خيارات إسرائيل في مواجهة إيران.. من الهجوم المحدود إلى الضربات النووية
خيارات إسرائيل في مواجهة إيران.. من الهجوم المحدود إلى الضربات النووية
في ظل التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، تواجه تل أبيب خيارات متعددة للرد على الهجوم الإيراني الأخير الذي لم يسفر عن خسائر بشرية إسرائيلية، لكن آثاره النفسية كانت عنيفة وتحتاج من وجهة النظر الإسرائيلية إلى ردٍ مدروس.
تتباين الآراء داخل الحكومة الإسرائيلية وبين المعارضة حول طبيعة هذا الرد، وتتراوح السيناريوهات من الهجمات المحدودة إلى الضربات الكبيرة على المنشآت النووية الإيرانية.
*الهجوم الإيراني وتأثيره المحدود*
شهدت إسرائيل مؤخرًا هجومًا صاروخيًا إيرانيًا لم يتسبب بخسائر بشرية أو مادية كبيرة، لكنه أدى إلى حالة من الذعر بين المواطنين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى الملاجئ.
لم تستهدف الصواريخ الإيرانية المنشآت الاستراتيجية، مما قد يخفف من حدة الرد الإسرائيلي المحتمل، ورغم توقع هذا الهجوم بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران، فإن إبلاغ إيران للولايات المتحدة مسبقًا عن الهجوم يشير إلى محاولتها تجنب التصعيد الكبير.
في الداخل الإسرائيلي، تتباين وجهات النظر حول طبيعة الرد، فعلى الرغم من اتفاق المسؤولين على ضرورة أن يكون الرد "قويًا جدًا"، إلا أن هناك اختلافات كبيرة حول كيفية تنفيذه.
وزير الدفاع الأسبق بيني غانتس دعا إلى رد قوي ومنسق إقليمياً مع الولايات المتحدة والدول الأخرى، بينما يطالب وزير الدفاع الأسبق وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان بضرب المنشآت النفطية والنووية الإيرانية بشكل مباشر، ويرى في ذلك ضرورة حاسمة لاستعادة الردع الإسرائيلي.
من جهته، اعتبر وزير الرياضة والثقافة من حزب "الليكود"، ميكي زوهار، أن الهجوم الإيراني يشكل "بداية النهاية للنظام الإيراني"، في حين رأى وزير المالية وزعيم حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، أن إيران ستندم على هذه اللحظة، مضيفًا أن الضربة المقبلة قد تستهدف جميع حلفاء إيران في المنطقة.
*تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي*
في بيان رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، أشار إلى أن إسرائيل أثبتت قدرتها على التصدي للهجوم الإيراني بفضل دفاعها الجوي وسلوك المواطنين.
وأكد أن إسرائيل ستختار التوقيت المناسب لردها، وأن الهجوم الإسرائيلي سيكون دقيقًا ومفاجئًا، هذا التصريح يعكس توجهًا نحو رد مدروس يهدف إلى الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي دون التسرع في التصعيد.
*السيناريوهات المحتملة للرد الإسرائيلي*
من السيناريوهات المحتملة، أن تكتفي إسرائيل بهجوم محدود على أهداف إيرانية، كما فعلت بعد الهجوم الإيراني الأول في أبريل، مثل هذا الرد يهدف إلى تفادي تصعيد كبير ويعتمد على ضربات محددة، لتجنب الانخراط في حرب شاملة قد تضر بالمصالح الإسرائيلية على المدى الطويل.
*مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية*
قد تستغل إسرائيل الهجوم الإيراني كمبرر لضرب المنشآت النووية الإيرانية، خاصة في ظل ضعف حركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة وحزب الله في لبنان.
ورغم أن بعض القادة العسكريين يرون الفرصة مواتية لمثل هذا الهجوم، إلا أن قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية قد يجعل واشنطن ترفض دعم هجوم كهذا في الوقت الحالي.
*رد دولي منسق*
سيناريو آخر يتمثل في بناء تحالف دولي لفرض عقوبات أو إجراءات عسكرية ضد إيران، قد تسعى إسرائيل إلى استغلال الهجوم لتنسيق رد دولي يدفع إيران إلى التراجع عن برنامجها النووي، خاصة أن هذا السيناريو يتناسب مع الدعوات الإسرائيلية المتزايدة للتعاون مع الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين.
*هجوم شامل على إيران وحلفائها*
قد ترد إسرائيل بتوسيع نطاق هجومها ليشمل إيران وحلفاءها في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان والمليشيات الإيرانية في سوريا والعراق واليمن.
هذا السيناريو يعتمد على تفعيل الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على ضرب إيران وأذرعها الإقليمية معًا لتقويض نفوذ طهران في المنطقة.
*تأجيل الرد لما بعد الأعياد اليهودية*
من السيناريوهات المطروحة أيضًا أن تؤجل إسرائيل ردها إلى ما بعد الأعياد اليهودية، مع التركيز على ضرب حزب الله في لبنان.
يمكن أن تمنح هذه الاستراتيجية إسرائيل الوقت الكافي لتنسيق تحرك دولي أو الحصول على دعم أمريكي قبل التصعيد الكبير مع إيران.
*التحديات والتوقعات*
من جانبه، قال د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، في الوقت الذي تبدو فيه إسرائيل عازمة على الرد على الهجوم الإيراني، تواجه عدة تحديات تجعل من أي قرار يتطلب دراسة دقيقة.
وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، ترغب تل أبيب في الحفاظ على الردع العسكري دون الانجرار إلى صراع طويل الأمد قد يؤثر على الأمن الداخلي والاقتصاد.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، من جهة أخرى، يتطلب أي تحرك كبير تنسيقًا مع الولايات المتحدة والدول الغربية لتجنب توجيه اتهامات بإشعال صراع إقليمي قد يؤثر على استقرار الشرق الأوسط ككل.
وأوضح فهمي، أن السيناريوهات المحتملة أمام إسرائيل للرد على الهجوم الإيراني تتنوع ما بين هجوم محدود على أهداف إيرانية إلى توجيه ضربة كبيرة للمنشآت النووية أو التنسيق لرد دولي منسق.
ومع وجود توجهات مختلفة داخل القيادة الإسرائيلية حول شكل الرد، يبقى الحسم بيد الحكومة الإسرائيلية ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي سيحدد الخيار الأمثل للرد على القصف الإيراني العنيف على إسرائيل.