بأحلام الهجرة.. هكذا يهرب الشباب التركي من جحيم أردوغان
يعاني الأتراك تحت حكم الرئيس رجب طيب أردوغان خلال السنوات الماضية من أزمات متعددة أبرزها يرتبط بقمع الحريات والاقتصاد المنهار والبطالة المتفشية؛ ما تسبب في حالة من النفور بين الشباب ورغبة ملحة في الهجرة والهروب من القمع وعدم وجود فرص لتحقيق الأحلام والطموحات خاصة مع بلوغ نسب البطالة أرقاماً غير مسبوقة في التاريخ التركي وصعوبة الحصول على فرص عمل مع زيادة أعباء الحياة وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق؛ الأمر الذي تسبب في زيادة هائلة في أعداد المنتحرين من الشباب هربًا من ظروف حياة غير إنسانية.
نصفهم مؤيدون لـ"العدالة والتنمية".. الشباب التركي: نبحث عن فرصة للهروب
شركة أبحاث تركية أجرت مؤخرًا استطلاعًا للرأي ليكشف عن حقيقة مفزعة وهي رغبة 62.5% من الشباب التركي في الهروب إلى الخارج والعيش خارج تركيا إذا ما سمحت الظروف والإمكانات لهم بذلك.
وكشف الاستطلاع عن مفاجأة مدوية، حيث أكد أن أكثر من نصف عدد الشباب المشاركين في الاستطلاع من أنصار حزب العدالة والتنمية –الحزب الحاكم– ومن أنصار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورغم ذلك يؤكدون أن البلد لا يصلح لتحقيق أحلامهم، مضيفين: "نبحث عن فرصة للهروب من تركيا وبناء حياة آمنة ومستقرة".
الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" المعارضة التركية، أكد أن الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة الاشتراكية الديمقراطية في تركيا، شمل 12 مدينة، بمشاركة 600 شاب في مراحل عمرية تتراوح بين 15 و25 عامًا، بينهم 51% من الذكور و49% من الإناث.
وبلغ المؤيدون لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، من المشاركين في الدراسة 64.4%، أما مؤيدو حزب العدالة والتنمية الحاكم، فبلغت نسبتهم 57.3%، وبلغت نسبة الطلاب من المشاركين بالاستطلاع 61.7%، فيما بلغت نسبة العاملين 19%، أما نسبة الباحثين عن العمل فبلغت 9%، مقابل 7.3% ممن العاطلين الذين توقفوا عن البحث عن العمل.
كما أعرب 72.2% من المشاركين عن رغبتهم في السفر والاستقرار بسويسرا، حتى وإن كان الدخل سيقل إلى النصف؛ هربًا من القيود والقمع المتزايد والخوف من المستقبل، أما عن التعليم فذكر الاستطلاع أن 27.8% من المشاركين أن الجامعات في تركيا لا توفر الإعداد الكافي اللازم للطلاب للعثور على عمل، وكشف 10.5% منهم أنهم لا يستطيعون التعبير عن أفكارهم بحرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن 23.5% فقط يرون غير ذلك.
برلماني تركي: البطالة والانتحار يحاصران الشباب التركي في عهد أردوغان
من جانبه، أكد تكين بينغول، النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، أن ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب تتضاعف منذ 6 سنوات ولا علاقة لها بتفشي فيروس كورونا، فتفشي الوباء زاد الأمور -السيئة- سوءًا، مضيفًا أن الضغوط المعيشية تسببت في زيادة هائلة في معدلات الانتحار بين الشباب في ظل سياسات قاسية للغاية يتبعها نظام الرئيس التركي أردوغان.
وأكد بينغول، أن 342 ألفًا و282 طالبًا يعانون من ديون بقيمة مليارين و95 مليون ليرة؛ في حين فقد 2073 شابًّا حياتهم في حوادث العمل خلال السنوات الثماني الأخيرة.
وأشار إلى أن "واحدًا من كل ثلاثة خريجين جامعيين يعاني من البطالة"، مضيفًا "ومعدلات البطالة في أوساط الشباب بلغت 24.4% اعتبارًا من فبراير الماضي. وخلال السنوات الست الأخيرة ارتفعت معدلات البطالة في أوساط الشباب بنحو 7%".
وبيّن التقرير أن "معدلات البطالة في أوساط خريجي الجامعات لعام 2020 بلغت 32%"، مشيراً إلى أن "الشباب يمثلون الغالبية العظمى من ضحايا حوادث العمل، فخلال السنوات الثماني الماضية لقي 2073 شابًّا مصرعهم في حوادث العمل".
