محلل سياسي سوداني: الحرب عطلت الدولة والأوبئة تضرب ما تبقى من المجتمع

محلل سياسي سوداني: الحرب عطلت الدولة والأوبئة تضرب ما تبقى من المجتمع

محلل سياسي سوداني: الحرب عطلت الدولة والأوبئة تضرب ما تبقى من المجتمع
الحرب السودانية

طيشهد السودان واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، حيث تتداخل تداعيات الحرب المستمرة مع انتشار الأوبئة لتشكّل معاناة يومية لملايين المواطنين. 


فمع اتساع رقعة النزوح الداخلي وتراجع الخدمات الصحية إلى أدنى مستوياتها، ارتفعت معدلات الإصابة بالكوليرا والملاريا وحمى الضنك بشكل غير مسبوق، وسط عجز المستشفيات والمراكز الطبية عن الاستجابة لاحتياجات المرضى.

تقارير المنظمات الدولية تؤكد أن أكثر من نصف السكان باتوا مهددين بانعدام الرعاية الطبية، فيما تواجه الولايات المتأثرة بالنزاعات صعوبات في إيصال الأدوية والمستلزمات بسبب القتال وغياب الطرق الآمنة.

 وتشير الإحصاءات الأولية، أن آلاف السودانيين فقدوا حياتهم جراء تفشي الأوبئة، في حين تتزايد المخاوف من وصول الكارثة إلى مرحلة الخروج عن السيطرة مع بداية موسم الأمطار، الذي يفاقم انتشار الأمراض.

وفي ظل هذا الوضع، أطلقت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية تحذيرات عاجلة من انهيار شامل للنظام الصحي في البلاد إذا لم تتدخل الأطراف المتحاربة للسماح بمرور المساعدات. غير أن الانقسام السياسي واستمرار العمليات العسكرية يعرقلان أي جهد لاحتواء الكارثة. وباتت حياة السودانيين بين نيران الحرب وأطواق المرض، في معادلة قاسية تهدد مستقبل البلاد برمته.

وقال المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد عبد الله: إن الأوضاع الإنسانية في السودان بلغت مرحلة حرجة نتيجة التقاء الحرب الدائرة مع موجات الأوبئة المتصاعدة، مؤكدًا أن ما يحدث يمثل "كارثة مزدوجة" تهدد بقاء المجتمع نفسه.

وأوضح عبد الله لـ"العرب مباشر" أن استمرار المعارك بين الأطراف المتحاربة أدى إلى شلل شبه كامل في مؤسسات الدولة، خاصة القطاع الصحي، ما جعل البلاد غير قادرة على مواجهة تفشي أمراض مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك.

وأضاف: أن المستشفيات والمراكز الطبية العاملة في الولايات تفتقر إلى الحد الأدنى من الأدوية والمعدات، بينما يحاصر النزوح الجماعي ملايين المواطنين في بيئات مكتظة تفتقر إلى المياه النظيفة وشروط السلامة.

وأشار، أن الحرب لم تكتفِ بإزهاق الأرواح وتدمير البنية التحتية، بل وفرت أرضًا خصبة لانتشار الأوبئة على نطاق واسع، في ظل غياب التنسيق بين المؤسسات الرسمية والمنظمات الدولية.

 وحذر من أن تجاهل المجتمع الدولي لحجم الأزمة سيقود السودان إلى "انهيار إنساني شامل" يصعب تداركه، داعيًا إلى وقف فوري للعمليات العسكرية وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات الطبية والغذائية.