سباق ضد العقوبات.. لماذا يصعّد الحوثيون هجماتهم في مأرب الآن؟

سباق ضد العقوبات.. لماذا يصعّد الحوثيون هجماتهم في مأرب الآن؟

سباق ضد العقوبات.. لماذا يصعّد الحوثيون هجماتهم في مأرب الآن؟
ميليشيا الحوثي

تواصل جماعة الحوثي في اليمن تحركاتها التصعيدية على أكثر من جبهة، في خطوة يبدو أنها تهدف إلى خلط الأوراق ميدانيًا قبل دخول تصنيفها كجماعة إرهابية من قِبل الولايات المتحدة حيز التنفيذ.

في محافظة مأرب، التي تعد آخر معاقل الحكومة الشرعية الغنية بالنفط والغاز، أرسلت الجماعة تعزيزات عسكرية ضخمة، محاولة استباق الإجراءات الأميركية عبر التصعيد العسكري، تأتي هذه التحركات بالتزامن مع استمرار الحوثيين في تجنيد الشباب قسرًا، وتهريب الأسلحة، وتصعيد الهجمات في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية؛ ما يعكس سعي الجماعة لإعادة ترتيب أولويات المعركة قبل أن تواجه عواقب التصنيف الدولي.


ومع تأكيدات الحكومة اليمنية على إحباط هذه المحاولات، تبرز تساؤلات حول مدى تأثير التصنيف الأميركي على مسار الصراع، وما إذا كان الحوثيون سيواصلون نهجهم العسكري أم سيجدون أنفسهم مضطرين لتغيير استراتيجيتهم.

*سباق مع الزمن قبل التصنيف*


دفعت جماعة الحوثي بالآلاف من مقاتليها إلى خطوط التماس جنوب وغرب مأرب، محاولة توسيع نطاق نفوذها قبل دخول قرار تصنيفها منظمة إرهابية حيز التنفيذ.

القوات اليمنية الحكومية أعلنت عن تصديها لهجمات متفرقة شنتها الجماعة، تركزت في مناطق الكسارة، المشجح، ومدغل، حيث استخدم الحوثيون المدفعية الثقيلة وصواريخ الكاتيوشا.

وتشير تقديرات عسكرية، أن الحوثيين يهدفون من هذا التصعيد إلى فرض أمر واقع ميداني، واستغلال ما تبقى من هوامش المناورة قبل أن تبدأ العقوبات الأميركية في تضييق الخناق عليهم ماليًا ولوجستيًا.

كما أن استهداف الجماعة لحقول النفط والغاز في مأرب يعكس نواياها في توجيه ضربة اقتصادية للحكومة الشرعية، في محاولة لإضعاف موقفها التفاوضي.

*تهريب الأسلحة والتجنيد القسري*


في موازاة التصعيد العسكري، تكثّف الجماعة جهودها في عمليات تهريب الأسلحة، حيث ضبطت القوات الحكومية في لحج قاربًا محملًا بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر كان في طريقه إلى مناطق سيطرة الحوثيين.

وتُشير تقارير أمنية، أن القرن الأفريقي بات يشكل شريانًا رئيسيًا لتهريب السلاح إلى الحوثيين، بوجود تعاون متزايد بين الجماعة وحركة الشباب الصومالية.

في الجانب الداخلي، فرضت الجماعة حملات تجنيد قسرية على طلاب الجامعات في مناطق سيطرتها، حيث باتت المشاركة في دورات التعبئة القتالية شرطًا لاستكمال الدراسة.

وفي محافظة إب، نظمت الجماعة عرضًا عسكريًا لطلاب الجامعات والكليات، في خطوة تؤكد مضيها في عسكرة المؤسسات التعليمية، وتحويلها إلى منصات لإمداد الجبهات بالمقاتلين.

*خلايا نائمة وتمدد أمني*

لا يقتصر نشاط الحوثيين على المعارك المباشرة، بل يمتد إلى تكوين خلايا نائمة في مناطق بعيدة عن الجبهات الرئيسية.

فقد أعلنت السلطات الأمنية في حضرموت عن ضبط خلية مكونة من 13 عنصرًا، كانت تخطط للانتقال إلى صنعاء للتدريب قبل العودة للعمل في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.

وتكشف هذه العملية عن مدى اختراق الحوثيين لبعض المناطق، ومحاولتهم زرع عناصر مؤهلة لتنفيذ مهام استخباراتية وعسكرية.

وفي محافظة أبين، نفذت الأجهزة الأمنية مداهمات ضد مجموعة من المشتبه بانتمائهم للحوثيين، ضمن حملة أوسع تستهدف تفكيك الشبكات التي تسعى الجماعة لنشرها في المحافظات الجنوبية.

*تداعيات مرتقبة*


مع اقتراب سريان التصنيف الأميركي، يتزايد الضغط على الحوثيين داخليًا وخارجيًا، فالخسائر الميدانية التي يتكبدونها في مأرب، مع تصاعد وتيرة الضغوط الاقتصادية بفعل العقوبات، قد تدفع الجماعة إلى إعادة النظر في نهجها العسكري.

إلا أن تصريحات قياداتها، التي توعدت واشنطن بعواقب وخيمة، توحي بأن الجماعة ما تزال تراهن على خيار التصعيد، سواء عبر استهداف المنشآت الحيوية أو تكثيف العمليات العسكرية في جبهات مختلفة.

من جانبه، يقول المحلل السياسي اليمني أدونيس الدخيني: إن التصعيد الحوثي في مأرب ليس مجرد تحرك عسكري تكتيكي، بل خطوة استباقية تهدف إلى فرض واقع جديد قبل دخول قرار تصنيفهم كجماعة إرهابية حيز التنفيذ.

وأضاف الدخيني لـ"العرب مباشر": أن الجماعة، المدعومة من إيران، تدرك أن هذا التصنيف سيحدّ من قدرتها على المناورة السياسية والمالية؛ مما يدفعها إلى تسريع العمليات العسكرية لتعزيز موقفها التفاوضي، سواء أمام المجتمع الدولي أو في أي محادثات سلام مستقبلية. 

ويؤكد الدخيني، أن استهداف مأرب ليس عشوائيًا، بل يعكس الأهمية الاستراتيجية للمحافظة، كونها آخر معاقل الحكومة الشرعية في الشمال، وتضم احتياطيات نفطية وغازية تسعى الجماعة للسيطرة عليها كمصدر تمويل بديل في ظل الضغوط المتزايدة.