وتابع: "في عام 2012 سقط 164 شابًّا ضحايا لحوادث العمل غير أن هذه النسبة ارتفعت في عام 2019 إلى 246 شابًّا".
وأوضح أن "حوادث الانتحار بسبب صعوبات المعيشة بوتيرة مخيفة، فخلال الفترة بين عامي 2003 و2018 أقدم 1274 شابًّا على الانتحار بسبب صعوبات المعيشة".
وبلغت معدلات البطالة في تركيا، 13.8% حتى فبراير الماضي وفق بيانات هيئة الإحصاء التركية، إلا أن المحللين الاقتصاديين المستقلين يقولون إن نسب البطالة الحقيقية أكثر من ذلك بكثير، وإن العدد يفوق الرقم الرسمي المعلن بـ4 ملايين و300 ألف.
مهما اجتهدت في تركيا لن أحقق أحلامي.. وأحلم بالحياة في أوروبا
يقول مسعود عمران، 29 عامًا، يعيش في إسطنبول، تخرجت منذ عدة سنوات، ومنذ تخرجي لم أعمل دقيقة واحدة في مجال دراستي حيث درست في كلية الحقوق، ورغم حصولي على درجات مرتفعة إلا أنني لم أستطع العمل في السلك القضائي لعدم امتلاكي المعارف التي تؤهلني لذلك.
وأضاف: بعد مرور عام كامل منذ تخرجي شعرت بالإحراج من بقائي في المنزل، فأخبرت والدي بأنني سأعمل سائق تاكسي حتى أنجح في العثور على عمل يتوافق مع دراستي، في البداية رفض ثم اقتنع بعد ذلك لصعوبة الظروف الاقتصادية وضرورة أن يعمل الجميع ليضمنوا طعامهم وشرابهم فقط، ومنذ ذلك الوقت وأنا أتنقل من مهنة إلى أخرى فعملت بائعًا في متجر أغذية وبائع ملابس متجول.
وتابع عمران: أحلم بالسفر إلى إحدى الدول الأوروبية، وأفضل ألمانيا أو سويسرا، فالفارق بين الحياة هناك وفي بلادنا أن العمل في تلك الدول والاجتهاد له مقابل، وكلما زاد الاجتهاد زاد المقابل، أما هنا فمن الممكن أن أجتهد لسنوات ويأتي زميل يملك معارف في الحزب الحاكم لأجده حصل على منصب قد لا أحصل عليه بعد عملي عشر سنوات متواصلة.
أردوغان السبب.. سياساته قتلت أحلامنا ويلوم المؤامرات الخارجية
في السياق ذاته، يقول أحمد أونال، 32 عامًا، يعيش في أنقرة، نتابع بخوف شديد الانهيارات الاقتصادية منذ عدة سنوات، كنت أعمل في السياحة التي تزداد انهيارا عامًا بعد عام، فالدخل يقل والأسعار ترتفع وإذا ما فكرت في كتابة شكوى على حسابي الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي أصف من خلالها الصعوبات التي أواجهها في حياتي العملية قد أجد نفسي متهمًا بالإرهاب ومعتقلًا.
وأضاف أونال: الخبراء الاقتصاديون يؤكدون أن السياحة لن تعود كما كانت أبدًا، ويتحدثون بمصطلحات لا أفهم أغلبها ولكن أجد تأثيرها في الحياة اليومية، مضيفًا، أردوغان السبب الرئيسي في تدمير حياتنا ورغبتنا في الهروب خارج تركيا، هو شخص لا يستطيع الاعتراف بوجود أزمة في إدارته، وبأن هناك أزمة حقيقية ودائمًا ما يلقي باللوم على المعارضة والمخططات والمؤامرات الخارجية التي تسعى للنيل من نجاحاته، ولا نعلم أين هي تلك النجاحات فنحن في منزلنا 4 أشقاء يعمل وأب وأم، ولا يعمل في المنزل إلا أبي وشقيقي والباقون يبحثون عن عمل ملائم ولا يجدون.
وتابع أونال: شقيقي الأكبر حاول الانتحار وأنقذناه في الدقائق الأخيرة، وأصيب بإعاقة دائمة بسبب محاولته القفز من الشرفة وسقوطه أرضًا ومنذ وقت الحادثة وهو محجوز في مستشفى نفسي ليتلقى العلاج، بسبب وصوله لسن الأربعين دون تكوين أسرة أو الاستقرار في وظيفة تحترم شهادته، حيث إنه تخرج من كلية الهندسة، ومنذ ذلك الوقت يعيش معانا ويعمل في مهن يراها مهينة لشهادته التعليمية.