غزة ولبنان.. قصص النزوح والهروب من ويلات الحرب

غزة ولبنان.. قصص النزوح والهروب من ويلات الحرب

غزة ولبنان.. قصص النزوح والهروب من ويلات الحرب
النازحين اللبنانيين

منذ اندلاع الاشتباكات العنيفة بين حزب الله و إسرائيل في سبتمبر 2024، زادت موجات النزوح من لبنان باتجاه سوريا بشكل ملحوظ، حيث دفعت الغارات الجوية الإسرائيلية والتصعيد العسكري مئات العائلات اللبنانية إلى مغادرة مناطقهم الجنوبية والشمالية هربًا من العنف المتصاعد بشكل خاص في الضاحية الجنوبية.

أصبحت المناطق الجنوبية من لبنان، ولا سيما بالقرب من الحدود مع إسرائيل، مسرحًا رئيسيًا للقصف الإسرائيلي، الذي استهدف منشآت تابعة لحزب الله والبنية التحتية اللبنانية، مما خلق حالة من الذعر وسط المدنيين.

بالإضافة إلى ذلك، تحولت مناطق في شمال لبنان إلى نقاط تصعيد جديدة بعد تدخلات إسرائيلية إضافية، مع عدم توفر ممرات آمنة بشكل كافٍ، كانت سوريا الخيار الأقرب والمتاح للكثير من النازحين، رغم التحديات التي قد يواجهونها هناك.

مسارات النزوح الأصعب


العديد من النازحين اتخذوا من الحدود اللبنانية السورية في منطقة البقاع نقطة عبور رئيسية، هناك، وجد النازحون أنفسهم في مواجهة أوضاع معقدة، حيث إن الأزمة الإنسانية داخل سوريا نفسها لم تُحل بعد.

والعائلات الفارة غالبًا ما تحاول البحث عن مأوى لدى أقارب أو في مخيمات غير رسمية، كما شهدت المعابر الحدودية ازدحامًا، ما خلق تحديات لوجستية كبيرة للمنظمات الإنسانية.

النازحون، وخاصة الأطفال والنساء، يعانون من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية مثل الطعام، المياه النظيفة، والرعاية الصحية.

وتعاني العديد من العائلات من ظروف صحية سيئة بسبب تدهور الخدمات العامة، فيما تقوم منظمات محلية ودولية بتقديم المساعدات الطارئة، إلا أن الموارد تبقى محدودة أمام الأعداد المتزايدة.

عودة النازحين الإسرائيليين


وكانت إسرائيل قد أعلنت أن إعادة سكان شمالي البلاد، الذين نزحوا جراء تبادل إطلاق النار عبر الحدود مع حزب الله منذ الثامن من أكتوبر الماضي، إلى منازلهم، تعد "أولوية"، معتبرة أن مواجهة حزب الله، المصنف على لوائح الإرهاب في أميركا ودول أخرى، ضروري للقيام بذلك، رغم الدعوات الدولية للتهدئة.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، قد اعتبر، الثلاثاء، أن بلاده تواجه واحدة من "أخطر المحطات" في تاريخها، مع نزوح نحو مليون شخص جراء "الحرب المدمرة" التي تشنها إسرائيل.

التحديات أمام سوريا


رغم استقبال سوريا للنازحين، فإنها تواجه تحديات كبيرة في استيعاب أعداد إضافية من اللاجئين بسبب الأزمة المستمرة منذ أكثر من عقد. البنية التحتية السورية المتضررة تعيق تقديم الدعم الكافي للنازحين الجدد. كما أن النزاع الداخلي في سوريا يزيد من تعقيد هذه الأوضاع.

وحتى الآن، تحاول المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي تأمين ممرات آمنة وتقديم الدعم العاجل للنازحين، لكنهم يطالبون بضرورة تكثيف الجهود الدولية للتعامل مع الأزمة المتفاقمة.

والكثير من النازحين والمصابين المدنيين، عانوا الكثير من الويلات والمآسي منذ أن كثف الجيش الإسرائيلي قصفه وهجماته، وفي مدرسة بالقرب من منتجع عاليه الجبلي، على بعد حوالي 20 كيلومترا من بيروت، وزعت مؤسسة "أنيرا" الخيرية ومقرها واشنطن، المراتب وغيرها من الإمدادات.

ويقول الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية، أيمن الرقب، إن الوضع الحالي يمثل تحديًا كبيرًا للبنان وسوريا على حد سواء، والنزوح الناتج عن التصعيد العسكري يفاقم من الأزمات الإنسانية والاقتصادية في المنطقة، الضغط على الحدود السورية-اللبنانية يتزايد، وسوريا ليست في وضع يسمح لها بتحمل عبء إضافي من اللاجئين، خاصة في ظل الأزمة المستمرة منذ سنوات، المجتمع الدولي بحاجة إلى التدخل العاجل لتوفير الدعم الإنساني ومنع وقوع كارثة إنسانية.

ويضيف الرقب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن ما نشهده هو حلقة جديدة من حلقات الصراع بين إسرائيل وحزب الله، والذي يدفع المدنيون ثمنه دائمًا، ولبنان يواجه صعوبات كبيرة في توفير الدعم الإنساني للنازحين داخليًا، وسوريا كذلك تعاني، المخاوف الآن تتزايد بشأن قدرة المنظمات الدولية على الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا، في ظل تصاعد القصف وتوسع العمليات العسكرية. هناك حاجة لوقف فوري للأعمال العدائية وفتح ممرات آمنة".

بينما يرى الباحث السياسي اللبناني طوني حبيب، أن النزوح الجماعي نحو سوريا هو نتيجة مباشرة لسياسة القصف الشامل التي تعتمدها إسرائيل في إطار الضغط على حزب الله. 

ومع تصاعد هذه العمليات العسكرية، يتوقع المزيد من النزوح. الجانب الأمني في لبنان هش، وفي حال استمرار التصعيد، قد نجد أنفسنا أمام أزمة تتجاوز اللاجئين الحاليين لتشمل سكانًا من مناطق أكثر شمالية، وهو ما قد يضغط بشكل كبير على الحدود اللبنانية-السورية.

وأكد حبيب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن الوضع معقد للغاية، فاللاجئون الذين ينتقلون إلى سوريا يواجهون ظروفًا قاسية هناك، حيث تفتقر المخيمات الموجودة إلى الدعم الكافي والموارد الضرورية. 

هذا النزوح يعكس حالة الفوضى الإقليمية وانعدام الحلول الدبلوماسية السريعة. فالحلول العسكرية دائمًا ما تؤدي إلى مثل هذه الأزمات الإنسانية، ويجب على المجتمع الدولي التحرك لمنع تفاقم الأوضاع، خاصة في ظل وجود أزمات سابقة لم تُحلّ بعد.

بينما يرى المحلل السياسي السوري، أحمد كامل، أن النزوح اللبناني يعيد إلى الأذهان ما حدث في السنوات الأولى من الأزمة السورية، ولكن بشكل معكوس.

 هذه الحركة تعبر عن الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة ككل، سوريا نفسها، التي كانت وجهة للاجئين لسنوات طويلة، تجد نفسها الآن مجبرة على استيعاب المزيد من الفارين، رغم أن الأوضاع فيها ما زالت غير مستقرة. الأمر يتطلب تنسيقًا أكبر بين الأطراف المعنية لضمان سلامة هؤلاء النازحين وتوفير احتياجاتهم الأساسية.