الأرض الملعونة.. نازحو السودان يرفضون العودة إلى دارفور مرة أخرى

رفض نازحو السودان العودة إلى دارفور مرة أخرى

الأرض الملعونة.. نازحو السودان يرفضون العودة إلى دارفور مرة أخرى
صورة أرشيفية

بعد عشرين عامًا من بدء الإبادة الجماعية في دارفور، يفر أطفال الناجين من موجة جديدة من العنف التي تشبه بشكل متزايد المذابح الجماعية عام 2003، ليشبّه السكان الولاية بأنها مثل الأرض الملعونة، التي نزح منها الملايين خلال كارثة 2003 وعادوا لها بعد 20 عامًا، ليُعيد التاريخ نفسه، ولكن هذه المرة مع قرار بعدم العودة مرة أخرى.

وقال أحد سكان الولاية المنكوبة الذي نزح جنوبًا: "والديّ فرا من قبل من دارفور وعادا إليها بعد انتهاء الصراع، واليوم أفر مع أولادي ولكن مع قرار بعدم العودة، فهذه الأرض تطاردها لعنة الحرب والإبادة الجماعية".

مأساة دارفور

وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بأنه مثل والديهم قبل عقدين من الزمان، تفر العائلات السودانية من بلدات ولاية دارفور بغرب السودان حيث يُعيد التاريخ نفسه على نفس الأرض فيما يبدو أنها هجمات منسقة، تاركين وراءهم أفراد عائلاتهم الذين قُتلوا.

مرة أخرى، يقولون إنهم مستهدفون من قِبل المسلحين بسبب خلفيتهم غير العربية، حيث تم إطلاق النار على بعض الرجال والفتيان على الفور إذا اعترفوا بالانتماء إلى جماعة المساليت العرقية، وفقًا للناجين، وقد لا يتمكن الفارون من العودة أبدًا.
في مخيم أدري الضيق للاجئين في تشاد المجاورة، كان عصام محمد البالغ من العمر 11 عامًا يخبئ شقيقته البالغة من العمر 13 شهرًا، فمنذ عشرين عامًا، فقدت والدة محمد، فاطمة، والديها في الإبادة الجماعية، والآن فقد محمد أيضًا والدته.

وتابعت الصحيفة: إنه في ظل موجة البكاء يتذكر محمد اللحظة التي فقدت فيها والدته الحياة الشهر الماضي، أطلق قناص النيران عليها مباشرة في غرب دارفور، على بعد أميال قليلة من الحدود، وكانت آخر كلماتها التي تهمس لمحمد: "من الآن فصاعدًا، أنت مسؤول عن أختك الصغيرة".

في المقابلات، شارك أكثر من عشرين ناجيًا في هذا المخيم وغيره من مخيمات اللاجئين روايات مماثلة، ما أضاف إلى مجموعة متزايدة من الأدلة التي تشير إلى أن دارفور تواجه موجة جديدة من التطهير العرقي للمرة الثانية خلال 20 عامًا، ما جعل الكثيرين يتخذون قرارا بعدم العودة مرة أخرى إلى هذه الأرض التي وصفوها بـ"الملعونة".

قتل مستهدف

وأشارت الصحيفة إلى أن المنطقة شهدت ارتفاعًا في عمليات القتل المستهدف والتهجير القسري منذ عام 2019، لكن إراقة الدماء تصاعدت بشكل كبير بعد اندلاع القتال في أبريل في جميع أنحاء البلاد بين قوات لجنرالين سودانيين متنافسين على السلطة في العاصمة الخرطوم.

وتابعت: إنه في غضون أيام، بدأ المقاتلون في موجات قتل جديدة في منطقة المساليت أحياء في غرب دارفور، كما يقول الناجون، حيث قتل مئات السودانيين في دارفور وأماكن أخرى في أعمال العنف، نزح أكثر من 2.2 مليون شخص داخل البلاد، في حين فر حوالي 700 ألف إلى الخارج، كثير منهم إلى تشاد، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة.

تتذكر رندة عبد الله، 18 عامًا، وهي مساليت قام والداها بتربيتها في مخيم للاجئين في الجنينة، العاصمة الإقليمية لولاية غرب دارفور، بعد استهدافهم في 2003: "أخبرنا المقاتلون أنه لا مكان لنا هنا". 

وفي أبريل الماضي، شاهدت عبد الله من خلال فتحة باب والدها وهو يُقتل بعد أن أطلق قناص النار عليه خارج منزلهم، قائلة: "رأيناه يأخذ أنفاسه الأخيرة، لكننا لم نتمكن من مساعدته، كان الناس يقتلون في كل مكان حولنا".

قالت: إنها فرت من الجنينة مع حوالي 100 لاجئ، وسافروا على طرق حيث "كانت الجثث ملقاة في كل مكان". تتذكر أن القناصة قتلوا عشرين من اللاجئين في مجموعتها.

قال ناثانيال ريموند، المدير التنفيذي لمختبر البحوث الإنسانية في كلية ييل للصحة العامة، والذي يساهم في البحث في برنامج مرصد الصراع في السودان التابع لوزارة الخارجية، إنه من الواضح بشكل متزايد أن الهجمات قد تشكل جرائم ضد الإنسانية.