بين مصانع إنتاج الوقود والصواريخ.. كيف شلت إسرائيل الدفاعات الجوية الإيرانية؟
بين مصانع إنتاج الوقود والصواريخ.. كيف شلت إسرائيل الدفاعات الجوية الإيرانية؟
بعد ساعات من القصف الإسرائيلي على إيران، تنفس الجميع في الصعداء في الشرق الأوسط، بعد تأكيدات أن الضربات الإسرائيلية اقتصرت على المنشأت العسكرية فقط، ولم تتطرق للمنشآت النووية والنفطية، كما كان يخشى الجميع، ولكن يبدو أن الأضرار في إيران أكبر من المتوقع.
استهداف مواقع عسكرية إيرانية
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الأهداف الإسرائيلية في إيران شملت مصانع لإنتاج الوقود الصلب المستخدم لتشغيل الصواريخ الباليستية، فضلاً عن منصات صواريخ وأنظمة الدفاعات الجوية التي كانت تحمي منشأت النفط ومصانع التكرير.
وأضافت الصحيفة، أنه تم استهداف مصانع لإنتاج العديد من الصواريخ وخصوصًا تلك التي استخدمتها إيران في قصف إسرائيل مطلع الشهر الحالي، وهو الأمر الذي يعني تأثر صناعة الدفاع الإيرانية بالشكل الذي يجعلها تفقد جزء من قدرتها العسكرية ويحد من القدرات الصاروخية لوكلائها في منطقة الشرق الأوسط وخصوصًا حزب الله والحوثيون.
ضربات دقيقة
بينما أكد موقع "واللا" الإسرائيلي، أن سلاح الجو الإسرائيلي ضرب 12 هدفاً في إيران كانت تستخدم لإنتاج الوقود الصلب للصواريخ الباليستية بعيدة المدى ما ألحق ضرراً شديدًا بقدرة طهران على تجديد مخزونها.
وتابع، أن الأهداف التي ضربت كانت معدات متطورة لا تستطيع إيران إنتاجها بمفردها وكان لابد من شراؤها من الصين.
ونقل الموقع عن ثلاثة مصادر إسرائيلية، قولها: إن الأهداف كانت عنصراً حاسمًا في برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
وقال باحث أمريكي: إن غارة جوية إسرائيلية ضربت مبنى كان جزءًا من برنامج تطوير الأسلحة النووية الإيراني، وقال هو وباحث آخر: إن منشآت تستخدم لخلط الوقود الصلب للصواريخ ضربت أيضاً.
وتوصل ديفيد أولبرايت، مفتش الأسلحة السابق للأمم المتحدة، وديكر إيفليث، محلل الأبحاث المساعد في " سي إن إيه"، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن، إلى التقييمات المستندة إلى صور الأقمار الصناعية التجارية بشكل منفصل.
وقالوا: إن إسرائيل ضربت مباني في بارشين، وهو مجمع عسكري ضخم بالقرب من طهران، كما قصفت إسرائيل موقع خوجير، وفقًا لما ذكرته شركة إيفيليث، وهو موقع لإنتاج الصواريخ بالقرب من طهران.
وقال الجيش الإيراني: إن الطائرات الحربية الإسرائيلية استخدمت "رؤوسًا حربية خفيفة للغاية" لضرب أنظمة الرادار الحدودية في محافظات إيلام وخوزستان وحول طهران.
تدمير أنشطة إيرانية سرية نووية
وقال أولبرايت في منشورات على موقع X: إن صور الأقمار الصناعية التجارية أظهرت أن إسرائيل ضربت مبنى في بارشين يسمى طالقان 2، كان يستخدم لاختبار الأنشطة خلال خطة عماد، برنامج تطوير الأسلحة النووية الإيراني المنقرض.
وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة وأجهزة الاستخبارات الأمريكية: إن إيران أوقفت البرنامج في عام 2003، وتنفي إيران سعيها للحصول على أسلحة نووية.
وحصل ألبرايت، رئيس مجموعة أبحاث معهد العلوم والأمن الدولي، على حق الوصول إلى ملفات البرنامج لكتاب بعد أن سرقتها وكالة الاستخبارات الإسرائيلية الموساد من طهران في عام 2018.
وقال في برنامج إكس: إن الأرشيفات كشفت أن إيران احتفظت بمعدات اختبار مهمة في طالقان 2.
وأضاف: أن إيران ربما أزالت مواد رئيسية قبل الغارة الجوية، ولكن "حتى لو لم تتبق أي معدات بالداخل" فإن المبنى كان سيوفر "قيمة جوهرية" لأنشطة مستقبلية متعلقة بالأسلحة النووية.
وقال ألبرايت ل-"رويترز": إن صور الأقمار الصناعية التجارية لبارشين أظهرت أن إسرائيل ألحقت أضرارًا بثلاثة مبانٍ على بعد حوالي 350 ياردة (320 مترًا) من طالقان 2، بما في ذلك اثنان تم خلط الوقود الصلب للصواريخ الباليستية فيهما.
