الجيش اللبناني ينطلق جنوبًا: بين اختبار الاستقرار وتحديات التنفيذ

الجيش اللبناني ينطلق جنوبًا: بين اختبار الاستقرار وتحديات التنفيذ

الجيش اللبناني ينطلق جنوبًا: بين اختبار الاستقرار وتحديات التنفيذ
الجيش اللبناني

بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، بدأ الجيش اللبناني مواجهة واحدة من أصعب المهام، الانتشار في المناطق الجنوبية، وتأمين المناطق الحدودية التي كانت مسرحًا للنزاع، مهمة الجيش لا تقتصر فقط على سد الفجوة الأمنية بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، بل تشمل أيضًا تطهير المناطق من مخلفات الحرب وضمان عودة المدنيين بأمان. وفي خضم هذه التحديات، تسابق الحكومة اللبنانية الزمن لتجنيد وتدريب دفعات جديدة من الجنود، وسط ضغوط لتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 وتوسيع الوجود العسكري في منطقة جنوب نهر الليطاني. 


*تحديات الانتشار العسكري في الجنوب*


كشف وزير الدفاع اللبناني موريس سليم عن الخطة الاستراتيجية لنشر الجيش في الجنوب، مشيرًا إلى أن المهمة تتطلب إعدادًا مؤسساتيًا وتدريجيًا. وأوضح الوزير أن الجيش سيبدأ بتطويع 1500 عسكري كدفعة أولى، يتبعها ثلاث دفعات لاحقة، بهدف تعزيز الوحدات الحالية ورفع جاهزيتها، وفقًا لـ"وكالة الأنباء اللبنانية".
وقال الوزير إن الجيش يعمل ضمن هيكل تنظيمي دقيق يتألف من ألوية وأفواج وكتائب وسرايا، لافتًا إلى أن تدريب المتطوعين سيستغرق ثلاثة أشهر قبل توزيعهم على الوحدات الميدانية.
وأكد أن الانتشار سيتوسع تدريجيًا ليشمل المناطق التي ستنسحب منها القوات الإسرائيلية وفقًا للاتفاق. 

*الدور الأمني واللوجستي*


بالتوازي مع تعزيز الوحدات العسكرية، سيواكب الجيش اللبناني عودة المدنيين إلى المناطق الآمنة، مع التركيز على إزالة المخاطر الناتجة عن مخلفات الحرب. وقد حذر الجيش من التسرع في العودة إلى المناطق الحدودية، داعيًا إلى الالتزام بإرشادات القوات المنتشرة لتفادي وقوع إصابات أو خسائر بشرية. 


وأوضح وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، أن الجيش سينشر 5 آلاف جندي إضافي في الجنوب كجزء من الاتفاق، ما يرفع العدد الإجمالي للقوات إلى نحو 10 آلاف عسكري جنوب نهر الليطاني.

وأضاف أن خطة الانتشار ستستكمل خلال 60 يومًا، بالتزامن مع انسحاب إسرائيل التدريجي إلى ما وراء "الخط الأزرق".

*تطبيق القرار الدولي 1701*


يمثل تطبيق القرار 1701، الصادر عن مجلس الأمن في 2006، تحديًا إضافيًا للجيش اللبناني. القرار ينص على نشر 15 ألف جندي جنوب نهر الليطاني بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، لضمان استقرار المنطقة ومنع التصعيد العسكري. 


وفي هذا السياق، أقر مجلس الوزراء اللبناني تمويل عملية تجنيد الجنود الجدد في السادس من نوفمبر الجاري، بناءً على قرار سابق اتُخذ في أغسطس الماضي. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز القدرات اللوجستية والبشرية للجيش، لتلبية متطلبات القرار الأممي وضمان سلامة الحدود. 



*إمكانات الجيش اللبناني في مواجهة التحديات*


وفقًا لموقع "غلوبال فاير باور"، يبلغ قوام الجيش اللبناني نحو 160 ألف فرد، منهم 60 ألفًا في الخدمة الفعلية، و35 ألفًا ضمن قوات الاحتياط، و65 ألفًا في قوات شبه عسكرية. ويحتل الجيش المرتبة 118 عالميًا من بين 145 جيشًا. 


ورغم محدودية الموارد، يسعى الجيش اللبناني للقيام بدور محوري في حفظ الأمن جنوب البلاد، بدعم من المجتمع الدولي. ويتطلب هذا الدور تحسين البنية التحتية العسكرية، وتأمين التمويل اللازم لتغطية تكاليف التجنيد والتدريب والتجهيز. 

*التحديات الأمنية والمستقبل*


من جانبه، يقول اللواء محمد عبدالواحد، الخبير الاستراتيجي، إن الجيش اللبناني يواجه تحديات كبيرة على صعيد الانتشار في الجنوب، لكنه أكد أن "الأولوية يجب أن تُمنح لتأمين المناطق الحدودية التي كانت مسرحًا للصراع".


ويضيف عبدالواحد - في حديثه لـ"العرب مباشر" -أن المهمة تتطلب ليس فقط تجهيزات عسكرية وموارد لوجستية، ولكن أيضًا استراتيجية واضحة لإزالة مخلفات الحرب التي تشكل خطرًا دائمًا على السكان.


وأشار الخبير الاستراتيجي، إلى أن الدعم الدولي للجيش اللبناني ضروري، ليس فقط من خلال المساعدات اللوجستية، بل أيضًا عبر تقديم تدريب متخصص للقوات على التعامل مع سيناريوهات معقدة.


وأكد أن "التعاون مع قوات اليونيفيل سيعزز الاستقرار، لكن على الجيش أن يكون قادرًا على تحمل مسؤولياته الأمنية بشكل مستقل خلال السنوات المقبلة".