هدنة عيد الفصح تتحوّل إلى ساحة اتهامات بين موسكو وكييف
هدنة عيد الفصح تتحوّل إلى ساحة اتهامات بين موسكو وكييف

اتهمت كل من روسيا وأوكرانيا الطرف الآخر بانتهاك الهدنة المؤقتة التي تم الإعلان عنها خلال عطلة عيد الفصح، حيث اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين لا يسعى فعليًا إلى وقف القتال، بل يستخدم الإعلان عن وقف إطلاق النار كأداة للعلاقات العامة والترويج الإعلامي.
وكان بوتين قد فاجأ المراقبين بإعلانه، مساء السبت، إصدار أوامر لقواته بوقف جميع العمليات العسكرية بدءًا من الساعة السادسة مساءً بتوقيت موسكو وحتى منتصف ليل يوم الإثنين.
وأكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أنه رغم أن كييف وافقت على الالتزام بالهدنة، فإنها أبدت شكوكًا كبيرة في دوافع الجانب الروسي، خاصة أن الإعلان جاء مباشرة بعد تلويح إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتخلي عن جهود الوساطة إذا لم تلمس تقدمًا ملموسًا في مسار السلام.
تصريحات زيلينسكي
وقال زيلينسكي -في تصريحات أدلى بها صباح الأحد-، إن القوات الأوكرانية رصدت تصاعدًا في القصف المدفعي الروسي واستخدام الطائرات المسيّرة الانتحارية منذ الساعة العاشرة صباحًا، مما يُظهر – على حد قوله – إما أن بوتين لا يملك السيطرة الكاملة على قواته، أو أن روسيا لا تعتزم فعلًا إنهاء الحرب وتبحث فقط عن مكاسب إعلامية.
وأضاف زيلينسكي: أن تقريرًا عسكريًا قدمه الجنرال أولكسندر سيرسكي، القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، أشار أن الجيش الروسي يحاول الإيحاء بوجود وقف لإطلاق النار، لكنه في الواقع ما يزال يشن هجمات محدودة في بعض المناطق بهدف تحقيق مكاسب ميدانية وإيقاع خسائر في صفوف الأوكرانيين.
التزام روسي
وفي المقابل، أكدت وزارة الدفاع الروسية، أن قواتها التزمت التزامًا صارمًا بوقف إطلاق النار منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ مساء السبت، واتهمت أوكرانيا بارتكاب أكثر من 1000 انتهاك للهدنة خلال تلك الفترة.
وأوضحت الوزارة الروسية، أن القوات الأوكرانية أطلقت النار 444 مرة على المواقع الروسية خلال الليل، ونفذت أكثر من 900 هجوم باستخدام الطائرات المسيّرة، بما في ذلك 48 طائرة بدون طيار من طراز يشبه الطائرات الحربية، مشيرة إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، بالإضافة إلى أضرار لحقت بالبنية التحتية.
هدوء نسبي في الهجمات الجوية
وأشارت الشبكة الأمريكية، أنه رغم تبادل الاتهامات، بدا أن حدة الهجمات الجوية قد خفّت بشكل نسبي، حيث قالت القوات الجوية الأوكرانية، إنها لم تسجل تهديدات صاروخية أو باستخدام طائرات مسيرة من الجانب الروسي منذ مساء السبت. كما لم تُبلغ وزارة الدفاع الروسية عن أي هجمات جوية أو قصف صاروخي على أراضيها خلال الليلة الماضية.
ودعا الرئيس الأوكراني إلى تمديد الهدنة المؤقتة لتشمل فترة ثلاثين يومًا، تماشيًا مع اقتراح تقدمت به الولايات المتحدة الشهر الماضي، ورفضته روسيا حينها.
وأكد صباح الأحد، أن هذا الاقتراح لما يزال قائمًا، رغم الاتهامات المتبادلة بين الجانبين.
وقالت هيئة الأركان الأوكرانية: إن قواتها ستلتزم بتقليص استخدام النار ضد الجيش الروسي ما لم تُستهدف أولًا، وأكدت أنها سترد بشكل مناسب في حال تعرضها لهجوم.
وفي هذا السياق، قال أحد القادة العسكريين الأوكرانيين على الأرض: إن التعليمات التي تلقوها تنص على عدم إطلاق النار ما لم تبادر القوات الروسية بالهجوم أو الاستفزاز، موضحًا: إذا لم يتحركوا أو يطلقوا النار، فلن نفتح النار عليهم. أما إذا تحركوا أو هاجمونا، فسنرد بقوة.
ضربات متبادلة
وأشار الرئيس الأوكراني، أن القوات الروسية نفذت ضربات مدفعية واستخدمت الطائرات المسيّرة في منطقة كورسك الروسية، وهي المنطقة التي شهدت توغلًا أوكرانيًا مفاجئًا العام الماضي.
وأكد زيلينسكي، أن جميع وحدات الجيش الأوكراني ترد على الاعتداءات وفقًا لتقدير الموقف القتالي في كل منطقة، مشددًا على أن أوكرانيا ستواصل الرد بشكل متماثل على أي خروقات.
ومن جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: إن إعلان الهدنة يستند إلى دوافع إنسانية بمناسبة عيد الفصح، لكنه في الوقت نفسه حذّر من أن قواته سترد بقوة على أي استفزازات قد تتعرض لها.
يأتي هذا التوتر المتجدد في وقت تتصاعد فيه التهديدات الإقليمية وتحتدم فيه المنافسة الدبلوماسية والعسكرية بين روسيا والغرب، فيما ما تزال مساعي السلام تواجه عراقيل في ظل غياب الثقة وانعدام التقدم الملموس على الأرض.