سقوط الإخوان في المغرب وتأثيره على التنظيمات التابعة في دول أخرى
سقوط الإخوان في المغرب وتأثيره على التنظيمات التابعة في دول أخرى
شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة تحولًا سياسيًا كبيرًا، مع تراجع نفوذ تنظيم الإخوان الإرهابي الذي كان يتمثل في حزب العدالة والتنمية.
حيث جاءت انتخابات 2024 لتكتب شهادة وفاة التنظيم في البلاد، بعد إخفاق الحزب المتكرر في العودة إلى المشهد السياسي منذ خسارته الساحقة في انتخابات 2021، هذا التطور لا يقتصر تأثيره على المغرب فحسب، بل ينعكس على التنظيمات الإخوانية في دول أخرى، خاصة في ظل التحولات الإقليمية التي تهدف إلى إنهاء نفوذ التنظيم في المنطقة.
الهزيمة الانتخابية ومسار السقوط
منذ خسارته في انتخابات 2021، ظل حزب العدالة والتنمية الإخواني يحاول إعادة بناء شعبيته واستعادة دوره السياسي.
ركز الحزب على استغلال القضايا الطارئة في الساحة المغربية، مثل التضخم الاقتصادي وارتفاع الأسعار، لكنه لم يتمكن من كسب ثقة الناخبين.
الانتخابات الجزئية التي أجريت في سبتمبر 2024 كانت بمثابة الضربة الأخيرة للحزب، حيث تعرض لهزيمة مدوية في 64 منطقة شملتها الانتخابات.
ورغم الحملة الانتخابية التي قادها الحزب، والتي تضمنت مهاجمة الأحزاب الحاكمة واللعب على ورقة الأزمات الاقتصادية، لم يحقق العدالة والتنمية أي نتائج تُذكر.
بدلاً من ذلك، استمر حزب التجمع الوطني للأحرار في تصدر المشهد الانتخابي، ما يعكس استمرار عقاب الشعب المغربي للحزب الإخواني بسبب سياساته التي أضعفت الاقتصاد وأثرت سلبًا على حياة المواطنين خلال فترتي حكمه المتتاليتين.
تراجع شعبيته وتأثير القيادة
فشل الحزب الإخواني يعود جزئيًا إلى قيادته الحالية، المتمثلة في عبد الإله ابن كيران، الذي لم يتمكن من إعادة بريق الحزب.
تصريحاته الإعلامية غالبًا ما أثارت الجدل وزادت من انقسام الشارع المغربي تجاه التنظيم، ويشير المراقبون، أن المغاربة لم ينسوا القرارات التي اتخذها الحزب أثناء وجوده في السلطة، والتي أضرت بالقدرة الشرائية للمواطنين وأثارت استياءً شعبيًا واسعًا.
تأثير سقوط الإخوان في المغرب على التنظيمات الإقليمية
سقوط الإخوان في المغرب ليس حدثًا منعزلًا، بل يأتي في سياق إقليمي يشهد تراجعًا لنفوذ التنظيم في العديد من الدول العربية.
على مدى العقد الماضي، واجه الإخوان في مصر، تونس، والسودان تحديات كبيرة أدت إلى فقدانهم السلطة أو تراجع تأثيرهم السياسي.
في هذا السياق، يُنظر إلى الهزيمة في المغرب كجزء من توجه عام لإضعاف التنظيم على مستوى المنطقة. فالإخوان المسلمون يعتمدون على استراتيجية ترابطية، حيث تعزز نجاحاتهم في بلد معين من وجودهم في بلدان أخرى.
ولكن مع تراجعهم في المغرب، سيواجه التنظيم صعوبة أكبر في تقديم نفسه كقوة سياسية ذات مصداقية في أي دولة أخرى.
ويقول الباحث السياسي في شؤون الجماعات الإرهابية مصطفي حمزة: إن التنظيمات الإخوانية في دول أخرى قد ترى في سقوط حزب العدالة والتنمية تحذيرًا من الاعتماد المفرط على الخطاب الديني أو الشعارات الشعبوية دون تقديم حلول عملية لمشكلات المواطنين، كما أن تجربة الإخوان في المغرب تسلط الضوء على أهمية الالتزام بمبادئ الحكم الرشيد، حيث إن فشل الحزب في إدارة الشأن العام كان العامل الرئيسي وراء تآكل شعبيته.
وأشار حمزة - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، بإنه قد تتأثر التنظيمات الإخوانية في دول مثل الأردن واليمن، حيث ما زالت تحاول الحفاظ على نفوذها السياسي وسط تحديات محلية وإقليمية، ومع رؤية إخفاق نظرائهم في المغرب، قد تضطر هذه التنظيمات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها والعمل على تقديم برامج سياسية أكثر جدية تتجنب الأخطاء التي وقعت فيها الفروع الأخرى.
بينما يرى الباحث في شؤون جماعة الإخوان طارق البشبيشي، إن التراجع المتزايد لنفوذ الإخوان يعكس توجهًا إقليميًا نحو تقليص دور الحركات السياسية ذات الطابع الأيديولوجي، لصالح توجهات أكثر براغماتية واستقرارًا.
وأضاف البشبيشي - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن الحكومات في المنطقة باتت تعطي الأولوية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يجعل التنظيمات ذات الخطاب الشعبوي أقل قدرة على كسب التأييد الشعبي.