سي إن إن: باكستان تمنح الجيش تفويض كامل للدفاع عن النفس في مواجهة الهند
سي إن إن: باكستان تمنح الجيش تفويض كامل للدفاع عن النفس في مواجهة الهند

أكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أنه في تطور عسكري خطير يعكس تصاعدًا غير مسبوق في التوتر بين الجارتين النوويتين، منح رئيس الوزراء الباكستاني شهبازشريف تفويضًا كاملاً للجيش الباكستاني باتخاذ ما وصفه بـ"الإجراءات المقابلة" دفاعًا عن النفس، وذلك بعد ساعات فقط من تنفيذ الهند ضربات جوية دامية استهدفت مواقع داخل الأراضي الباكستانية وباكستان الخاضعة لإدارتها في كشمير؛ ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصًا، بينهم طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات، وإصابة 46 آخرين على الأقل.
جاء هذا القرار عقب انعقاد اجتماع طارئ للجنة الأمن القومي الباكستانية صباح الأربعاء، حيث دعا شريف القوات المسلحة إلى "الانتقام لدماء الأبرياء الذين سقطوا جراء العدوان الهندي".
وأكد بيان صادر عن اللجنة، أن "باكستان تحتفظ بحقها في الرد، دفاعًا عن النفس، في التوقيت والطريقة والمكان الذي تختاره، للثأر من فقدان أرواح مواطنيها الأبرياء والانتهاك السافر لسيادتها".
وأضاف البيان، أن "القوات المسلحة الباكستانية حصلت على التفويض اللازم لاتخاذ الإجراءات المقابلة"، مشددًا على أن "الأمة تقف موحدة ومصممة في وجه أي عدوان إضافي".
الهند تبرر الهجوم
من جانبها، أوضحت نيودلهي، أن الضربات الجوية جاءت ردًا على الهجوم الدموي الذي وقع في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية بتاريخ 22 أبريل، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 24 شخصًا، معظمهم من السياح، على يد مسلحين مجهولين.
وأشارت السلطات الهندية، أن المعلومات الاستخبارية المتوفرة لديها تؤكد ضلوع جماعات مسلحة مقرها باكستان في تنفيذ العملية. في المقابل، نفت إسلام آباد بشكل قاطع أي علاقة لها بالهجوم.
هذه التطورات أججت أجواء العداء المتصاعد بين البلدين، وأدت إلى تفكك ما تبقى من العلاقات الدبلوماسية الهشة، وسط مخاوف متزايدة من انزلاق المنطقة نحو صراع عسكري مفتوح.
ضحايا في باكستان
وفيما اتسعت دائرة الإدانات الباكستانية للضربات الهندية، أعلن مسعود أظهر، زعيم جماعة "جيش محمد" المسلحة التي تعتبرها الهند واحدة من الجماعتين المستهدفتين في الضربات، عن مقتل عشرة من أفراد عائلته في الهجوم، بينهم خمسة أطفال.
وأوضح أن شقيقته الكبرى، وزوجها، وابن أخته وابنة أخته كانوا من بين الضحايا، واصفًا الهجوم بأنه "استهداف جبان للأطفال والنساء العازبات والمسنين".
وقال أظهر - في بيان-: إن "الصدمة والحزن لا يمكن وصفهما"، فيما أكدت مصادر عسكرية هندية، أن الضربات استهدفت ما وصفته بـ"بنى تحتية إرهابية" في تسعة مواقع داخل إقليم البنجاب الباكستاني المكتظ بالسكان، بالإضافة إلى مناطق في كشمير الخاضعة لإدارة باكستان، مشيرة أنها لم تستهدف أي منشآت عسكرية ولم تسفر عن خسائر بين المدنيين، وهو ما تنفيه باكستان بشكل قاطع.
وأعلنت إسلام آباد، أن الضربات استهدفت ستة مواقع مختلفة شملت مساجد ومناطق سكنية، مؤكدة سقوط ضحايا مدنيين بينهم نساء وأطفال.
وتُعد جماعة "جيش محمد"، التي تأسست في باكستان وتعمل على دمج كشمير الخاضعة للهند مع باكستان، من الجماعات المدرجة على قوائم الإرهاب في كل من الولايات المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ عام 2001، رغم أن الصين سبق أن استخدمت حق النقض لمنع إدراج مسعود أظهر نفسه على قائمة الإرهابيين الدوليين.
حصيلة الضحايا
ذكرت وكالة رويترز نقلاً عن الجيش الباكستاني، أن عدد الضحايا المدنيين جراء الهجمات الهندية بلغ 26 قتيلًا على الأقل، في حين أفاد مصدر رفيع في وزارة الدفاع الهندية، بأن القصف الباكستاني المضاد أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الجانب الهندي من خط السيطرة الفاصل بين شطري كشمير.
على صعيد التحركات السياسية، ترأس رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اجتماعًا طارئًا مع كبار وزرائه عقب تنفيذ الضربات، كما أطلع رئيسة الجمهورية دروبادي مورمو على تفاصيل العمليات العسكرية، بحسب ما ورد في منشور رسمي على حسابها في منصة "إكس".
وتُعد هذه التطورات امتدادًا لحالة التوتر المتزايد بين باكستان ذات الأغلبية المسلمة والهند ذات الغالبية الهندوسية، والتي تصاعدت منذ وقوع المذبحة في منطقة سياحية شهيرة بكشمير الهندية في أبريل الماضي، حيث وجدت الحكومة الهندية القومية نفسها تحت ضغط شعبي هائل للرد بقوة على الهجوم، رغم نفي باكستان أي علاقة له.
شركات الطيران تبتعد عن الأجواء الباكستانية
في ظل هذه الأجواء المشحونة، أظهرت بيانات من موقع "Flightradar24" لتتبع حركة الطيران أن شركات الطيران التجارية تجنبت بشكل شبه كامل الأجواء الباكستانية، فيما تم إغلاق مطار مدينة سرينغار – كبرى مدن كشمير الهندية – أمام الحركة الجوية المدنية.
وأعلنت عدة شركات طيران عن تعليق رحلاتها إلى باكستان وشمال غرب الهند أو تحويلها إلى وجهات بديلة، ما يعكس حالة من القلق الشديد في الأوساط الدولية من احتمال انفجار الوضع العسكري بشكل شامل بين الطرفين.
سيناريوهات التصعيد
يرى مراقبون، أن الوضع الحالي ينذر بتصعيد أكبر، خاصة في ظل تزايد العداء المتبادل بين البلدين وعدم وجود قنوات فعالة لاحتواء الأزمة.
ويخشى المجتمع الدولي من أن تتحول هذه المناوشات إلى مواجهة شاملة بين دولتين تملكان أسلحة نووية، في منطقة تعاني أصلًا من هشاشة أمنية واضطرابات سياسية مزمنة.
وتبقى الأنظار مشدودة إلى تطورات الساعات المقبلة، في انتظار ما إذا كانت باكستان ستنفذ تهديداتها بالرد، وما إذا كانت الهند ستواصل نهجها الهجومي، في وقت يحبس فيه العالم أنفاسه تحسبًا لانفجار أوسع نطاقًا قد تكون له تداعيات تتجاوز حدود جنوب آسيا.