معاناة اللاجئين السوريين تتفاقم والشتاء الحالي الأكثر قسوة
منذ سنوات ويأتي فصل الشتاء مصحوبًا بحالة من الرعب يعيشها عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين خوفًا من زيادة معاناتهم بسبب درجات الحرارة المنخفضة وتفشي وباء كورونا في ظل حالة من الفقر الشديد وسوء التغذية والمخيمات والكرفانات غير الملائمة للتصدي لقسوة الطبيعة، فلا خيمة تقيهم البرد ولا وسائل آمنة للتدفئة ويعيشون بين جحيم الحرائق المتكررة بسبب إشعال النار للتدفئة وبين معاناة الغرق مع كل هطول للأمطار والسيول.
مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقف عاجزة أمام تكاليف هائلة
عدد كبير من الأُسَر طالبوا مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بمساعدتهم في تأهيل مخيماتهم، الأزمة الحقيقية هي عجز المفوضية في ظل ضعف قدراتها المالية المحدودة في تلبية رغبات هذا العدد الضخم من الأسر.
وتركز إستراتيجية مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين الاستعداد لفصل الشتاء على 3 مجالات من بينها تحضير المأوى (وحدات الإيواء) لاستقبال الشتاء، بما في ذلك تهيئة وحدات الإيواء لتحمل العوامل الجوية، وإصلاح الأعطاب فيها، وإدخال تحسينات على شبكات الصرف وغيرها من البني التحتية الأساسية في المخيمات.
وقال المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بابار بالوش، إن 3.8 مليون لاجئ سوري وعراقي إضافة إلى نازحين داخليًا ولاجئين من جنسيات أخرى هم بحاجة إلى دعم إضافي هذا الشتاء في كل من سوريا والعراق ولبنان والأردن.
وأشار بالوش إلى أن الاستعدادات المستمرة لمساعدة هؤلاء بدأت في سبتمبر وستستمر طيلة فصل الشتاء وحتى مارس من العام المقبل، موضحًا أن هذه الاستعدادات تشمل شحنات مواد الإغاثة الشتوية الأساسية، في الوقت الذي يجري إصلاح ملاجئ اللاجئين وتحسينها لجعلها مقاومة للعوامل الجوية، كما يتم أيضًا تزويد أسر اللاجئين الضعيفة بالمساعدة النقدية الموسمية؛ لتلبية احتياجاتهم الإضافية خلال أشهر الشتاء الباردة.
الشتاء الحالي هو الأصعب.. والتبرعات أمل مفوضية اللاجئين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
المنظمات الإنسانية حوّل العالم كررت تحذيراتها بسبب تعدد المخاطر التي تواجه اللاجئين مع حلول فصل الشتاء خاصة في شمال سوريا وأيضًا المخيمات في لبنان والأردن، وأكدت أن عشرات الآلاف من النازحين يواجهون ظروفًا إنسانية في غاية السوء.
وحذر مراقبون من خطورة هذا الشتاء عن ما سبقه بسبب وباء كورونا وموجته الثانية التي يؤكد العلماء أنها ستفوق الموجة الأولى عنفًا، فكثيرًا من الأماكن التي يحتمي بها اللاجئون غير مؤهلة لاستضافة العائلات فمعظمها دون أبواب أو نوافذ.
وأضافوا، أن نسبة كبيرة للغاية من اللاجئين لا يملكون إلا الملابس التي يرتدونها فقط ولا يستطيعون توفير الطعام لأكثر من 3 أيام على الأكثر فمعظم اللاجئين يهربون إلى المخيمات لعجزهم عن استئجار منزل بسبب ارتفاع الأسعار وعدم وجود دخل ثابت لهم، بالإضافة إلى نقص العناية الطبية وسوء البنية التحتية وعدم توفر مياه شرب نظيفة.
من جانبها، طالبت المفوضية بضرورة التبرع لرفع المعاناة عن ملايين المهاجرين في هذا العام الاستثنائي، مؤكدين أن هذا الشتاء هو الأكثر قسوة على الأسر اللاجئة والنازحة، فبحسب تقييمات المفوضية، انزلقت المزيد من الأسر إلى دوامة الفقر المدقع بشكل كبير وخصوصاً في لبنان، حيث ارتفعت نسبتهم من 55% في العام الماضي إلى 88% هذا العام، أما في الأردن فالنسبة باتت 81%، مؤكدين أن تكاليف توفير البطانيات وحزم إصلاح المأوى والمساعدات المالية الشتوية لتوفير تكاليف التدفئة والطعام والثياب والدواء ضخمة بضخامة أعداد اللاجئين.
الأمطار تُصعِّب كل شيء.. وإشعال النار للتدفئة رفاهية لا يملكها اللاجئون
يقول هاشم إبراهيم، 43 عامًا، أحد العاملين في منظمة إغاثية، الشتاء شديد القسوة في المخيمات فالأمطار لا تتوقف إلا في حالة هطول الثلوج ودرجات الحرارة تحت الصفر معظم الشتاء ولا يستطيع الأطفال والمرضى احتمال تلك الأجواء حيث تشكل خطرًا بالغًا على حياتهم.
وتابع إبراهيم، تتعاون منظمتنا مع باقي الجهات في إصلاح الكرفانات في كل عام فمعظم أهالي المخيم أوضاعهم المالية سيئة للغاية وتضررت أكثر من أزمة كورونا وتداعياتها، فلا توجد فرص كالسابق وانخفضت كثيرًا قدرة المنظمات الإنسانية على مساعدتهم كما ينبغي.
وأضاف إبراهيم، معظم المخيمات تغرق تمامًا بسبب مياه الأمطار فالعائلات تعيش في أكواخ على أرض تتحول إلى مستنقعات في الشتاء ولا يمكن تدفئتها بسهولة حتى إشعال النار رفاهية لا يملكونها فيصبح أكثر صعوبة من البلل الذي يصيب كل شيء.
وأشار إلى أن أكثر المتضررين هم الأطفال حيث يعيش الآلاف منهم حالة صحية متردية بسبب سوء التغذية وغياب معايير النظافة وانتشار أوبئة جلدية كالجرب، بالإضافة إلى تفشي وباء كورونا الذي يهدد الجميع بسبب غياب وسائل الحماية كالكمامات والمطهرات بالإضافة إلى استحالة تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي.