية، فلأول مرة منذ سنوات، تصدر عن مكونات اجتماعية بارزة دعوات علنية لسحب أبنائها من الميليشيات، وتحميل تلك الجماعات مسؤولية تدهور الأوضاع.

ويقول الباحث السياسي الليبي، فرج فراكش: إن البيان الصادر عن اتحاد قبائل ليبيا والمجلس الاجتماعي لسوق الجمعة يمثل نقطة تحول فارقة في موقف المكونات الاجتماعية تجاه فوضى السلاح في العاصمة طرابلس، وقد نكون أمام بداية تمرد مدني قبلي ضد هيمنة الميليشيات.

ويضيف فراكش -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن الاحتقان الشعبي والقبلي في طرابلس لم يعد مجرد حالة تذمر، بل تطور إلى موقف صريح وعلني يحمل التشكيلات المسلحة مسؤولية الانهيار الأمني والسياسي، وهذا التحول لا يمكن تجاهله من قبل المجتمع الدولي، ووجود التشكيلات المسلحة في طرابلس دون غطاء قانوني أو عسكري نظامي، أفرز حالة من الاختطاف السياسي للعاصمة، حيث باتت القرارات تتخذ وفق موازين القوى وليس استحقاقات الدولة.