"الحاجة للمال والنزوح".. اليمن يعاني من زواج القاصرات
لا تعد ظاهرة زواج الصغيرات أو القاصرات بجديدة في اليمن، حيث إن هذه الظاهرة الشنيعة واللاإنسانية تفاقمت في السنوات الأخيرة وانتشرت على نطاق واسع بسبب الأوضاع الكارثية التي خلفها الصراع خلال السنوات الماضية، واتسعت هذه الظاهرة مع تزايد موجات النزوح ومعدلات الفقر، ما جعل بعض الأسر تزج ببناتها في زيجات مقابل المال.
إحصاءات غائبة
ولا توجد إحصاءات واضحة أو حتى تقريبية لضحايا الزواج المبكر أو زواج القاصرات في اليمن، ومدى انتشارها حاليا مع الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد تحت وطأة الحرب، لكن هناك إحصائية قديمة للأمم المتحدة استندت عليها منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، تفيد بأن 52% من الفتيات يتزوجن دون سن الـ18 في اليمن، أي قبل تجاوزهن السن القانونية لسن الطفولة.
ويقول محمود الواسعي، إنه عاصر خلال السنوات القليلة الماضية الكثير من حالات زواج القاصرات في اليمن، وفي إحدى المرات حالة آلمته كثيرا حيث وصلت فتاة عمرها 13 عاما لا تستطيع الكلام من هول الصدمة التي حصلت لها ومن المعاملة التي لاقتها من زوجها وكذلك أصبحت حركتها بطيئة كأنها في التسعين من عمرها كانت مدمرة نفسيا وجسديا.
أضرار نفسية وجسدية
وأضاف: "الأضرار التي تحدث للفتاة اليمنية حين تتزوج وهي قاصر أضرار معلومة وهي دلائل واقعية ملموسة لا تحتاج إلى إثبات، حيث إن الأضرار تلاحظها في الحالة النفسية والجسدية للصغيرة وفي إعاقة نموها النفسي والجسدي، في إهمالها لأولادها مستقبلا لأنه لم يكتمل نموها الجسماني أو العقلي وترى نفسها أنها وضعت في مسؤولية أكبر من حجمها الجسدي والنفسي، تعد هذه كارثة بكل المقاييس ولا أدرى إلى متى سنظل في اليمن على هذا الأمر في مآسي زواج الصغيرات، أغلب حالات الزواج المبكر نتيجتها الطلاق والكثير من المآسي الناتجة عنه".
من جانبه يقول عبدالسلام حكيمي: إن دوافع الأب لتزويج ابنته وهي قاصر ومازالت طفلة تتمثل في انعدام الوازع الديني من ناحية والحاجة إلى المال وانعدام القيم ومن أجل منع ذلك كان الناس في مرحلة من المراحل يرون أن تزويج البنت وهي صغيرة لا يصح ومعيب وقد يتدخل الآخرون لمنعه، يحدث أن تتزوج الصغيرة في المناطق الريفية لكن أن تصبح ظاهرة فلا بد من تتدخل دولي بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني لإيقاف هذه الظاهرة الشنيعة".
قتل الطفولة
وأضاف حكيمي: "لا يمكن أن نلقي بفتياتنا إلى التهلكة وإلى الموت والمعاناة التي تلازمهن طوال حياتهن من أجل المال والإنفاق على أنفسنا، نحن نعلم أن الوضع سيئ لكن ونحن في حالة حرب وصراع من ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا".
وتابع: "ليس مبررًا أن يكون العريس عمره يقارب الخمسين لكنه يمتلك الكثير من المال، إذ إنه أحد المغتربين في الخارج، والعروس تدرس في الفصل الثالث الابتدائي أي أن عمرها لا يتعدى 8 سنوات، فالبنات في اليمن لم يعرفن معنى اللعب والترفيه أي لم يعشن طفولتهن".
ويشير تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية إلى أن 14% من الفتيات اليمنيات المتزوجات تم تزويجهن قبل سن الـ15، وهي مؤشرات عالية الخطورة تنتج عنها مشاكل صحية واجتماعية لا يقف تأثيرها على الفتيات الضحايا، بل تتجاوزهن إلى أطفالهن الذين يأتون إلى الحياة من أمهات غير مستعدات نفسياً وجسدياً وتعليمياً لتربيتهم.
وعلى الرغم من المطالبات المتكررة من قبل منظمات حقوقية محلية وناشطين مدنيين، منذ منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، بوضع قانون يحد من انتشار زواج القاصرات في اليمن وتحديد سن الزواج بـ18 سنة، إلا أن هذه المشكلة لم تنتهِ على الإطلاق.