على دروب النزوح.. انهيار الأمن يفاقم معاناة السوريون في حلب
على دروب النزوح.. انهيار الأمن يفاقم معاناة السوريون في حلب
وسط دوامة الصراع السوري المستمر، تتفاقم الأزمات الإنسانية التي تحاصر المدنيين في مدينة حلب والمناطق المحيطة بها، النزوح، الذي بات مألوفًا في المشهد السوري، أعاد تشكيل حياة الآلاف في الأيام القليلة الماضية، حيث فرّت العائلات من أحياء المدينة، متأرجحة بين الخوف من الغارات والقصف العشوائي وتداعيات الاقتتال المستمر.
على مدى ثلاثة أيام، أكدت مصادر محلية بأن العائلات نزحت داخليًا في المدينة وخارجها، سعيًا إلى الأمان بعيدًا عن مناطق النزاع.
هذا التحرك، رغم هدوئه النسبي، يشير إلى حالة عامة من القلق والهلع من تداعيات المواجهات التي اجتاحت المناطق الغربية للمدينة.
نزوح داخل المدينة وخارجها.. معاناة بلا مفر
النزوح في حلب اتخذ أشكالًا متعددة قبل وصول الفصائل المعارضة إلى المدينة، لجأت عائلات عديدة إلى الأحياء الشرقية مثل "الشيخ مقصود"، بينما اتجهت أخرى نحو مناطق الساحل السوري، حمص، ودمشق.
وفقًا لشهادات السكان، كان الطريق الرئيسي عبر حمص مزدحمًا، ما دفع البعض إلى اتخاذ طرق أطول وأكثر أمانًا عبر خناصر، وصولًا إلى حماه وحمص.
يقول، هاشم محمد: إنه اختار مغادرة منزله مع أسرته باتجاه دمشق بسبب المخاوف من تصاعد المعارك. يقول محمد: "لم أشهد نزاعًا مباشرًا، لكن تجربتي السابقة مع المضايقات اليومية كانت كافية لدفعنا للرحيل، هربًا من أي مخاطر مستقبلية".
في المقابل، لجأت فاتن إبراهيم المقيمة السابقة بحي الجميلية، إلى مناطق سيطرة "قسد"، وأكدت أنها لم تتعرض لانتهاكات خلال رحلتها، لكنها فضّلت الابتعاد عن دائرة الصراع حفاظًا على سلامة أطفالها. وتشير إلى أن منظمات مدنية قدمت مساعدات غذائية وطبية، ما ساهم في تخفيف المعاناة خلال الأيام الأولى من النزوح.
الطلاب والموظفون.. رحلات محفوفة بالتوتر
الظروف المعيشية المتدهورة دفعت أيضًا مئات الطلاب والموظفين إلى مغادرة المدينة، ليلة أمس، وصلت دفعات من الطلاب إلى محافظة السويداء بعد رحلة طويلة استغرقت 16 ساعة.
أحد الطلاب تحدث عن التأخير الكبير بسبب التفتيش الأمني المكثف في الكراجات، لكنه أكد أن الرحلة، رغم صعوبتها، كانت خالية من الانتهاكات.
من جانبه، أعرب رئيس غرفة صناعة حلب، فارس الشهابي، عن إحباطه من الأوضاع عبر منشور على "فيسبوك"، معتبرًا ما حدث في المدينة استسلامًا دون مقاومة، ما أثار تساؤلات عديدة حول كيفية سقوط المراكز الحكومية بيد المعارضة دون مواجهة تُذكر.
المرصد يوثق الخسائر والتبعات
وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الاشتباكات المسلحة والغارات الروسية أسفرت عن مقتل 255 شخصًا، معظمهم من العسكريين، بالإضافة إلى 24 مدنيًا قُتلوا جراء القصف.
هذه الإحصائيات تسلط الضوء على التحديات التي يواجهها المدنيون يوميًا في ظل التصعيد العسكري.
أحد النازحين الذين وصلوا إلى دمشق تحدث عن تجربته على طريق أثريا – خناصر، قائلًا: "كان الطريق هادئًا لكن طويلًا ومرهقًا، ولم نتعرض لأي هجوم"، يقول النازح، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، مضيفًا الحرب اشتعلت بشكل مفاجئ ولم نرغب في المخاطرة وانتظار ما ستسفر عنه الأمور لذلك فضلنا النزوح فورًا إلى أماكن أكثر أمانًا.
تحليل الوضع الإنساني.. مخاوف طويلة الأمد
من جانبه، يقول المحلل السياسي السوري، عمر كوش: إن الأوضاع في حلب تعكس أزمة أكبر تتخطى الحدود الجغرافية للصراع السوري، مضيفًا: النزوح ليس سوى جانب واحد من المأساة.
وأضاف كوش - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، الظروف الاقتصادية المتردية، انعدام الأمن الغذائي، وقلة الموارد الطبية تزيد من معاناة السوريين.
وتابع: في ظل هذه الظروف، يظل المجتمع الدولي مطالبًا بتقديم دعم حقيقي للسكان المتضررين، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو الضغط لإيجاد حلول سياسية للأزمة.