مخاوف من تكرار سيناريو 2014.. العراق بين نيران الحدود وضغوط الحلفاء
مخاوف من تكرار سيناريو 2014.. العراق بين نيران الحدود وضغوط الحلفاء
تتزايد الضغوط على العراق لاتخاذ موقف أكثر وضوحًا تجاه الأزمة السورية، وسط مطالب من فصائل مسلحة موالية لإيران بإرسال قوات لدعم النظام السوري.
هذه المطالب تفتح الباب أمام تحديات سياسية وأمنية داخلية، لا سيما في ظل تعهد الحكومة العراقية بالتمسك بسيادة القرار الوطني وحماية الحدود، في المقابل، تظهر مخاوف من تكرار سيناريو عام 2014 عندما انهارت الدفاعات الحدودية أمام التنظيمات الإرهابية، ما تسبب في أزمة أمنية هزت العراق والمنطقة.
*فصائل تضغط.. والحكومة تتماسك*
تشهد الحكومة العراقية ضغوطًا متزايدة من بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وعلى رأسها كتائب حزب الله، التي تطالب بإرسال قوات نظامية إلى سوريا لدعم الجيش السوري ضد التهديدات المسلحة.
في المقابل، أكدت الحكومة العراقية، على لسان متحدثها الرسمي باسم العوادي، تمسكها بالسيادة الوطنية، مشددة على التزامها بإغلاق الحدود ومنع أي عبور غير مشروع للمقاتلين أو الأسلحة، حفاظًا على استقرار العراق.
يرى محللون أن الضغوط الراهنة تثير شبح تكرار كارثة عام 2014، حينما استغلت التنظيمات الإرهابية هشاشة الحدود العراقية السورية للتوغل إلى الأراضي العراقية؛ ما أدى إلى سيطرتها على مساحات واسعة من البلاد.
الحكومة العراقية، مدركة لهذه المخاطر، أعلنت تحريك وحدات عسكرية مدرعة إلى المناطق الحدودية، خاصة معبر البوكمال الاستراتيجي، لضمان عدم تكرار سيناريوهات مشابهة.
*إيران وسوريا.. الدور الإقليمي في الضغط على بغداد*
تشير التقارير أن إيران ترغب في دعم الجيش السوري عبر الأراضي العراقية، وهو ما قد يضع العراق في موقف صعب، خاصة أن بغداد لم تتلق طلبًا رسميًا من دمشق أو طهران.
اللواء يحيى رسول، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أعلن نشر تعزيزات عسكرية لتأمين الشريط الحدودي الممتد من منطقة القائم جنوبًا إلى حدود الأردن، مشيرًا أن الهدف الأساسي هو حماية العراق من أي تداعيات أمنية محتملة.
*تحركات الفصائل المسلحة.. تقارير متضاربة*
في الوقت الذي نفت فيه الحكومة العراقية رسميًا عبور أي فصائل مسلحة إلى سوريا، أفادت تقارير صادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان ووكالات دولية بعبور نحو 200 مقاتل من فصائل عراقية مدعومة من إيران إلى سوريا، لتعزيز مواقع الجيش السوري في حلب والمناطق المحيطة بها.
وأكد مصدر عسكري سوري لوكالة "رويترز"، أن هؤلاء المقاتلين ينتمون إلى فصائل مثل كتائب حزب الله ولواء فاطميون، وتمركزوا على خطوط التماس لدعم الجيش السوري في معاركه ضد فصائل المعارضة.
*بين الحياد والتدخل.. موقف العراق المعقد*
مع تصاعد الأزمة، تجد الحكومة العراقية نفسها في موقف حساس، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أكد في مناسبات سابقة التزام بلاده بالوقوف مع سوريا، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن العراق لن يكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية.
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد بدوره أشار إلى أهمية الحفاظ على الأمن الإقليمي ومنع توسع دائرة الصراع. هذا التأكيد جاء خلال لقاءات مع مسؤولين دوليين وسفراء، كان آخرها مع السفير التركي الذي شدد على أهمية التنسيق لضمان استقرار المنطقة.
رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، في تعليقات له عبر منصة "إكس"، حذر من تداعيات تصاعد الأزمات في المنطقة، معتبرًا أن استمرار الأزمات الإقليمية سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله.
العبادي دعا إلى تبني حلول سياسية شاملة، تراعي تحقيق العدالة الاجتماعية وشرعية السلطة في دول المنطقة، مشددًا على ضرورة ضبط صراعات المحاور الإقليمية للحد من الانفلات الأمني.
*الحل السياسي هو المفتاح*
من جانبهم، يرى مراقبون أن الحل الأمثل للأزمة السورية يكمن في تبني مقاربة سياسية شاملة تشترك فيها القوى الإقليمية والدولية.
العراق، من جهته، قد يلعب دور الوسيط بين الأطراف المتصارعة، خاصة أنه سبق أن قدم مبادرات للوساطة بين سوريا وتركيا.
رغم الضغوط والتحديات، تؤكد الحكومة العراقية تمسكها بخيار حماية أمنها الداخلي، مع استعدادها للمساهمة في أي جهود دولية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في سوريا.
في السياق ذاته، يرى د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، أن الوضع الحالي يعكس مأزقاً معقداً تواجهه الحكومة العراقية في ظل الضغوط الإقليمية والتحديات الأمنية المتزايدة، مضيفًا، يدرك العراق أهمية الحفاظ على سيادته وحماية حدوده، لكنه يواجه ضغطاً مباشراً من فصائل مسلحة موالية لإيران تطالب بموقف داعم للنظام السوري، وهو ما يضع بغداد أمام خيارات حساسة بين تلبية المطالب الإقليمية وضمان الاستقرار الداخلي.