صراع حول تايوان.. واشنطن وبكين على حافة المواجهة.. ما القصة؟
صراع حول تايوان.. واشنطن وبكين على حافة المواجهة.. ما القصة؟
في مشهدٍ يعكس تزايد التوترات في منطقة المحيط الهادئ، أعربت الصين عن معارضتها الشديدة للمساعدات العسكرية الأميركية الجديدة الموجهة لتايوان، معتبرة ذلك "خطًا أحمر" لا يمكن تجاوزه.
هذه المساعدات، التي تقدر بـ571 مليون دولار، تأتي في وقت تتصاعد فيه الضغوط العسكرية الصينية على الجزيرة التي تعتبرها بكين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، الموقف الصيني لم يقتصر على بيانات الإدانة؛ بل جاء محملًا برسائل واضحة بأن بكين لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما وصفته بـ"انتهاك مبدأ الصين الواحدة"، وفيما تبدو تايوان ماضية في تعزيز شراكتها الدفاعية مع واشنطن، تقف المنطقة على أعتاب تصعيد محتمل، خاصة مع استمرار واشنطن في إمداد تايوان بالسلاح رغم التحذيرات الصينية المتكررة.
*التصعيد الأميركي يعمّق الأزمة مع الصين*
قبل شهر من انتهاء ولايته الرئاسية، وافق الرئيس الأميركي جو بايدن على حزمة مساعدات دفاعية جديدة بقيمة 571 مليون دولار لتايوان، وهي الأحدث في سلسلة من القرارات التي تعكس التزام واشنطن الراسخ بدعم الجزيرة في مواجهة التهديدات الصينية المتزايدة.
هذه الخطوة تعزز التعاون العسكري الأميركي-التايواني، وتشمل شحنات من الأسلحة المتطورة، مثل أنظمة دفاع جوي وصواريخ تكتيكية؛ مما يهدف إلى تعزيز قدرات تايوان الدفاعية ضد أي هجوم محتمل.
لكن هذا الدعم أثار غضب بكين، التي ترى في أي مساعدات عسكرية لتايوان انتهاكًا صارخًا لمبدأ "الصين الواحدة"، وهو حجر الزاوية في العلاقات الدولية منذ سبعينيات القرن الماضي.
وقد حذرت الصين مرارًا من أن استمرار مثل هذه السياسات الأميركية قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة في مضيق تايوان، وهو ما قد يهدد الاستقرار الإقليمي برمته.
*رد حازم من بكين*
ردت وزارة الخارجية الصينية ببيان شديد اللهجة، واصفةً المساعدات بأنها انتهاك صارخ لسيادة الصين ووحدة أراضيها وحذرت بكين من أن هذه التحركات قد تؤدي إلى إجراءات مضادة حاسمة، بما في ذلك تكثيف الأنشطة العسكرية بالقرب من تايوان، مثل طلعات جوية وعمليات بحرية غير مسبوقة في المنطقة.
التصعيد الأخير دفع بكين إلى إجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق في بحر الصين الجنوبي، بمشاركة أسطولها الجوي والبحري.
الرسائل كانت واضحة: تايوان خط أحمر لا يمكن للولايات المتحدة تجاوزه دون تداعيات.
وقد شدد المسؤولون الصينيون على أن أي محاولة لتغيير الوضع الراهن في تايوان بالقوة أو من خلال تدخل خارجي ستقابل برد فوري وساحق.
*تايوان تشيد بالدعم الأميركي*
رحبت وزارة الدفاع التايوانية بحزمة المساعدات الأميركية، واصفةً إياها بأنها ركيزة أساسية لتعزيز القدرات الدفاعية للجزيرة، وفي بيان رسمي، شكرت تايبيه الولايات المتحدة على التزامها المتواصل بأمن تايوان، مؤكدة أن هذه المساعدات ستسهم بشكل كبير في الحفاظ على توازن القوى في المنطقة.
ورغم التصريحات الإيجابية، لم تكشف تايوان عن تفاصيل دقيقة بشأن طبيعة الأسلحة أو المعدات التي ستتلقاها.
مراقبون يرون، أن الحزمة قد تشمل أنظمة دفاع صاروخي متطورة، مثل باتريوت، أو طائرات استطلاع بدون طيار لتعزيز الرقابة الجوية على تحركات الصين العسكرية، لكن غموض التفاصيل يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه المساعدات في أي صراع محتمل، وما إذا كانت كافية لردع الصين عن القيام بأي عمل عسكري مباشر ضد تايوان.
*تصاعد النشاط العسكري الصيني قرب الجزيرة*
في الأسابيع الأخيرة، صعّدت الصين من نشاطها العسكري حول تايوان. تايبيه أشارت إلى انتشار بحري ضخم نفذته الصين، شمل نحو 90 سفينة، في أكبر استعراض للقوة البحرية منذ سنوات.
التحركات الصينية تعكس رغبة واضحة في الضغط على تايوان وتوجيه رسالة إلى حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
ليست هذه المرة الأولى التي تقدم فيها واشنطن مساعدات عسكرية كبيرة لتايوان.
خلال العقود الخمسة الماضية، زودت الولايات المتحدة الجزيرة بمعدات عسكرية وذخائر بمليارات الدولارات، شملت مقاتلات F-16 وسفنًا حربية.
هذا الدعم المستمر يعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها واشنطن لتايوان في سياق التنافس مع الصين.
*التوترات تتجاوز المحيط الهادئ*
قرار بايدن الأخير يأتي في سياق تنافس جيوسياسي أوسع بين واشنطن وبكين، التوترات لم تعد مقتصرة على الجانب العسكري؛ بل امتدت إلى الجوانب الاقتصادية والدبلوماسية، مما يزيد من تعقيد المشهد.
يذكر أن تايوان، التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها، تواجه ضغوطًا متزايدة على مختلف الأصعدة. بكين تسعى لعزل الجزيرة دوليًا، بينما تعتمد تايبيه على الدعم الأميركي كركيزة أساسية لضمان أمنها واستقلالها.
التصعيد الحالي يضع العلاقات الصينية الأميركية أمام اختبار صعب، الطرفان يدركان أهمية الحفاظ على التوازن، لكن الخطوات التصعيدية الأخيرة قد تدفع بالموقف نحو مواجهة أكثر خطورة.
مع استمرار التحركات العسكرية الصينية قرب تايوان، تزداد المخاوف من احتمالية اندلاع صراع مسلح في المنطقة، سيناريو كهذا قد يحمل تداعيات كارثية على الاستقرار الإقليمي والدولي.