وقال إيفيليث: إن صورة لبارشين من بلانيت لابس، وهي شركة أقمار صناعية تجارية، أظهرت أن إسرائيل دمرت ثلاثة مبانٍ لخلط الوقود الصلب للصواريخ الباليستية ومستودعًا في المجمع المترامي الأطراف.
وأردف: أن صور بلانيت لابس أظهرت أيضًا أن ضربة إسرائيلية دمرت مبنيين في مجمع خوجير، حيث تم خلط الوقود الصلب للصواريخ الباليستية.
كانت المباني محاطة بسواتر ترابية عالية، وفقًا للصورة التي راجعتها وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، ترتبط مثل هذه الهياكل بإنتاج الصواريخ وهي مصممة لمنع انفجار في مبنى واحد من تفجير مواد قابلة للاشتعال في هياكل قريبة.
وقال إيفيليث: "تقول إسرائيل إنها استهدفت المباني التي تحتوي على خلاطات الوقود الصلب، هذه الخلاطات الصناعية يصعب تصنيعها وخاضعة لسيطرة التصدير، حيث استوردت إيران العديد منها على مر السنين بتكلفة كبيرة، ومن المرجح أن تجد صعوبة في استبدالها".
وأضاف، أنه من خلال عملية محدودة، ربما تكون إسرائيل قد وجهت ضربة كبيرة لقدرة إيران على إنتاج الصواريخ بكميات كبيرة، وجعلت من الصعب على أي هجوم صاروخي إيراني في المستقبل اختراق دفاعات الصواريخ الإسرائيلية.
وقال: "يبدو أن الضربات دقيقة للغاية".
تدمير قدرات إيران الصاروخية
وبحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي، فإن إسرائيل دمرت 12 "خلاطًا كوكبيًا" تستخدم لإنتاج الوقود الصلب للصواريخ الباليستية بعيدة المدى، ونقلت عن ثلاثة مصادر إسرائيلية قولها: إن هذا يلحق ضررًا بالغًا بقدرة إيران على تجديد مخزونها الصاروخي، وقد يردع إيران عن شن المزيد من الضربات الصاروخية الضخمة ضد إسرائيل.
وأضافت المصادر الإسرائيلية: أن أربع بطاريات دفاع جوي من طراز إس-300 تعرضت للهجوم وكانت في مواقع استراتيجية تحمي المنشآت النووية والطاقة في طهران أثناء العملية.
كما تعرض مصنع لإنتاج الطائرات بدون طيار ومنشأة في مجمع بارشين العسكري للهجوم، حيث شهد الأخير في الماضي أنشطة بحث وتطوير للأسلحة النووية.
وكشف مسؤولون إسرائيليون أيضًا، أن الضربات استهدفت مصنع سري للصواريخ الباليستية وعدد كبير من خلاطات الوقود الثقيل المستخدمة لتشغيل صواريخ خيبر وحاج قاسم - وكلاهما أطلقته إيران على إسرائيل في بداية الشهر.
كما زعم التقرير، أن بطاريات الدفاع الجوي إس-300 التي تعرضت للهجوم كانت روسية الصنع ودمرت الرادارات التي تغذي هذه الأنظمة وغيرها في سوريا والعراق.
وذكر التقرير، أن مصنع الصواريخ الباليستية تم تدميره بالكامل.
وقال أحد المصادر الإيرانية: "هذا المصنع كان العمود الفقري لصناعة الصواريخ الإيرانية، وأخرجه القصف عن الخدمة"، كما أفاد بأن كل خلاطة وقود ثقيلة دمرت تقدر قيمتها بما لا يقل عن مليوني دولار، وأن نحو عشرين خلاطة من هذا النوع دمرت.
عام للعودة
وأكدت صحيفة "جيوراليم بوست" الإسرائيلية، أن إيران تحتاج لعام على الأقل لاستعادة عمل هذه المصانع مرة أخرى، وعامين على أقل تقدير من أجل عودة إنتاج الصواريخ.
وأكد مسؤولون إيرانيون وإسرائيليون، أن إسرائيل استهدفت الدفاعات في مجمع بندر الإمام الخميني للبتروكيماويات في محافظة خوزستان، وفي الميناء الاقتصادي الرئيسي بندر الإمام الخميني المجاور له، وفي مصفاة عبادان للنفط.
وتابعت، أنه في حين ما تزال إيران تمتلك مخزونًا كبيرًا من الصواريخ الباليستية، تقول المصادر الإسرائيلية: إن حقيقة عدم قدرة إيران على إنتاج صواريخ باليستية جديدة من شأنها أيضًا أن تحد من قدرتها على تجديد مخزونات الصواريخ الباليستية لوكلائها مثل حزب الله والحوثيين.
وقالت المصادر: إن القوات الجوية الإسرائيلية هاجمت مصنعًا لإنتاج الطائرات بدون طيار ونفذت ضربة رمزية على منشأة في مدينة بارشين كانت تستخدم في الماضي للبحث والتطوير في مجال الأسلحة النووية.