باكستان تتأهب والحدود تشتعل.. هل بدأت طبول الحرب تدق؟

باكستان تتأهب والحدود تشتعل.. هل بدأت طبول الحرب تدق؟

باكستان تتأهب والحدود تشتعل.. هل بدأت طبول الحرب تدق؟
الأزمة الهندية الباكستانية

تعيش باكستان أجواء من الترقب المشوب بالتوتر بعد تحذيرات رسمية من احتمال وشيك لتوغل عسكري هندي على أراضيها، على خلفية تصاعد التوترات في كشمير.

التصريحات الصادرة عن وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف جاءت في أعقاب هجوم دموي أودى بحياة العشرات من السياح، ما أجج مشاعر الغضب في الهند ودفعها إلى التلويح برد عسكري، وبينما تتبادل القوتان النوويتان الاتهامات كعادتهما في هذه البقعة المتوترة، تؤكد إسلام أباد استعدادها الكامل للتعامل مع أي تصعيد، مع وضع خطوط حمراء لاستخدام ترسانتها النووية، المشهد، الذي تتداخل فيه الحسابات السياسية بالمخاوف الأمنية، يهدد بزعزعة الاستقرار الإقليمي بأسره، وسط غياب مؤشرات حقيقية على التهدئة.

*رفع درجات الاستعداد*


في خطوة تنذر بتدهور خطير في العلاقات بين الجارتين النوويتين، أعلنت الحكومة الباكستانية عن رفع درجة الاستعداد العسكري إلى أقصى مستوياتها، تحسبًا لاحتمال توغل عسكري هندي وشيك. 

وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، في تصريحاته لوكالة "رويترز"، أشار أن الجيش الباكستاني "اتخذ قرارات استراتيجية مهمة" لمواجهة التطورات المحتملة، مؤكدًا أن الوضع الأمني الراهن يتطلب أعلى درجات اليقظة.

ويأتي هذا التصعيد في أعقاب الهجوم المسلح الذي وقع الأسبوع الماضي في كشمير، وأسفر عن مقتل 26 شخصًا من السياح الهنود، ما أثار صدمة قوية في الداخل الهندي ودفع حكومة نيودلهي إلى تصعيد خطابها ضد إسلام أباد، التي تُتهم تقليديًا بدعم جماعات متطرفة تنشط في الإقليم المتنازع عليه.

وبينما سارعت الحكومة الباكستانية إلى نفي أي علاقة لها بالهجوم ودعت إلى تحقيق دولي محايد، بدا أن الاتهامات الهندية هذه المرة تحمل نبرة أكثر حدة مما سبق.

بحسب وزير الدفاع الباكستاني، فإن المؤسسة العسكرية أطلعت القيادة السياسية على "مؤشرات مقلقة" تفيد بإمكانية تنفيذ الهند عملية عسكرية محدودة أو موسعة ضد أهداف باكستانية.

رغم أن تفاصيل الخطط الهندية المفترضة لم تُكشف رسميًا، إلا أن مراقبين يرون أن التصعيد الكلامي قد يتحول سريعًا إلى عمل ميداني في ظل الضغوط الداخلية التي تواجهها حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بعد الهجوم.

*الردع النووي*


في السياق ذاته، أكدت باكستان أنها ستظل ملتزمة بسياسة الردع النووي، ولكنها لن تستخدم أسلحتها الاستراتيجية "إلا إذا تعرض وجودها نفسه لخطر داهم"، بحسب ما شدد عليه آصف.

التصريحات تحمل رسالة مزدوجة: تطمين للمجتمع الدولي من جهة، وتحذير للهند من مغبة تجاوز الخطوط الحمراء من جهة أخرى.

المخاوف تتزايد، خصوصًا أن كشمير لطالما كانت بؤرة تفجير للصراعات المسلحة بين البلدين. فقد خاضت الهند وباكستان ثلاث حروب رئيسية منذ استقلالهما في عام 1947، اثنتان منها بسبب النزاع على كشمير.

وفي السنوات الأخيرة، ورغم الاتفاقات الهشة لوقف إطلاق النار، لم تتوقف الاشتباكات الحدودية والاتهامات المتبادلة.

*تحذيرات دولية*


وتحذر تقارير استخباراتية غربية من أن أي تصعيد عسكري، حتى لو كان محدودًا، قد يخرج سريعًا عن السيطرة بسبب الطبيعة الحساسة للعلاقات بين البلدين وعدم وجود آليات اتصال فاعلة للطوارئ.

كما أن تدخل أطراف دولية، سواء من واشنطن أو بكين، يبدو ضروريًا لتفادي انزلاق الوضع إلى مواجهة شاملة ذات أبعاد كارثية.

في هذه الأثناء، تنشغل باكستان أيضًا بجبهة داخلية مضطربة، مع تحديات اقتصادية خانقة وتوترات سياسية متزايدة، ما يجعل احتمالات قدرتها على تحمل ضربة عسكرية كبيرة موضع تساؤل.

على الجانب الآخر، تواجه الحكومة الهندية ضغوطًا متنامية من الرأي العام تطالب بالرد القاسي على الهجوم، ما قد يدفعها إلى خيارات تصعيدية رغم المخاطر.

ومع استمرار التصعيد الإعلامي والدبلوماسي، تترقب العواصم العالمية التطورات بحذر بالغ، خشية أن يشهد جنوب آسيا مجددًا واحدة من أخطر الأزمات في تاريخه الحديث.

*كارثة إقليمية محتملة*


من جانبه، يرى الدكتور محمد المنجي، أن التصعيد الأخير بين الهند وباكستان يُعد أخطر مواجهة وشيكة منذ سنوات، محذرًا من أن أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى كارثة إقليمية.

ويضيف المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن "طبيعة العلاقة المتوترة المزمنة بين البلدين، والمشحونة بالموروثات القومية والدينية، تجعل كشمير برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة".

ويؤكد أن "غياب قنوات اتصال عسكرية مباشرة، وارتفاع منسوب الضغوط الشعبية والإعلامية في الهند، يرفعان احتمال أن تلجأ نيودلهي إلى عمل عسكري محدود قد ينزلق إلى مواجهة أوسع".

أما عن الترسانة النووية، فيحذر المنجي من أن "التلويح باستخدام السلاح النووي، ولو مشروطًا، يزيد من هشاشة الوضع ويعقد فرص الوساطة الدولية".

ويختم تحليله بالتشديد على أن "التدخل المبكر من القوى الكبرى، خصوصًا الولايات المتحدة والصين، بات ضروريًا لضبط التصعيد وضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة".