الدمار في بيروت.. الغارات الإسرائيلية تُودي بحياة مئات اللبنانيين وحزب الله يتفوق في الجنوب
الدمار في بيروت.. الغارات الإسرائيلية تُودي بحياة مئات اللبنانيين وحزب الله يتفوق في الجنوب
شنت إسرائيل، اليوم الجمعة، غارات جوية مكثفة على الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت، في خطوة تعتبر تصعيدًا كبيرًا لحملتها العسكرية ضد حزب الله، مستهدفةً هاشم صفي الدين، الذي يُعد الخليفة المحتمل لزعيم الحزب المغتال حسن نصر الله.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإن هذه الضربات تأتي ضمن الجهود الإسرائيلية المتواصلة لتفكيك بنية القيادة في حزب الله وضرب أعمدته الأساسية.
استهداف صفي الدين
وأوضحت الصحيفة أن العملية التي استهدفت صفي الدين تأتي بعد سلسلة من الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة ضد حزب الله، والتي تضمنت عمليات استخباراتية معقدة أدت إلى تفجير آلاف الأجهزة الإلكترونية التي كان يستخدمها مقاتلو الحزب بشكل متزامن. كما قامت إسرائيل بغارة جوية أدت إلى مقتل معظم قيادة وحدة "رضوان" النخبوية، إضافة إلى حملة قصف جوي استهدفت أكثر من 3000 هدف في مختلف أنحاء لبنان.
وتابعت أنه حتى الآن، لم يتضح ما إذا كان صفي الدين قد قُتل في الغارة الجوية الأخيرة أم لا.
عدوان وحشي يهز بيروت
وأوضحت الصحيفة أن الغارات الجوية الإسرائيلية ضربت الضاحية الجنوبية لبيروت بموجات عدة من الهجمات العنيفة، ما تسبب في انفجارات ضخمة دمرت العديد من المباني السكنية في العاصمة اللبنانية، واهتزت أجزاء واسعة من المدينة بفعل التفجيرات، واندلعت الحرائق في مواقع متعددة، مع تصاعد أعمدة الدخان الكثيفة في سماء الليل.
وقبل أيام من الهجمات، كانت القوات الإسرائيلية قد حذرت سكان بعض المناطق المستهدفة من إخلاء المباني، خصوصًا بعد الضربة الكبرى التي أدت إلى مقتل حسن نصر الله، ورغم ذلك، لم يتضح على الفور ما إذا كان صفي الدين، أحد أبرز قادة الحزب، من بين المستهدفين مباشرة في هذه الغارات.
من هو هاشم صفي الدين؟
هاشم صفي الدين، الذي وُلد في عام 1964، يُعتبر واحدًا من أبرز الشخصيات في حزب الله، وابن عم حسن نصر الله، وعلى مدى سنوات طويلة، تم النظر إليه كخليفة محتمل لنصر الله، حيث شغل مناصب عليا داخل هيكل الحزب، بما في ذلك رئاسة المجلس التنفيذي، وهو الهيئة المسؤولة عن إدارة الأنشطة الاجتماعية والسياسية للحزب.
وصفي الدين طور علاقات وثيقة مع إيران، وأتم دراسته الدينية هناك، مما جعله يتمتع بنفوذ قوي في دوائر صنع القرار الإيراني، وخاصة فيما يتعلق بالتعاون العسكري والأمني بين حزب الله وطهران. بالإضافة إلى ذلك، فإن ابنه متزوج من ابنة الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة أمريكية عام 2020، مما يعزز صلاته الوثيقة بالنظام الإيراني.
وفي عام 2017، صنفت الولايات المتحدة صفي الدين على لائحة الإرهابيين الخاصين بها، في خطوة جاءت في إطار حملة الضغط على حزب الله وإيران.
خسائر فادحة
ووفقًا لتحليلات أمنية، فإن استهداف صفي الدين يعكس إصرار إسرائيل على القضاء على القيادة العليا لحزب الله. تقول حنين غدار، باحثة كبيرة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن هذه الهجمات تضيف إلى الإهانة المتزايدة لحزب الله في أعين قاعدته الشعبية وتعمق الانقسامات داخل صفوفه.
