دراسة حديثة تكشف تصاعُد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع في الأشهر الماضية
كشفت دراسة حديثة تصاعُد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع في الأشهر الماضية
انزلق السودان إلى دائرة المواجهات المسلحة بين قوات الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ممّا يعكس الصراع الذي كان قائماً منذ أشهر بين الطرفين، والذي أعاق الشروع في عملية الانتقال السياسي وتأسيس سلطة مدنية تعمل على إنهاء الأزمة السياسية في البلاد.
تطورات الأزمة
وقدّم مركز "تريندز للبحوث والاستشارات" دراسة تحليلية لتطورات الأزمة السودانية، واستقراء العوامل الأساسية التي أفضت إلى انفجارها في صورة اشتباكات مسلحة بين قوات الجيش و"الدعم السريع" في أنحاء متفرقة من البلاد، وتوضيح المواقف الدولية والإقليمية إزاءها، ومحاولة رسم سيناريوهات تطور هذا الصراع واستشراف مستقبل الأزمة.
تفجر الأزمة
حول تطورات الأزمة والأسباب التي أدت إلى تفجرها، أوضح المركز في دراسته أنّ السودان دخل في أزمة سياسية منذ 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021؛ إثر قرارات قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان إنهاء الشراكة مع تحالف الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم)، وتجميد كل بنود الوثيقة الدستورية لعام 2019 ذات الصلة بالشراكة بين العسكريين والمدنيين، وإعلان حالة الطوارئ، ووضع وزراء ومسؤولين قيد الاحتجاز، بمن فيهم رئيس الوزراء وقتذاك عبد الله حمدوك، وكان لهذه القرارات أثر مزدوج في المجتمع السوداني؛ فبعض القوى السياسية والشعبية أيّدتها كونها تصحيحاً للمسار، والبعض الآخر نعتها بالانقلاب، وقام بتنظيم احتجاجات متواترة للمطالبة بإعادة السلطة للمدنيين، وفق دراسة مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بعنوان "الجيش ومعضلات التحول المتعثر في السودان".
صراع مستمر
بيّن مركز "تريندز" أنّ الصراع بين قيادة الجيش والدعم السريع يعود إلى تاريخ تكوين هذه القوات في 2013 في عهد الرئيس السابق عمر البشير. حين رفض الجيش وقتها إلحاق هذه القوة (التي يرجع أصلها إلى الميليشيات السابقة المعروفة باسم الجنجويد) بالجيش السوداني؛ بسبب تكوينها الذي يعتمد على مكونات قبلية محددة. ومن ثم، تمّ إلحاقها بجهاز الأمن والمخابرات، وسرعان ما تحولت في 2017 إلى قوات منفصلة تخضع لإمرة رئيس الجمهورية، الذي كان يشغل أيضاً منصب القائد الأعلى والعام للجيش السوداني. وتجدّد الصراع بعد اندلاع الإطاحة بالبشير في نيسان (إبريل) 2019، بسبب رفض الفريق حميدتي العمل مع رئيس المجلس العسكري الجديد الفريق عوض بن عوف؛ ممّا عجّل بانسحاب بن عوف سريعاً من المشهد.
المواجهة المسلحة
ووفقاً للدراسة، فإنّ الخلافات الحقيقية التي أدت إلى المواجهة المسلحة بين الطرفين تتمحور حول مسألة دمج قوات الدعم السريع في الجيش، واتباع شركاته لوزارة المالية، واشترط الجيش أيضاً أن يكون هو من يحدد تحركات وانتشار القوات وفق عملية الدمج، وهو ما رفضته قيادة قوات الدعم السريع.
وأوضحت الدراسة أنّ الطموحات والتحالفات السياسية للفريق حميدتي أقلقت قيادة الجيش. فقد أظهر حميدتي تطلعاته السياسية بالشروع في تكوين تحالف يعتمد على أعيان القبائل وزعماء الطرق الصوفية وقوى الحرية والتغيير، ورسم صورة لنفسه بمناصرة الثورة وحكم المدنيين.
وقد رأت قيادة الجيش، وعلى رأسهم البرهان، في هيمنة حميدتي على السلطة في المستقبل تهديداً أمنياً، بل رأوا في طموحه السياسي تمهيداً للتمرد.
إعلان حالة الطوارئ
وختم المركز دراسته بالقول: إذا ما استمرت الاشتباكات، فإنّها ستؤدي إلى إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وربما إنهاء العملية السياسية الجارية الآن برمّتها، ودخول البلاد في فوضى قد تمتد إلى أعوام، مشدداً على ضرورة التدخل السريع من قبل المجتمع الدولي، والقوى الإقليمية، التي تحظى بقبول واسع من كلا الطرفين، لتجنب انزلاق السودان إلى هذه المرحلة.