كارثة إنسانية في السودان.. استمرار الحرب بين الجيش والدعم السريع ينذر بأزمة كبرى

ينذر استمرار الحرب بين الجيش والدعم السريع بأزمة كبرى

كارثة إنسانية في السودان.. استمرار الحرب بين الجيش والدعم السريع ينذر بأزمة كبرى
صورة أرشيفية

تتصاعد المخاوف من تردي الأوضاع الإنسانية في السودان ضِمن الصراع العنيف بين الجيش والدعم السريع؛ صراع قارب الشهر وخلف وراءه مئات الضحايا وآلاف الجرحى، مع تضرر كبير في القطاع الصحي، وانقطاع المياه والكهرباء، ونقص المواد الغذائية، وسط حالة عجز دولي عن التوصل إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين ، وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 10 ملايين شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، هذا بالإضافة إلى امتداد هذه التأثيرات السلبية إلى المنطقة؛ فلقد أثار الصراع مخاوف من صراع إقليمي أوسع، وأدى بالفعل إلى زيادة التوترات بين السودان وجيرانه. 

كارثة صحية 

وذكرت دراسة حديثة للمركز المصري للفكر والدراسات أنه يعاني السودان من  كارثة صحية حقيقية؛ نتيجة استمرار الاشتباكات في البلاد، فلقد صرح هيثم محمد إبراهيم وزير الصحة السوداني مؤخرًا بأن 125 مستشفى في الخرطوم قد تأثرت جراء الاشتباكات، وتضررت أنظمة الكهرباء والماء فيها، بالإضافة إلى نقص كبير في المعدات اللازمة لمستشفيات الأورام.

وتابعت الدراسة أنه لا يزال العديد من السودانيين محاصرين في المستشفيات من دون كهرباء أو مياه، بينما يتم إجلاء مرضى آخرين يحتاجون إلى رعاية طبية؛ فوفقا لموظفين في القطاع الطبي فهم يعانون منذ بداية الاشتباكات ضغوطًا نفسية هائلة بسبب نقص الطعام والشراب، فضلًا عن الخوف من الاشتباكات والقصف العشوائي المستمر في المناطق المحيطة بالمستشفيات، هذا وأكدت نقابة الأطباء السودانية  أن هناك نحو 70% من مستشفيات العاصمة باتت خارج الخدمة، حيث تم إغلاق العديد منها، في حين تعاني المستشفيات المتبقية من نقص شديد في الكوادر والاحتياجات الطبية والمحاليل والحقن، إضافة إلى انقطاع الكهرباء.

الأوضاع خطيرة

ووصف السفير محمد أنيس، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق، الأوضاع في السودان بالخطر الكبير الذي يواجه البلاد ، وتتعرض له دول المنطقة المحيطة بالسودان؛ وهو أن تتحول حالة عدم الاستقرار إلى حالة مزمنة، وبالتالي ينبغي التعامل مع الأزمة الحالية على أنها تملك خصائص قد تحولها إلى أزمة طويلة المدى ذات تأثير كبير، يدفع ثمنها المدنيون بالأساس، وتُخفض فيها محاولات الوساطة والحل.

وتابع أنه من هنا توجد حاجة إلى التركيز الشديد على إنجاح محاولات احتواء الموقف بتأكيد وقف إطلاق النار وتعزيزه، وتطوير العناصر المختلفة المرتبطة بوقف العدائيات، بما في ذلك استمرار عمليات الإغاثة والحماية لموظفي الإغاثة، وفى نفس الوقت فتح الأفق نحو حل طويل المدى، يعيد الاستقرار والحكم المدني الديمقراطي إلى الخرطوم.

وأوضح أن الوضع في السودان يتطلب أخذ لحظة تفكير تنظر إلى المنظور التاريخي وإلى سيناريوهات المستقبل، وسنجد فيه أن السودان يعاني منذ أكثر من سبعين عامًا من حالة عدم استقرار دائمة، بل يصل الحد إلى أن بعض الكتاب يطلقون على السودان “نموذج الدولة الفاشلة” من حيث عدم قيامها بالوظائف الرئيسية للدولة من ناحية: الاستقرار السياسي، والأمن الداخلي، وتوفير الغذاء، وفرص ممارسة النشاط الاقتصادي والاجتماعي.

نزوح السودانيين 

تقول الباحثة في المركز المصري للفكر والدراسات سلمي عبد المنعم: إن التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار هو ضرورة حتمية لإتاحة الفرصة أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها، وكذلك للسماح للأشخاص الذين يحاولون الفرار من القتال بالقيام بذلك على نحو آمن. ذلك فضلًا عن وجود ضمانات تسمح بحماية المدنيين بمن فيهم اللاجئون والنازحون، وكذلك ضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني والبنية التحتية المدنية، في أزمة أكثر المتضررين منها هم المواطنون السودانيون.

وأضافت: إن ما يحدث في السودان داخل المستشفيات هو انتهاك صريح لكل معاني الإنسانية وخرق واضح لكافة المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحتى المواثيق الخاصة بالتعامل في الأوقات الطارئة والاستثنائية بالتزام كافة أطراف الصراع بتقديم الخدمات الطبية والسماح لموظفي الإغاثة بالوصول للجرحى والمصابين وهو ما يتنافى مع الأخلاقيات الدولية. 

ولفتت إن نزوح السكان بهذه الأعداد الضخمة سيكون له آثار واسعة النطاق على المشهد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدول المضيفة، خاصة في ظل معاناة هذه الدول في الوقت الحالي من أزمات عديدة؛ فهي تعاني من الجفاف، أو تعاني صراعات مسلحة، أو تواجه الفقر والغلاء وانعدام الأمن الغذائي. وهناك تخوف كبير من بدء موسم الأمطار في تشاد، وما يسببه عادة من قطع وسائل المواصلات في الأقاليم الحدودية النائية في البلاد التي تستضيف نحو 600 ألف لاجئ من دول الجوار المختلفة. وجنوب السودان بحسب الأمم المتحدة يوجد بها أكثر من 2.3 مليون نازح داخلي، وما يقرب من ثلاثة أرباع السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ويعيش نحو 2.2 مليون مواطن من جنوب السودان كلاجئين في البلدان المجاورة، ناهيك عن الظروف القاسية التي يمر بها اللاجئون السودانيون كل يوم والتي لها آثار نفسية شديدة عليهم.