إشارات حرب: إيران تختبر حدود الصبر الأميركي والإسرائيلي بصاروخ جديد

إشارات حرب: إيران تختبر حدود الصبر الأميركي والإسرائيلي بصاروخ جديد

إشارات حرب: إيران تختبر حدود الصبر الأميركي والإسرائيلي بصاروخ جديد
صاروخ إيراني

في خضم احتدام التوتر الإقليمي وتصاعد نذر الحرب في الشرق الأوسط، وجّهت طهران رسالة صاروخية جديدة إلى خصومها، كاشفة عن سلاح استراتيجي متطور يعزز ترسانتها الباليستية، الإعلان الإيراني، الذي جاء في توقيت بالغ الحساسية، ترافق مع تهديد مباشر بشن ضربات انتقامية واسعة النطاق في حال تعرضت أراضي إيران لأي هجوم من الولايات المتحدة أو إسرائيل، وبينما يعلو صوت السلاح على ضجيج المفاوضات النووية المتعثرة، بدا أن طهران اختارت إشهار أوراقها الدفاعية في العلن، ملوّحة بأنها لن تنتظر حتى تُباغَت، بل سترد "في المكان والزمان المناسبين"، كما جاء على لسان وزير دفاعها، الكشف عن صاروخ "قاسم بصير"، الذي يتمتع بقدرات متقدمة على اختراق أنظمة الدفاع الجوي، يعكس اتجاهًا إيرانيًا واضحًا نحو استعراض القوة والردع الاستباقي، في رسالة موجهة ليس فقط إلى تل أبيب وواشنطن، بل إلى المجتمع الدولي بأسره.

*قاسم بصير*


وسط أجواء محمومة من التوتر في المنطقة، أزاحت إيران الستار عن صاروخ باليستي جديد تحت اسم "قاسم بصير"، مداه يتجاوز 1200 كيلومتر، ومزود بقدرات تقنية تجعله محصنًا ضد الحرب الإلكترونية وقادرًا على تجاوز أنظمة الدفاع الصاروخي الحديثة.

الإعلان عن السلاح الجديد جاء على لسان وزير الدفاع الإيراني، اللواء عزيز نصير زاده، الذي أكد أن بلاده لن تتردد في ضرب أي أهداف أميركية أو إسرائيلية إذا ما شُن هجوم عليها.

تصريحات نصير زاده جاءت بالتزامن مع سلسلة تطورات ميدانية وسياسية متسارعة، أبرزها تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد على إيران بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي أطلقه ميليشيا الحوثي – ذراع طهران في اليمن – وهو ما اعتبرته إسرائيل رسالة مباشرة من طهران عبر وكلائها.

وأضاف وزير الدفاع الإيراني أن "قاسم بصير" لا يعتمد على نظام التوجيه العالمي GPS، ما يجعله أقل عرضة للتشويش، ويمتاز بقدرة عالية على المناورة وتحديد الأهداف بدقة، وهو ما يزيد من فاعليته في الهجمات المضادة أو العمليات الاستباقية.

*سياق سياسي متفجر*


الكشف الإيراني لم يأتِ من فراغ، بل يتزامن مع تحركات دبلوماسية أميركية تحذر من انهيار المسار التفاوضي حول البرنامج النووي الإيراني، ومع تلويح واشنطن مرارًا باللجوء إلى "الخيار العسكري" حال فشل الحلول السلمية.

وتُقرأ التصريحات الإيرانية في هذا الإطار على أنها محاولة للردع وفرض توازن رعب، في ظل ما تعتبره طهران تهديدًا وجوديًا متناميًا.

ولم تُخفِ إيران، على لسان مسؤوليها العسكريين والسياسيين، عزمها على الرد الحاسم إذا ما تمادت واشنطن أو تل أبيب في محاولاتهما لـ"كبح النفوذ الإيراني في الإقليم بالقوة".

وبحسب وكالة فارس للأنباء، فقد شدد نصير زاده على أن أي مواجهة ستتحول إلى حرب شاملة تستهدف "المصالح والقواعد والقوات" الأميركية والإسرائيلية في أي بقعة من العالم.

*رسائل إلى الداخل والخارج*


بخلاف الرسائل الإقليمية والدولية، يحمل الإعلان عن "قاسم بصير" بعدًا داخليًا لا يمكن تجاهله، ففي وقت تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية متفاقمة وضغوط معيشية خانقة، يبدو أن القيادة الإيرانية اختارت استخدام السلاح كورقة تعبئة وطنية وتأكيد على "الاستقلال السيادي".

الرسالة الأخرى موجهة إلى حلفاء طهران، من الحوثيين في اليمن إلى حزب الله في لبنان، حيث يعزز الصاروخ الجديد ما تسميه إيران "قدرات الرد المشترك" في حال اندلاع نزاع شامل.

وقد سبق لطهران أن استخدمت هذا النوع من الرسائل في أكثر من مناسبة، كما حصل في أكتوبر الماضي، حين أطلقت صواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية ردًا على اغتيالات طالت قيادات من حماس وحزب الله والحرس الثوري.

*تحولات في العقيدة العسكرية الإيرانية*


يقول د. محمد محسن، الخبير في الشؤون الإيرانية: إن اللافت أن العقيدة العسكرية الإيرانية شهدت تطورًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، من التركيز على "الردع السلبي" إلى تبني استراتيجية هجومية مرنة تستند إلى الضربات الدقيقة والاستباقية.

وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن مع توالي الكشف عن "مدن صاروخية تحت الأرض" ومشاهد لمنصات إطلاق مدفونة في عمق الجبال، يبدو أن إيران تراهن على ما تصفه بـ"قوة الغموض القاتلة"، حيث لا يمكن التنبؤ بمواقع الانطلاق أو الأهداف المحتملة.

وتابع، يبقى السؤال المطروح بقوة في الأوساط السياسية والعسكرية: هل نحن أمام مواجهة وشيكة، أم أن طهران، من خلال صاروخها الجديد، تحاول فقط رفع سقف التفاوض؟ ما هو واضح حتى اللحظة أن لغة السلاح باتت تتقدم على ما عداها، في مشهد إقليمي يزداد اشتعالًا يومًا بعد يوم.