وتضيف أن اغتيال صفي الدين، إن تم، سيمثل استمراراً لتكتيكات إسرائيل بعد قتل نصر الله، وهو ما يؤكد أن إسرائيل لن تتوقف عن استهداف قادة الحزب الله، متحدية الدعوات الدولية بوقف التصعيد.
أفادت وزارة الصحة اللبنانية أن أكثر من ١٥٠٠ شخص لقوا حتفهم منذ أن كثفت إسرائيل حملتها العسكرية ضد حزب الله في سبتمبر الماضي، وقد وسعت إسرائيل نطاق عملياتها لتشمل أكثر من 20 بلدة وقرية في جنوب لبنان، حيث دعت القوات الإسرائيلية السكان إلى إخلاء منازلهم.
وفي خطوة غير مسبوقة، شملت التحذيرات الإسرائيلية مناطق تقع شمال نهر الليطاني، الذي يُعتبر حدًا فاصلًا بين مناطق العمليات الرئيسية لإسرائيل في جنوب لبنان منذ حرب عام 2006.
ودعت القوات الإسرائيلية سكان هذه المناطق إلى الانتقال شمالًا باتجاه نهر الأولي، في مسعى لتوسيع منطقة الأمان بعيداً عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن توسيع الحملة العسكرية الإسرائيلية يثير مخاوف من زعزعة استقرار لبنان بشكل أكبر، حيث يعاني البلد بالفعل من أزمة نزوح جماعي، مع فرار مئات الآلاف من المواطنين من منازلهم نتيجة للقصف الإسرائيلي، إذا ما وسعت إسرائيل حملتها البرية في لبنان، فإن ذلك قد يزيد من التوترات ويؤدي إلى انهيار أوسع للنظام الأمني في المنطقة.
تفوق حزب الله
وأكدت الصحيفة أن التوسع العسكري يحمل مخاطر كبيرة لإسرائيل أيضًا، التي سبق وأن واجهت مقاومة شديدة من حزب الله خلال غزوات سابقة للبنان.
وأظهرت التقارير الأخيرة أن الجيش الإسرائيلي يُعاني من خسائر متزايدة في الأرواح، حيث أعلنت السلطات عن مقتل جندي إسرائيلي آخر في العمليات البرية أمس الخميس، ما يرفع عدد الجنود الإسرائيليين الذين قُتلوا في الهجوم إلى أكثر من تسعة، في ظل فشل قوات الاحتلال في اقتحام الحدود اللبنانية حتى الآن وفقًا لما كشفت عنه قوات حفظ السلام الدولية "اليونيفيل".
ويستمر القتال العنيف بين القوات الإسرائيلية وحزب الله في المناطق الجنوبية من لبنان، حيث شنت إسرائيل عملية برية موسعة تهدف إلى تقليص نفوذ حزب الله قرب الحدود الشمالية لإسرائيل. وتصر إسرائيل على أن هدف هذه العمليات هو "إعادة السكان إلى منازلهم" من خلال تدمير البنية التحتية العسكرية التي بناها حزب الله على طول الحدود.
واضافت الصحيفة أنه مع تقدم المعارك، يُطرح تساؤل كبير حول مدى استمرار هذه الحملة العسكرية وما إذا كانت إسرائيل تسعى إلى تحقيق أهداف أوسع في لبنان.
يقول سام هيلر، محلل أمني مقيم في بيروت: "ليس هناك وضوح حقيقي حول ما تسعى إسرائيل لتحقيقه في لبنان، ولا حول مدى طموحها في التوسع داخل البلاد".
وفي حين تنفي إسرائيل نيتها إرسال قوات إلى العاصمة بيروت أو المدن الجنوبية الأخرى، فإن اتساع نطاق القصف الجوي والهجمات البرية يُثير المخاوف من انزلاق الصراع إلى مرحلة أكثر دموية وتعقيدًا.