ضربة فوردو.. إيران تكشف لأول مرة ما جرى للموقع النووي

ضربة فوردو.. إيران تكشف لأول مرة ما جرى للموقع النووي

ضربة فوردو.. إيران تكشف لأول مرة ما جرى للموقع النووي
إيران

في خطوة نادرة تكسر الصمت الذي أحاط طويلاً بواحدة من أكثر المنشآت حساسية في إيران، أعلنت طهران لأول مرة عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بمنشأة "فوردو" النووية، بعد الضربات الأمريكية الأخيرة. 

المنشأة، المحصنة تحت الجبال قرب مدينة قم، لطالما كانت رمزًا لتعقيد المشروع النووي الإيراني، وهدفًا دائمًا للشكوك والتهديدات الدولية، لكن الضربة الأخيرة، بحسب ما كشفته طهران، قد تكون قد أصابت قلب البنية النووية للنظام.

أضرار جسيمة.. وإرباك في التقييم

الاعتراف الإيراني بوقوع "أضرار جسيمة وفادحة" في منشأة فوردو ليس مجرد اعتراف تقني، بل هو إشارة ضمنية إلى أن الضربة لم تكن عابرة. 

ورغم محاولات التعتيم السابقة، فإن التصريحات الجديدة تكشف أن تقييم الخسائر ما يزال جاريًا، وأن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية لم تتمكن بعد من تقديم تقرير نهائي عن مدى التعطيل الذي لحق بالبنية التحتية للموقع.

الإشارة أن "لا أحد يعرف بالضبط ما الذي حدث"، تعكس حالة من الإرباك داخل النظام الإيراني، الذي يبدو أنه لم يكن يتوقع أن تصل الضربة إلى هذا الحد من التأثير، أو أن تحدث هذا الكم من الضرر في منشأة تعتبر من الأكثر تحصينًا في البلاد.

فوردو.. المنشأة التي أقلقت العالم

ومنذ الكشف عن وجودها في عام 2009، شكلت منشأة فوردو أحد أبرز بؤر التوتر بين إيران والمجتمع الدولي. تصميمها تحت الأرض، وقدرتها على تخصيب اليورانيوم بنسبة مرتفعة، جعلها نقطة حساسة في مفاوضات الاتفاق النووي. 

بالرغم من تعهدات إيران السابقة بتحويل نشاطها إلى الأغراض السلمية، فإن الشكوك حول استخدامها العسكري ظلت حاضرة، وزادت حدتها مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018.

الضربة الأميركية، وفق التصورات الاستراتيجية، كانت تهدف إلى كبح أي احتمالات لتطوير قدرات تسليحية نووية. 

يبدو أن فوردو، تحديدًا، كانت هدفًا رئيسيًا لما تم اعتباره "رسالة عسكرية شديدة اللهجة" موجهة لطهران.

الصراع بين التهويل والتهوين


في الوقت الذي تتحدث فيه إيران عن أضرار جسيمة، تشير تقارير دولية متقاطعة، أن دوائر القرار في واشنطن تلقت مؤشرات على أن طهران تحاول تقليل حجم الخسائر عند مخاطبة الداخل والخارج. 

التناقض في الروايات يعكس صراعًا واضحًا بين رواية تهدف إلى إظهار التماسك الداخلي الإيراني، وأخرى تسعى لكشف هشاشة البرنامج النووي تحت الضغط العسكري.

وقد أدت هذه الحالة إلى حالة من الضبابية، لا سيما في ظل غياب تقارير مستقلة أو معلومات مفتوحة يمكن الاعتماد عليها لتقدير حجم الأضرار بدقة.

 ومع ذلك، فإن مجرد خروج طهران عن صمتها واعترافها بالضربة، يفتح الباب على مصراعيه أمام أسئلة أكثر حساسية عن مصير المشروع النووي برمته.

ما بعد فوردو.. مستقبل الغموض النووي

الضربة التي استهدفت فوردو قد لا تكون النهاية، بل بداية لمعادلة جديدة، فهي تضع إيران أمام تحدٍ وجودي في مشروعها النووي، لا سيما إذا تأكدت خسائر غير قابلة للتعويض في البنية التحتية أو الأنظمة التقنية الحساسة. 

كما أنها تظهر أن الحسابات العسكرية ضد المواقع النووية الإيرانية لم تعد مجرد تهديد، بل واقع ينفذ بدقة عالية.

في المقابل، قد تدفع هذه الضربة إيران إلى مراجعة استراتيجياتها، سواء عبر تسريع العمل في منشآت بديلة، أو تعزيز التحصينات، أو ربما استغلالها كورقة تفاوضية للعودة إلى الطاولة من موقع المتضرر، لا من موقع المهدد. 

ويقول الكاتب المتخصص في الشأن الإيراني، محمد شمص: إن ما حدث في فوردو ليس فقط ضربة عسكرية، بل ضربة موجهة لرمزية الردع النووي الإيراني، وفقًا والمنشأة كانت تقدم من طهران كدليل على قدرتها على الصمود أمام أي تهديد، وما جرى كشف هشاشة تلك الصورة. 

ويضيف شمص -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن إيران انتقلت من مرحلة المناورة إلى مرحلة الدفاع الاستراتيجي، خاصة مع الاعتراف الرسمي بوقوع أضرار جسيمة في موقع يفترض أنه محصن ضد أي اختراق، وحالة الارتباك في التصريحات الإيرانية تشير إلى وجود صدمة استخباراتية داخل النظام نفسه، فهناك فجوة واضحة بين حجم الأضرار الفعلية وما كانت تتوقعه طهران من قدرات منظومتها الدفاعية.