العراق.. أزمات المناخ دمرت الرقعة الزراعية والخطر يبدأ من الجنوب
تضرب أزمات المناخ العراق دمرت الرقعة الزراعية والخطر يبدأ من الجنوب
يعيش العراق في حالة من عدم الاستقرار على المستوى السياسي وكذلك البيئي، ويومًا تلو الآخر تزداد أزمة الجفاف والعطش تفاقمًا لتحيل آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية إلى أرض عقيمة تكسوها التشققات بعد أن هجرتها مياهها.
أزمة المناخ
يظن الكثير من الناس أن التحذيرات العالمية من التغير المناخي والجفاف الذي سيضرب قريباً العديد من الدول حول العالم، لن تطالهم وأنهم بمنأى عن تلك الكوارث البيئية، إلا أن العديد من العراقيين بدؤوا يتلمسون هذا الخطر الداهم، فقد بدأ الجفاف وشح المياه يهدد ملايين العراقيين، وأراضيهم الزراعية، وأظهرت صور مروعة التقطت من مناطق مختلفة سواء في دهوك (شمالاً) أو محافظة ذي قار جنوبي البلاد، جفافا قاحلا وتربة متعطشة، وأنهارا منحسرة، كما بين تصوير جوي بالقرب من سد دهوك، بقايا قرية غاري كسروكة التي عادت إلى الظهور جزئيًا مؤخرًا مغمورة بالمياه، إثر انخفاض كبير في منسوب السد بسبب الجفاف، بعد أن هُجرت عام 1985، بحسب ما أفادت وكالة فرانس برس.
الجفاف يلتهم الجنوب
الجفاف ضرب أكثر من 70 قرية جنوب العراق، وتسبّب الانخفاض الكبير في مياه نهر الفرات بجفاف بعض روافده وحرمان ثلث محافظة الديوانية جنوباً مما يكفيها من المياه للاستخدامات اليومية فيما توقفت عشرون محطة تصفية للمياه عن العمل، كما أفاد مسؤولون محليون، بينما بات العديد من السكان في تلك القرى ينتظرون مرور صهاريج الماء التابعة للمحافظة، مرةً أو مرتين في الأسبوع، لتزويدهم بما يعوّض القليل من النقص الذي يعانون منه، يشار إلى أن العراق أضحى بسبب الارتفاع المستمر في درجات الحرارة وتزايد نقص المياه من عام لآخر، بين أكثر خمس دول في العالم عرضة لتأثيرات التغير المناخي، وفقا للأمم المتحدة، حيث واجهت "بلاد الرافدين" مؤخراً انخفاضاً كبيراً في مستوى مياه نهري دجلة والفرات، وهو ما تعزوه السلطات العراقية إلى سدود تبنيها إيران وتركيا زادت من تفاقم أزمة المناخ، فأصبحت الهجرة المناخية أمراً واقعاً في البلاد، بحسب ما أكد تقرير لمنظمة الهجرة الدولية نشر في أغسطس، فحتى مارس 2022، نزحت أكثر من 3300 عائلة بسبب "عوامل مناخية" في عشر محافظات في الوسط والجنوب، والسبب "شحّ المياه، أو الملوحة المرتفعة فيها، أو نوعية المياه السيئة".
دجلة والفرات
يعتمد العراق على نهري دجلة والفرات لتوفير ما يتجاوز الـ80 في المئة من احتياجات الشعب سواء كان مياه شرب أو زراعة، وتتكفل الأمطار والآبار الارتوازية والمياه الجوفية بباقي النسبة، الجفاف في العراق بدأت تظهر مؤشراته في مناطق الجنوب العراقي عند نهر ديالى الذي يغذي عبر إمدادات نحو 18% من خزين نهري دجلة والفرات، ما تسبب في هلاك آلاف الأفدنة الزراعية من البساتين الممتدة على الجانب الشرقي من البلاد، وكانت مراكز ومؤسسات بحثية متخصصة في خصوبة التربة والتغيرات المناخية، قد كشفت في دراسات معمقة أن العراق يخسر نتيجة الجفاف وانحسار المياه نحو 100 ألف دونم -الدونم ألف متر مربع- سنوياً، ويبلغ طول نهر الفرات من منبعه في تركيا حتى مصبه في شط العرب أقصى الجنوب العراقي، 2940 كيلومتراً منها 1176 كيلومتراً في تركيا و610 كيلومترات في سوريا و1160 كيلومتراً في العراق، فيما ينبع نهر دجلة من جبال طوروس جنوب شرقي الأناضول في تركيا ويعبر الحدود السورية التركية، ويسير داخل أراضي سوريا بطول 50 كيلومتراً تقريباً، ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند قرية فيشخابور الحدودية.